تطالعنا وكالات الأخبار يوميا بل كل ساعة بل كل دقيقة بأنباء جديدة الأحداث قديمة السيناريوهات طبعا مفزعها لنا و مفرحها لغيرنا. تتسابق هذه الوكلات ( التي نحترم كثيرا منها و ...) في نشر الأحداث المستجدة وكل يلهث وراء السبق الإعلامي وله الحق في ذلك. تعددت الأحداث و الأخبار حتى كدنا أن ننسى أولها بآخرها. ولكن الخبر المتكرر يوميا حتى استعاض بعضنا به عن فطوره الصباحي هو اكتشاف شركات أجنبية - وأغلبها ...و بمباركة عربية- لآبار من الدماء المسلمة يقع تفجيرها و بدون هوادة هنا و هناك, حتى ثارت الحيوانات مطالبة باكتشاف دمائها وتفجيرها بدلا من دماء هؤلاء الأبرياء وذلك شفقة و رحمة بهم لا يأسا و انتحارا كما يحلو للبعض في وصف الحالة. أين نحن من هذا ؟ وهل أصبحت الحيوانات أكثر مروءة منا؟ و هل ذهبت عقولنا و بقيت بطوننا؟ أم يا ترى أن الحيوانات غافلتنا فسحبت منا عقولنا و إحساسنا و اسبدلتهم بما لديها؟ فأصبحنا و أمسينا لا نهتم إلا ببطوننا و فروجنا و أموالنا وأبنائنا وأزواجنا والذين- عند الضرورة- يمكن أن نضحي بهم لأجل مصلحة شخصية حقيرة تماما كما ضحينا بدمائنا ( عفوا القصد دماء إخواننا / عفوا مرة أخرى القصد دماء المسلمين ) !!! وهل ...؟ وهل ... ؟ وهل ...؟ بالله عليكم أجيبوني إن كانت لديكم إجابة , عفوا إن كانت لدينا إجابة !!! فهذه غزة تذبح كما ذبحت بئر ياسين و جنين و رفح وبغداد و تونس , والقائمة تطول ... و لكننا لا نتعظ , بل نحن في سبات عميق لم توقظنا منه حتى القنابل و الصواريخ و فزع الأطفال و لاحتى صرخات أخواتنا ومن قبلهم أمهاتنا من الحوامل و الثكلى والأرامل . أين ذهبت نخوة و شجاعة و رجولة الخليفة المسلم المعتصم ؟ هل ولى ذلك الزمان بدون رجعة؟ وإن كان ذلك كذلك أليس بطن الأرض أفضل لنا و أشرف من ظهرها؟؟ أفيدوني أفادكم الله !!! آه يا زمن ! آه يا زمن !! آه يا وطن !!! آه يا رجولة !!!! آه ....... ثم ........ آه ........ ثم ....... آه ...... أخشى الكلام أن يطول و أخشى الزمان أن يحول و أخشى الرجال أن تهون و لكن ورغم الداء و الأعداء فإن كل وردة حق مصيرها الظهور , و كل شوكة باطل مصيرها الإندثار و الذبول ... آه يا زمن !!! سألتني بنيتي ذات يوم عن سبب هذا الذل و الهوان و عن سبب تكالب الأمم علينا كما تتكالب الوحوش الجائعة على فريستها ؟؟؟ طأطأت رأسي وسكت وتنهدت تنهيدة كاد قلبي بسببها ينقسم قسمين من شدة وطأة السؤال , و علت فوقي غمامة سوداء لا تحمل وابلا ولا طلا و لكنها تحوي فواجع هذه الأمة , و اسودت الدنيا في وجهي و تبدل النهار ليلا . و ابنتي هناك تترقب جوابا , ولكن سؤالها أثار مواجع و آلاما حلت بي منذ زمن و لم يستطع معالجتها الأطباء بل قالوا جميعهم لم ندرس مثل هذا في الجامعات ولا الكليات و لم نخبره عند بشر !!! وبينما أنا كذلك إذ سمعت صوتا يناديني علمت في آنه أنه صوت أمي : " يا بني اذكر الله يذكرك .... يابني أنصر الله ينصرك ... يابني ............" ولكن ابنتي – التي رأيت في عينيها و ثغرها الجميل ألف بل آلاف هدى غالية يطرحن السؤال ذاته- كانت مصرة ببراءتها على سماع جواب على سؤالها وكأني بها تتهمني أنا مباشرة . تلعثمت و تترددت ولما هممت بإجابتها خنقتني العبرات فلم أستطع كلاما وحاولت مسك دموعي ولكن دون جدوى , فانهمرت و كأني بدموعي تبكي لبكائي فتضاعفت الدموع وكأني بها جاءت لتسقي أمرا ما ... و تزيل غيره ... حاولت اخفاء دموعي خوفا على حبيبتي من الفزع فهي لم ترني قبل هذا أبكي و تحسب أنني لن أبكي لأني رجل البيت و حاميه !!! هل تصورها هذه في محله يا ترى ؟؟؟ و لإصرارها قلت لها وقد تصبب العرق مني خجلا من نفسي أن الزمن رديء و أن الزمن ظالم وسوف يأتي زمن العدل و الحرية و لسوف ينجلي الظلام و يتبعه الفجر سراعا. و رغم عدم اقتناعها بالجواب فقد هرعت لمسح دموعي بعد أن بكت لبكائي !!! هل اقتنعتم أنتم بجوابي , أم أن الرداءة تكمن فينا و الزمن منها براء ؟؟؟ ماذا قلتم ؟؟ عفوا لم أسمعكم جيدا ؟؟ اللهم اغفر ل الطاهر الرمه و ارحمه و تب عليه و جميع المسلمين اللهم آمين ...