المراسل-هشام سليني 7 جويلية2012 يا معشر العقول الحكيمة ذو البصائر المستنيرة، إسمعوا وعوا... أخاطب فيكم رجاحتكم وكمال فكركم وسلامة منطقكم... أخاطبكم لأنكم وحدكم القادرون على الفهم والإدراك والتمييز والتحليل والمعرفة وتقدير الأمور حق قدرها وخاصة لأنكم معشر العقول لا تسلمون بغير المعقول ولأن قناعاتكم ترتكز على التفكير والمنطق... أجيبوني بالله عليكم، أي منطق في حجاب الرأس؟ وأي ضرر في إنكشاف الشعر؟؟ وأي مصلحة في تغطية المرأة لشعرها وحجبه عن عيون الناس؟؟؟هل يعقل أن الشعر مصدر فتنة ومحرك للشهوة الجنسية؟؟ وهل هذا غباء أم إستغباء؟؟؟ ومن منا يثار جنسيا لرأية شعر؟؟؟ أما ولله فإن العيب ليس في الشعر، وإنما هو في العقول الجامدة، المتحجرة، المتوقفة عن العمل والممتنعة عن التسائل والتفكير والتمحيص والقياس والتمييز... إن العيب في العقول العاطلة، تلك العقول الخمولة، الكسولة الناقلة والمسلمة بما ترومه العاطفة أو الغريزة بغير تثبت أو تدقيق... تلك هي العقول الميتة عمليا والعيب فيها وعليها هي وحدها واجب الإحتجاب والإختفاء والإندثار والخرس... وليتها تكف عنّا أصوات جهلها وتخلفها... ما تبعت طيلة حياتي غير قناعاتي، وما قبلت بغير الذي يستجيب له العقل ويرتكز على المنطق، وحيث أني أؤمن بأن الإسلام ما أنزل إلا خيرا للإنسان وتحقيقا لمصلحته وبأن الله غني عن عبادتنا له وبأن حكمته تتجلى في أوامره ونواهيه وليس ينهانا الله عن شيء إلا لما به من ضرر وليس يأمرنا بفعل شيء إلا لما فيه من مصلحة لنا وخير نحققه أو شر نتقيه...، وقد سلمنا بأن الحشمة والتستر لها ما يبررها وتتحقق المصلحة من ورائها، وهذا لا ينطبق علينا وحدنا، فكل شعوب العالم كاسية عوراتها ولكل منها أذواقها وتقاليدها في اللباس وقد كان آدم عليه السلام وحواء يستران عوراتهما بأوراق الشجر ولم يكن على الأرض غيرهما، زوج وزوجة ولا من رقيب عليهما من البشر... إذن فالسترة غريزة متأصلة في الإنسان وعززتها الأديان وبررتها الشرائع السماوية وكذلك الوثنية غير أن ستر العورة شي، وستر الشعر شيء آخر، فليس الشعر بعورة وجب سترها بحجاب قماشي، وكم من رجل أرسل شعره واعتنى به فكان في طوله ونعومته ومضهره أشبه بشعر المرأة بل وأبهى، فهل يجب عليه الحجاب؟؟ وكم من إمرأة أو فتاة قصير شعرها كشعر الرجل، لا ترسله ولا تسدله، بل ومع قصره قد يكون مجعدا بشع المنظر عديم الجمال، فهل يكون حجاب شعرها سترا لبشاعته؟؟ إذن فليس جمال الشعر سببا لحجبه وليس طوله أيضا والشعر هو الشعر عند المرأة أو الرجل، سواءا طال أم قصر ولبعض الحيوانات شعر أيضا ولست أدري إن كان لشعرها أي تأثير جنسي عليها أو أي دور في تزاوجها،وإن كان له دور ما، فهذا لا ينطبق حتما على الإنسان إن المدعين بوجوبية الخمار يستندون في إدعائهم للآية الكريمة :{ وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن }، وحيث أن إدعاء فرضه غير منطقي، فإن هذا يدفع العقول الحية للبحث في معاني الأية الكريمة وتنزيلها في سياقها الزمني ووضعها في إطارها المكاني ومعرفة أسباب تنزيلها والحكمة من ورائها... فإن هاته الآية مرتبطة بعرف كان جاريا أيام الرسول، حيث كانت النسوة يضعنا أقنعة (عادات لباس لا علاقة لها بالإسلام) على رؤوسهن تتدلى منها أخمرة كنا يسدلنها خلف ضهورهن فيبقى الصدر بارزا ولهذا جاء الأمر بإسدال الخمور على الصدور لسترها (والصدر عورة) بدلا من إسدالها على الضهر... وهكذا يتضح أن المقصد من الآية هو ستر الصدر وليس الشعر، فالصدر مثير للشهوة ومن المنطقي ستره، كما يتضح أن الأخمرة عادة لباس قديمة لمجتمع قديم له خصوصياته وفي بيئة صحراوية وحقبة زمنية غابرة... وإن الإستشهاد بهاته الآية التي تحض على ستر الصدر للتدليل على وجوبية حجاب الرأس ينم عن جهل بالدين ونقل بغير علم واستخداما للنصوص في غير مواضعها وتأويلها بغير معاناها وتوظيفها بغير حق لتفيد غير مقصدها حيث أن العقول الكسولة الناقلة، لا تفكر في منطقية ومعقولية ما تنقل من أحكام باطلة ولا تتجشم عناء البحث في معاني النصوص التي ترتكز عليها وفي سياقها وأطرها الزمانية والمكانية وأسباب نزولها ويسلمون بالمتداول بينهم على خطأ ودون إعمال للعقل وتفكير في المنطق والمقصد والمغزى إن أولائك الذين يحللون ويحرمون بغير حق ويفرضون على الناس أحكاما ما أنزل الله بها من سلطان، يفترون على الله كذبا وعلى الدين ويضلمون خلق الله ويرتكبون أعظم الذنوب وهم لا يعلمون {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ} صدق الله العطيم يا معشر العقول،إن سمعتم ووعيتهم، فلعلكم علمتم أن الشعر ماهو بعورة وان حجاب الرأس ماهو بفرض ولا ورد لفرضه أي ذكر صريح بيّن في القرآن وأن أحكام الإسلام أبعد ما تكون عن السطحية وأقرب إلى العمق في المفهوم والثراء في المعاني وأنها مليئة بالحكمة والمنفعة والمقاصد التي تفيد مصلحة الإنسان وخاصة أنها قابلة للتطور والتأقلم مع زمانها ومكانها وبيئتها وأن تغطية الرأس لا تجب على المرأة إلا أثناء الصلاة وأن القداسة التي تضفى على قطعة من قماش لتغطية الرأس ليست سوى شكل من البدع وتقديس لأنماط لباس قديمة لأقوام غابرة ذات ثقافة رعوية بدوية في الغالب وبيئة صحراوية وتقاليد مرتبطة بزمانها ومكانها وعقلية أصحابها... وقد ضلّ عن سواء السبيل من رأو في الإسلام مضاهر الأمس الغابر، فتحوّلوا لزمن غير الزمن وبيئة غير البيئة وتغرّبوا داخل أوطانهم بلحاهم الطويلة وقمصانهم وسراويلهم الغريبة ونسائهم اللاتي يجرونهم ورائهم كما تجر البغال ويخزنونهم في البيوت للخدمة و المتعة ويغلوفونهم بالسواد لأنهم لا يرون فيهن إلا: "جسدا وفتنة للرجل وأداة للشيطان ومخلوقا دونيا ليس جديرا بالتكافئ والمساوات والندية مع الرجل، وإنما خلق ليلد ويرضع ويخدم الرجل ويلبي رغباته وشهواته ونزواته مثله كمثل متاع البيت المختلفة انواعه ووظافه واستخداماته"... تلك هي نظرتهم للمرأة، فهل ترضون لنسائنا هذا الهوان؟؟؟ إن المحجبة والسافرة لا فرق بينهما إلا نمط اللباس الذي لا يضيف للإسلام شيئا ولا فضل لأحداهما على الأخرى إلا بالتقوى والعمل الصالح، فإن سمعتم وعقلتم، فلكم مني تحية تقدير وإكبار والسلام...