المراسل-تتسائل صحيفة الإندبتندت البريطانية في عددها الصادر اليوم 8 ديسمبر 2012 عن مدى صحة المخاوف و التكهنات الغربية بإمكانية إستعمال النظام السوري لأسلحة كيمياوية ضد "شعبه". كما تتسائل الصحيفة نفسها عن الوقت الذي اختاره الغرب و حلفاؤه لإطلاق صيحات الفزع هذه و التي يسميها كاتب المقال "بالكذبة الكبرى" التي كلما كبرت كلما صدقها الناس. و بلهجة هازئة يقول الكاتب أن مطلقي هذه الصيحات لا يمكنهم تحديد موقع سوريا على الخارطة نظرا لقلة كفائتهم، فهم يسمون أنفسهم خبراء لكنهم لم يستطيعوا التكهن بهجمات 11 سبتمبر، و تكهنوا بإمتلاك صدام حسين الرئيس العراقي السابق لأسلحة كيميائية، وهو ما تبين لاحقا أنه "كذبة كبرى". و إن كان هذا الفشل مقصودا أم لا بحجة أنه كذبة، فهو يسقط عن هؤلاء الخبراء، الذين يسميهم كاتب المقال "مصادر عسكرية مجهولة"، كل مصداقية. و يشير روبرت فيسك كاتب المقال أن الغرب يميل إلى تصديق أن حافظ الأسد استعمل السلاح الكيميائي لقمع معارضيه في حماه سنة 1982، لكن ذلك لم يحدث حسب رأي الكاتب الذي يؤكد أنه كان آنذاك في حماه و شاهد بعينيه مجازر من النظام في حق معارضيه، و من المعارضين في حق مساندي النظام، لكنه لم يشم رائحة السلاح الكيميائي و لم يرى جنودا يرتدون خوذات واقية من التسمم. آنذاك، استُعمل السلاح الكيميائي في بلد قريب من سوريا دون إدانة غربية، و يعني فيسك بذلك استعمال نظام الرئيس العراقي السابق للسلاح الكيميائي ضد إيران، و بمباركة غربية. فالغرب هم من زودوا النظام العراقي بالسلاح الكيميائي و أداروا ظهورهم لضحياه، "لكن مصادرنا العسكرية" أخطأت التقدير و اعتبرت أن ذلك حدث في حماه، "لكنني و منذ 30 سنة أحوار مواطنين من حماه و لم يؤكد لي أي منهم أن حافظ الأسد كان قد استعمل السلاح الكيميائي"، كمايقول الكاتب. و يقول الكاتب أن المنطق الغربي يبنى على معادلة: "حافظ الأسد استعمل سلاحا كيميائيا ضد شعبه، و عليه فإن ابنه سيفعلها ثانية، ألم تكن تلك هي المعادلة التي بموجبها احتللنا العراق؟ هل سنعيدها ثانية؟ ها أن النظام السوري على وشك أن يتهم بجريمة لم يقترفها بعد، رغم بشاعة ما قام به إلى حد الآن?" و يضيف الكاتب: "عندما استعمل صدام الأسلحة الكيميائية، ألقت مصادرنا باللائمة على إيران" و في ذلك إشارة إلى أن الغرب سيتخذ موقفه من الأسلحة الكيميائية الموجودة في سوريا بشكل يستجيب لمصالحه. و يسخر فيسك من وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قائلا: "السيدة كلينتون عبرت عن خوفها من وقوع الأسلحة الكيميائية في أيدي غير أمينة، و كأنها الآن في الأيدي الأمينة !! لكن الأسد لن يغضب أسياده في روسيا الذين نصحوه بعدم استعمال هذه الأسلحة. أتعرفون من هو أو بلد استخدم السلاح الكيميائي في الشرق الأوسط؟؟ إنهم نحن البريطانيون، و ذلك في حربنا ضد الأتراك سنة 1917، و تحديدا في منطقة سيناء".