ليس عسيرا على من يتردد على محلات الانترنت العمومية بصفة دورية أن يلحظ الضغوطات الهائلة التي تسلط على مالكي هذه المحلات والعاملين فيها من قبل أعوان الأمن بالزيّ المدني . المطالبة ببطاقة التعريف وأوراق ثبوتية الهوية والاصطحاب إلى مخافر الأمن بدون أدنى احترام للقانون ،بعض من تلك الممارسات التي انتهجها أعوان الأمن في تونس بأوامر مباشرة من حكامهم أو باجتهادات فردية تدل على عدائية واضحة لكل من يبحث عن مصدر للمعلومة يخالف المصادر الرسمية التي لم تعد تقنع حتى من يقف ورائها . اقتربت مني منذ يومين فقط إحدى العاملات المهذبات بمحل للانترنت تعودت التردد عليه وهمست لي بخوف: أنصحك بالمغادرة فصاحب المحل قام بطلب رجال الشرطة الآن وقد سمعته خلسة...إنهم قادمون لاصطحابك إلى مركز الشرطة القريب من هنا لاستجوابك. أجبتها في استغراب: وما الجرم الذي ارتكبته؟ فقالت بحزم:المواقع التي تبحر فيها غير قانونية كما أنك تستعمل بروكسي(Proxy) باستمرار. "غير قانونية"...بهذه العبارة يحاولون إقناعهم ليقوموا بطرد التائق للإبحار في مواقع ذات مصداقية تقدم أخبارا ذات مضمون آخر . فالموقع المحجوب في تونس أضحى غير قانوني بمجرد حجبه.ومن يستعمل البروكسي لفتحه يخالف القانون . بشرى هي طالبة وناشطة صلب الاتحاد العام لطلبة تونس تقول :لا املك الانترنت في بيتي لذلك تجدني مضطرة لاستعمال محلات الانترنت العمومية على الرغم من خطورة التردد عليها فنصف روادها من البوليس السياسي الذي يترصد الشباب لمعرفة المواقع التي يبحر فيها . لن يتمكنوا من أقناعي بأن نشرات مثل تونس نيوز وpdpأنفو و سويس أنفو غير قانونية .حجبها لا يفقدها القانونية والشرعية التي تستمدها من عدد زوارها الكبير . (ف) شاب عمره 23سنة عمل مراسلا لفترة قصيرة لموقع نضالي معروف وتعرض تبعا لذلك لهرسلة غير عادية شملت حتى أهله وإخوته . ويقول الشاب الذي رفض الكشف عن اسمه: مورس ضدي العنف المادي واللفظي بشكل مبالغ فيه ..الجرم الذي ارتكبته حسب زعمهم أنني اتصلت بوسائل إعلام تحرض ضد النظام من خارج الوطن وهو ما يعاقب عليه القانون. مواطن آخر ذاق الأمرّين من تحرشات رجال الأمن بالزي المدني في محلات الانترنت العمومية . إسماعيل دبارة مراسل موقع pdpأنفو يقول :تجد نفسك محاصرا من مالك محل الانترنت الذي ينغّص عملك البسيط عبر النات .وهو يقوم بذلك وكالة عن أعوان الأمن فتارة يقطع عنك الاتصال بالشبكة وطورا يتعلل بانقطاع الكهرباء وفي كثير في الأحيان يرفض أصلا مجرد دخولك . معز الجماعي مراسل الحوار. نت لم يسلم أيضا في السابق من المضايقات التي تعيق ممارسته لعمله الصحفي ، بل وتعرض في عدة مناسبات إلى الضرب من قبل البوليس السياسي .وقائمة الخروقات والمنع والتجاوزات تطول . الخلاصة أننا لسنا متطرفين ليمنعوا عنا الانترنت خشية الإبحار في مواقع تحث على العنف والإرهاب.كما أننا لسنا مائعين منحلّين لنبحر في المواقع الإباحية التي لم تغلق في وجوه من يطلبها للأسف. لكننّا تقدميون مناضلون نريد الحقيقة من مصادر مختلفة وليس من وجهة نظر واحدة مستهلكة أثبتت فشلها منذ زمن طويل. إذن ليكن الحق في المعلومة المختلفة حقا من الحقوق التي يدافع عنها السياسيون في تونس ،و ليكن الحق في الإبحار بحرية وأمان عبر النات-بعيدا عن التحرش والمضايقات التي لا تزيد من تستهدفه الا إصرارا على بلوغ الحقيقة- متاحا بالفعل ،عسى أن تنتهي معاناة المبحرين على الانترنت في بلد يتبجح بتطويره لخدمات الانترنت وعمله الدؤوب من أجل تعميمها على كل الفئات . منتصر التونسي