استوقف انتباهي مقال خاص بالخبر براس لكاتبه علي مطر و يعود فيه هذا الأخير على مؤشرات التصادم العسكري الوشيك بين القوى العالمية المتورطة في الأزمة السورية سواء دعمت المعارضة أو النظام. كاتب المقال أوضح أهمية القوة العسكرية في تحديد موازين القوى الدولية و السياسات الخارجية للدول الكبرى، كما أشار إلى عدة مظاهر لهذه الحرب الوشيكة من بينها حشد تركيا لجيوشها على الحدود مع سوريا و المناورات التي تجري بين سوريا و حلفائها... نعم، إنها الحرب، لكن ما يعاب على كاتبنا أنه لم ينظر إلى إمكانية أن تكون هذه المظاهر مجرد زوبعة في فنجان، أو بلغة أخرى، فقد تجاهل مؤشرات تجنب التصادم من قبل القوى الكبرى و التي سأحاول أن أعرج عليها في هذا المقال: أولا، يبدوا أن التصادم العسكري لن يصير بسبب تغير المعطيات الدولية و دخول الجانب التكنولوجي والمعلوماتي، والإقتصادي، و السياسي، و حتى الثقافي في تحديد موازين القوى الدولية عكس ما حصل إبان الحربين العالميتين، حيث كان الجانب العسكري هو الطاغي و هو المحدد لموازين الهيمنة، وهو ما يزال كذلك، غير أن جوانب أخرى تتدخل اليوم لتىرجيح كفة على أخرى... و قد يجرنا ذلك إلى نقطة أخرى، وهي عدم تضارب المصالح الإقتصادية الكبرى للقوى الإمبريالية، رغم تهديد الوضع السوري لمصالحها الإستراتيجية، فالصين مازالت عملاقا اقتصاديا يلتهم العالم وروسيا مازالت قوة سياسية و عسكرية يحسب لها ألف حساب والعم سام يتربع على عرش الإنسانية يذكرها بمزايا أرض لم تدر فيها الحروب حين التهم البشر بعضهم في العالم القديم.. هاته النعم قد تنتهي لو حصلت مواجهة مباشرة بين القوى الكبرى و التي لا يبدوا أنها ستحصل لأن مصالح هذه القوى لا تتضارب في الوقت الحالي... ثالثا، و منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حصلت العديد من الإضطرابات، بين الشرق و الغرب إبان الحرب الباردة جعلت بني البشر يرتعدون خوفا من حرب عالمية ثالثة لم تحصل في أنغولا ولا في الفيتنام و لا في العراق و لم تحصل في صربيا أو جورجيا كما توقع الكثيرون منذ 4 سنوات... البلدان الكبرى هي دول نووية و تعلم أشد العلم ماذا سيحصل لهذا الكوكب لو اندلعت حرب عالمية تكون منخرطة فيها أو دعوني أقول، تكون منخرطة في عملية انتحارية للحضارة البشرية كما نراها اليوم... للمعسكر الغربي حليف يسمى إسرائيل ويقع بين دول شعوبها تعاديه لأنها لا تنسى مظالمه و لو اندلعت الحرب العالمية، سيكون من الصعب على الغرب أن ينتبه إلى حليفه كما فعل في الماضي..لكن كل هذا لا ينفي إمكانية حدوث الحرب الإقليمية كما حدث في البلقان، فالقوى العظمى مازالت رهوى تحريك الجيوش و مشاهدتها تتقاتل و ستواصل نفس اللعبة في سوريا إلى أن يتحدد إسم الفائز....