المراسل-تونس - اتهم رئيس الحكومة التونسية السابق الباجي قائد السبسي الحكومة التي تقودها حركة النهضة بأنها "تنتهج سياسة الحزب الواحد"، وشدد على أن التجاذبات بين صلاحيات رئيس الجمهورية منصف المرزوقي ورئيس الحكومة حمادي الجبالي "زجت بالبلاد في مشهد سياسي لا يشجع على استكمال مسار عملية الانتقال الديمقراطي". وقال السبسي الذي أسس مؤخرا حزب "نداء تونس" خلال حديث ل "إذاعة اكسبرس اف أم" التونسية إن المواطن التونسي "لم يشعر بعد بأن آليات الانتقال الديمقراطي متواصلة" مضيفا "لم يتم إلى حد الآن تفعيل اللجنة الخاصة بتنظيم الانتخابات وسن قانون انتخابي جديد". وتأتي انتقادات السبسي وسط حالة من التشنج السياسي والاحتقان الاجتماعي تسود الرأي العام التونسي نتيجة إصرار الحكومة على احتكار الحياة السياسية واستفرادها ب "إدارة" المرحلة الإنتقالية ما دفع بالفاعلين السياسيين بالدعوة إلى "تشكيل حكومة وحدة وطنية" والإقرار بأن هناك "أزمة سياسية" تستوجب تشريك كل القوى لإنقاذ البلاد من الأوضاع المتردية على حد تعبير الأمينة العامة للحزب الجمهوري مية الجريبي. وشهدت تونس أزمة سياسية حادة نتيجة التجاذبات حول الصلاحيات بين منصف المرزوقي وحمادي الجبالي "الذي أهان المرزوقي أكثر من مرة بعد أن أمعن في اتخاذ قرارات سيادية دون موافقة رئيس الجمهورية" حتى أن "رئيس حركة وفاء" عبدالرؤوف العيادي وصف المرزوقي ب "السياسي الفاشل". وقرر المرزوقي إجراء سلسلة من اللقاءات مع المسؤولين في أحزاب المعارضة ومع نشطاء وممثلي المجتمع المدني في خطوة للتأكيد على أنه "قادر على ممارسة صلاحياته" وأنه "ليس رهينة لدى النهضة" كما يصفه عدد كبير من السياسيين بل هو "ناشط حقوقي شرس ومناضل من أجل تحقيق أهداف الثورة قبل أن يكون رئيسا للجمهورية". لكن قائد السبسي وجه لحكام تونس الجدد سواء قي قصر قرطاج أو في قصر القصبة نقدا لاذعا مشددا على أن الائتلاف الحاكم الذي تقوده النهضة لا يقدم مشهد مشرف يليق بالثورة واستحقاقاتها. وردا على "عداء" رئيس حركة النهضة للحزب الدستوري الذي قاد فترة الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي وأسس دولة الاستقلال المدنية لم يتردد السبسي في القول إن "حركة النهضة موجودة الآن في الحكم بفضل الحزب الدستوري والمكاسب التي أنجزها منذ الاستقلال". ومنذ تأسيسه ل "حركة نداء تونس" أصبح قائد السبسي يتمتع بثقل سياسي يتوقع المراقبون أن يعيد رسم الخارطة السياسية ليضع حدا لحالة الاستقطاب السياسي ويحقق التوازن، الشيء الذي اثار حفيظة حركة النهضة التي تراجعت شعبيتها نتيجة فشلها في إدارة مرحلة الانتقال الديمقراطي بروح توافقية. ولاحظ أن تكوين "حركة نداء تونس" جاء لاستكمال إنجاح مسار الانتقال الديمقراطي مؤكدا أنه "يدافع على عدم إقصاء التونسيين من المشاركة في الحياة السياسية وفق مفاهيم المواطنة". واعتبر السبسي أن ما يعيشه المشهد السياسي من تجاذبات "بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة" لا يشجع على استكمال عملية بناء المسار الانتقالي الديمقراطي. واضاف "علينا وضع خارطة طريق تكون محل توافق من أجل إنجاح عمل الحكومة باعتبار أن الموجود حاليا هو المضي قدما في سياسة الحزب الواحد". وانتقد نزعة الحكومة للهيمنة على الحياة السياسية قائلا "إن روح الديمقراطية ليس الانتخابات بل توفير الظروف الملائمة للتداول السلمي على السلطة وهذا ما ينقصنا حاليا". واوضح "حركة نداء تونس تسعى لتكريس هذه العقلية الديمقراطية عن طريق قوانين واضحة وليس عن طريق الأقوال". واتهم السبسي الحكومة بسوء إدارة مؤسسات الدولة ملاحظا أن "بأن الدولة أخلت بواجباتها الأمنية عن طريق ترك بعض الميليشيات تهدد الأمن العام للبلاد والمواطن" في إشارة واضحة إلى صمت الحكومة تجاه العنف السياسي الذي تمارسه المجموعات السلفية انتهاكاتها المتعددة لحرية الرأي والتعبير. وأعرب قائد السبسي عن خشيته من "التزام النهضة بتعهداتها وخاصة بصياغة الدستور الجديد وإجراء الانتخابات في ربيع 2013". ولفت إلى أن "شرعية الحكومة تنتهي بانتهاء عمل المجلس التأسيسي الذي مازال إلى حد الآن لم يتقدم في أعماله" مضيفا "لم يقع إلى حد الآن تحديد تاريخ معين للانتخابات". ومنذ إعلانه عن تأسيسه ل "حركة نداء تونس" يتعرض السبسي إلى هجمة تقودها حركة النهضة على شبكة التواصل الاجتماعي لتشويه مبادرته بعد أن استشعرت أن رجل بورقيبة أصبح يهدد دور رئيس الحركة راشد الغنوشي. ووصف المستشار السياسي لرئيس الحكومة حمادي الجبالي وعضو المكتب السياسي لحركة النهضة لطفي زيتون حركة نداء تونس بأنها "حركة فاشية انتهازية" غير أنه اعترف بأن "حركة نداء تونس تضم الآن مئات الآلاف وغدا سيرتفع العدد إلى مليونين". ويقول سياسيون ونشطاء إن الحكومة "تتلكأ" في "الالتزام بتعهداته حول استكمال مسار المرحلة الانتقالية من أجل كسب الوقت بما يساعدها على توفير حظوظ الفوز في الانتخابات فيما تطالب المعارضة المجلس التأسيسي بإنهاء صياغة الدستور والإعلان عن موعد إجراء الانتخابات.