ما هي انتظارات المعارضة من مؤتمر حركة «النهضة» وكيف تترقب حصاد هذا المؤتمر خصوصا في ضوء الحديث بشكل لافت للنظر عن التوافق وإمكانية توسيع دائرة الائتلاف الحاكم واحتمال صعود قيادة جديدة وقيام الحركة برؤية تقييمية لأدائها وللوضع السياسي في البلاد في هذه المرحلة؟ وتتوجه الأنظار اليوم إلى قصر المعارض بالكرم حيث تختتم أشغال أول مؤتمر علني لحركة النهضة بالمصادقة على اللوائح وانتخاب رئيس للحركة وأمين عام ومكتب سياسي جديد للحركة.
ويعتبر متابعون للشأن السياسي أنّ القيادة الجديدة لحركة النهضة ستتحرك في أريحية وأفق جديد مستمد من شرعية انتخابية جديدة وهامة وثقة القواعد والمناضلين، ويأخذ هذا التحرك في الاعتبار الواقع السياسي وطبيعة العلاقة مع الشركاء في الحكم والشركاء في بناء مسار الانتقال الديمقراطي، فما هي تطلعات أحزاب المعارضة وما هي الرسائل التي تلقتها من مؤتمر أجمع مراقبون على انه أثبت قوة الحركة وتنظّمها وإمساكها بمقاليد الأمور وبالسيطرة على المشهد السياسي في البلاد ؟
الحق... والباطل
واعتبر أمين عام حركة الشعب عضو المجلس الوطني التأسيسي محمد براهمي أنّ الكل يتحدّث اليوم عن التوافق الذي أصبح للأسف كلمة حق أريد بها باطل، قائلا «نحن محتاجون فعلا للتوافق ولكن التوافق على ماذا؟ هل على برنامج إنقاذ وطني أم على خراب؟»
وأوضح براهمي «إذا كان التوافق على الخيار الأول وعلى برنامج إنقاذ حقيقي للبلاد فنحن معه بل نحن جسر لا بدّ من عبور هذا التوافق عبره، ونحن مستعدّون للتوافق حول برنامج إنقاذ أمّا التوافق على أساس تقاسم الكعكة فهذا لن ندخل تحت سقفه».
وأكّد القيادي في حزب العمال التونسي الجيلاني الهمامي أن حزبه ليس لديه انتظارات خصوصية من مؤتمر النهضة وهو يعتبر أنه مناسبة لإعادة ترتيب الأمور الداخلية وربما معالجة بعض الخلافات التي ظهرت في المدّة الأخيرة ولإبراز انها فعلا حزب الحكم.
وقال الهمامي «اعتقد انّ المؤتمر سيكون مناسبة لتأكيد الخط العام الذي تسير فيه الحركة ولا ننتظر جديدا في الخيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية». أما في علاقة المؤتمر بالمعارضة فاعتبر الهمامي أنّ النهضة لن تنجح في توسيع الائتلاف الحاكم لأن الاستقطابات اليوم واضحة وهي ثلاثة، الأول نحو الترويكا الحاكمة، والثاني نحو قطب الباجي قائد السبسي وبقايا «التجمع» والأحزاب الوسطية عموما، والثالث وهو متعثر ومشتت وهو يلتقي حول رؤية معارضة جوهرية لما يبشر به قائد السبسي ويعتبر أنه تم الالتفاف على الثورة والانحراف بأهدافها.
تساؤلات
وأكّد محسن مرزوق (حزب حركة نداء تونس) أن حزبه الذي يقوده الباجي قائد السبسي ليس له أي انتظارات من مؤتمر النهضة لأنه مؤتمر حزب يفترض أن قواعده هي التي تضع انتظارات وأهدافا خاصة، قائلا «ولكن إذا اعتبرنا ان النهضة حزب من الأحزاب الوطنية فإن انتظاراتنا من مؤتمرها ومن مؤتمرات غيرها من الأحزاب أن يكون في مستوى المرحلة وأن يكرّس السعي إل أن يكون الدستور الجديد ديمقراطيا وتوافقيا» مبديا امتعاضه لما سماه السعي الرديء إلى تكريس النظام البرلماني.
وأضاف مرزوق ان «النقطة الثانية تتعلق بالانتخابات حيث بدأت أصوات على المستوى الدولي ومن بينها مركز «كارتر» تقول إن هناك شكّا في أن الحكومة التونسية ترغب في إجراء انتخابات شفّافة ونزيهة، وهذه رسالة خطيرة، وأعتقد ان ما قاله الرئيس المنصف المرزوقي مؤخرا يوفر خارطة طريق يمكن الاتفاق عليها وطنيا، أما الكلام الذي سمعناه من رئيس الحكومة حمادي الجبالي حول القانون الانتخابي الجديد فهو غير مطمئن البتّة».
وتابع مرزوق قوله «نريد مؤشرات حقيقية على العمل من أجل الديمقراطية ولكن ما نراه هو مؤشرات زلات اللسان» في إشارة إلى عبارة الجبالي في افتتاح مؤتمر الحركة «الدكتاتورية الناشئة» بدلا عن الديمقراطية الناشئة.
وأضاف مرزوق «لا أتوقع تغييرات جوهرية لأنه إذا كانت هناك تغييرات لظهرت مؤشرات عليها، ونحن في انتظار معجزة إن حصلت سنرد عليها بعشر أمثالها». وختم مرزوق بالقول «ما سمعته لم أر فيه شيئا مطمئنا بل رأيت غرورا والخطاب الوحيد الذي سمعت فيه حكمة كان من خالد مشعل الذي تحدث عن توافقات سياسية وعن أن شرعية الصندوق لا تكفي.