أعلن الرئيس التونسي عن مشروع قانون استتثنائي يخوّل لجزء من قادة الأحزاب السياسية الترشح للانتخابات الرئاسية المزمع عقدها نهاية عام 2009 حتى وإن لم تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها بالدستور. ونصّ هذا المشروع الذي أعلنه الرئيس زين العابدين بن علي في خطابه بمناسبة عيدي الاستقلال والشباب على إمكانية أن يترشح لرئاسة الجمهورية "المسؤول الأول عن كل حزب سياسي سواء كان رئيسا أو أمينا عاما أو أمينا أول لحزبه شريطة أن يكون منتخبا لتلك المسؤولية وأن يكون يوم تقديم مطلب ترشحه مباشرا لها منذ مدة لا تقل عن سنتين متتاليتين منذ انتخابه لها"، حسب ما ورد في البيان الذي تلاه ابن علي في قصر قرطاج. وقطع هذا المشروع الطريق أمام الأمين العام السابق للحزب الديمقراطي التقدمي ومرشحه للرئاسة المحامي أحمد نجيب الشابي الذي يشغل منذ مؤتمر حزبه المنعقد في كانون أول/ديسمبر 2006 خطة عضو المكتب السياسي مفوض العلاقات الخارجية. رغم أنه أعلن في شهر شباط (فبراير) الماضي عن ترشحه رسميا للسباق الرئاسي وانطلق في حملة من أجل حقه في الترشح بتزكية من الحزب ومجموعة من الناشطين. كما يستثني هذا المشروع الأمين العام لحزب التكتل من أجل العمل والحريات الدكتور مصطفى بن جعفر الذي سيعقد حزبه مؤتمره الأول نهاية العام الحالي. فيما حافظ على حق ستة أحزاب أخرى ممثلة في البرلمان في ترشيح أمنائها العامين. يذكر أن هذا هو القانون الاستثنائي الثالث الذي يعلن قبل دورات الانتخابات الرئاسية لتمكين قيادات أحزاب سياسية من الترشح للرئاسة. حيث ينص الدستور التونسي على أنّ الترشح لرئاسة الجمهورية يستوجب الحصول على ثلاثين توقيعا من أعضاء البرلمان أو رؤساء البلديات. وهي شروط ترقى إلى مستوى المستحيل عندما يتعلق الأمر بالمعارضين وحتى على المترشحين المستقلين، ما استوجب تدخل ابن علي في كل مرة لتوفير فرصة لبعض الأحزاب لترشيح قياداتها، عبر تعديلات استثنائية في الدستور. وكان آخر تحوير قد جرى في العام 2004 ونصّ على أقدمية فترة خمس سنوات في الهيئة القيادية للأحزاب تم تقليصها لعامين هذه المرة مع اقتصارها على الأمناء العامين ورؤساء الأحزاب، فيما يعتبر لدى بعض المراقبين استهدافا للمعارضين الشابي وابن جعفر. وكان الشابي قد بدأ حملة في البلاد من أجل حقه في الترشح للانتخابات الرئاسية للعام 2009 بدعم من هيئة متابعة متكونة من بعض وجوه المجتمع المدني. وقال المحامي عياشي الهمامي عضو هيئة المتابعة لمساندة ترشح الشابي للرئاسيات في تصريح خاص ل"قدس برس"، منتقدا التعديلات المعلنة من قبل الرئيس ابن علي: "ما زلنا نعيش بعد خمسين سنة من الاستقلال بقوانين صالحة لمرة واحدة تتعلق بأهم مؤسسات الدولة"، موضحا أن ذلك "دليلا على فشل النظام التونسي في إقامة دولة ديمقراطية حقيقية". ووصف الهمامي هذا القانون الاستثنائي الجديد بأنّه "لا دستوري يعتدي على حق الشعب في الاختيار وإقصائي يرفض المنافسة الحقيقية". بيد أن المبادرة الجديدة التي أعلنها ابن علي مكّنت أوّل امرأة في تونس وهي الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي السيدة مية الجريبي من إمكانية الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة. وهو ما قد يدفع لإعادة النظر في الأيام القادمة داخل الحزب الديمقراطي التقدمي في مبادرة أمينه العام السابق نجيب الشابي بالترشح. غير أنّ عياشي الهمامي عضو هيئة مساندة ترشح الشابي أكّد أنّ الموقف المبدئي داخل مجموعته هو "رفض هذا القانون الانتقالي ومواصلة النضال من أجل أن يشمل حق الترشح جميع من يأنسون في أنفسهم الكفاءة لذلك".