أجمعت شهادات منتخبي المنطقة وسكانها بأن الزيوت التونسية تتدفق يوميا وبكميات معتبرة لتموين العائلات كتعويض عن الزيوت المحلية التي وصل سعرها إلى 800 دينار لصفيحة بسعة 5 لترات، بل وتجاوزها في أقصى النقاط الحدودية 900 دينار. وتوقفت ''الخبر'' في 3 محطات حدودية متباعدة لدى بعض العائلات وتجار صناعة الحلويات الشعبية ''الزلابية'' على نوعيتين من زيت المائدة التونسي، الأولى ذات الرائحة الكريهة، كما يصفها سكان المنطقة، وهي المستخرجة من لحوم حيتان البحر معبأة في براميل كبيرة وتباع بتجزئة اللتر وسعر دلو بسعة 5 لترات 350 دينار. أما النوعية الثانية، والتي يكثر عليها الطلب فهي نباتية، في عبوات زجاجية ملزمة بالاسترجاع، وتفرّغ هي الأخرى في دلاء بسعة 5 لترات بسعر 400 دينار. ونظرا للرواج الواسع لهذه الزيوت وأسعارها، فإن تسويقها وصل إلى البلديات الداخلية مثل القالة ومدينة الطارف عاصمة الولاية. وحسبما علمناه، فإن كل من مصالح مديرية التجارة والجمعية الولائية لحماية المستهلك لم يتحركا لمعاينة هذه المادة للتأكد من شروطها الصحية وصلاحية استهلاكها. وتبقى أمام كل هذا، مكاتب الوقاية الصحية للبلديات الحدودية تنتظر التعليمات الولائية، كما كشف عنه أطباء يترأسون هذه المصالح، للتحرك، في غياب الاهتمام المحلي بتداول استهلاك هذه الزيوت وسط 52 ألف عائلة، أي ما يعادل 110 ألف نسمة، يمثلون قرابة ثلث سكان الولاية. ودون تحفّظ، يتحدث الجميع في الوسط الشعبي والرسمي بالبلديات الحدودية عن نشاط مقايضة زيوت المائدة التونسية بمادة المازوت التي يتداول تهريبها إلى الضفة التونسية المقابلة، مقابل سعر يتراوح بين 25 إلى 30 دينارا جزائريا للتر الواحد من المازوت، الذي ينقل بواسطة البراميل على الأحمرة ليلا عبر المسالك الجبلية ذات التضاريس الوعرة التي تبقى في منأى عن مراقبة حراس الحدود. ومثل هذا النشاط يستقطب عشرات الشباب من سكان المنطقة، الذين يعانون البطالة الخانقة التي فاقت الأرقام القياسية في تقييم المصالح الاجتماعية للبلديات الحدودية حددتها ب 58 بالمائة. وحسب المتتبعين للتهريب الحدودي بمن فيهم المسؤولون، فإن ارتفاع أسعار المواد الغذائية حوّل أنظار سكان الشريط الحدودي إلى الأسواق الأسبوعية التونسية المجاورة والتي يقصدها آلاف المواطنين الجزائريين بطرق شرعية وغير شرعية في الدخول والخروج، من أجل التموين الغذائي الذي يناسب قدرتهم الشرائية.