تواجه الحكومة الهولندية أزمة سياسية حادة، تهدد بقاء الائتلاف الحاكم؛ إثر تفاقم الخلافات حول مواقف وسياسات والاندماج الهولندية "ريتا فيردونك"، وتوصلت الحكومة الهولندية بعد اجتماع هذا الصباح إلى أنها لا زالت تثق بالوزيرة "فيردونك". وكان البرلمان الهولندي قد عقد مساء أمس، جلسة مطولة استمرت حتى الساعات الأولي من صباح الخميس، اتسمت بالتوتر واللجاجة وسؤ الفهم، خصصت لمناقشة معالجة والاندماج لقضية النائبة البرلمانية السابقة "أيان هيرسي علي". وأدت زلة لسان من رئيس الوزراء، كما وصفها بنفسه، إلي أزمة حكومية، تهدد الاستقرار في البلاد، بعد أن تقدم الحزب الليبرالي (التقدمي) "ديموقراطيو 66" باقتراح بسحب الثقة من الوزيرة "ريتا فيردونك". وكانت والاندماج، قد أعلنت سحب الجنسية عن النائبة السابقة "أيان هيرسي علي" ثم عادت لتعلن بعد ستة أسابيع، عن إبطال الإجراء؛ بناء على قرار سابق من البرلمان، دعا الوزيرة إلي النظر من جديد وبإنصاف في ملف تجنس "أيان هيرسي علي". وقد صحب الإعلان عن احتفاظ "هيرسي علي" بجنسيتها الهولندية، توقيعها على إعلان يحملها شخصيا، مسئولية ما حدث ويبرئ الوزيرة "فيردونك" من أي تجاوز أو خطأ، مما أثار سخط النواب وامتعاضهم، مما اعتبروه لعبة مكشوفة لغسل يدي "ريتا فيردونك" من الفضيحة السياسة التي تسببت بها، وزعم نواب المعارضة في البرلمان أن "هيرسي علي" لابد أن تكون قد تعرضت لضغوط شديدة من زملائها في الحزب الليبرالي للتوقيع على الإعلان المذكور. وتمسكت السيدة "فيردونك" بإنكار ممارسة أية ضغوط على "هيرسي علي" التي وقًّعت على الوثيقة عبر الفاكس من واشنطن؛ حيث تقيم الآن. ووقعت الطامة بزلة لسان لرئيس الوزراء "بالكينينده" الذي قال ردا على سؤال لأحد النواب: "إن العذر الذي ذكرته "هيرسي علي" في إعلانها، قد صيغ بطريقة تمكن ريتا فيردونك من تفادي اللوم" وأدى ذلك إلي سخط غالبية النواب واتفاق معظمهم على أن الأمر لم يتعد لعبة سياسية سيئة الإخراج والأداء. عقب رفع الجلسة لبضع مرات للتشاور، بين الكتل البرلمانية لم يؤد إلي تفاهم، تقدم حزب اليسار الأخضر المعارض باقتراح برلماني؛ لسحب الثقة من الوزيرة "ريتا فيردونك" وأيد المقترح نواب ثلاثة أحزاب معارضة، هي حزب العمال والحزب الاشتراكي والاتحاد المسيحي، لكن الحزب الثالث والأصغر في الائتلاف الحاكم "ديموقراطيو 66" ساند المقترح أيضا؛ مما وضع الحكومة كلها في كف عفريت وخلق أزمة سياسية خانقة، قد لا تنجو منها هذه المرة. فقد أعلنت السيدة "لويزا ثان ديرلان" زعيمة الكتلة البرلمانية لحزب "ديموقراطيو 66" أن حزبها لم يعد يثق ب والاندماج"ريتا فيردونك" وعليها أن تستقيل من الحكومة وأن وزيري "ديموقراطيو 66" سيستقيلان من الحكومة، إذا لم تخرج منها "فيردونك". فيما قال رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الليبرالي الحر: إن وزراء حزبه لن يبقوا في الحكومة، إذا أجبرت "فيردونك" على تحمل مسئولية ما حدث بمفردها. يبدو أن الوقت قد اقترب، وإن لم يحن بعد تماما لنهاية أجل حكومة "بالكينيندة" الثانية التي واجهت أكثر الانتقادات حدة؛ بالرغم من أن الاقتصاد الهولندي قد نما إلى حد غير مسبوق خلال السنة الماضية، ويبشر بالمزيد من النمو وانخفاض نسب البطالة بوضوح. تسببت "ريتا فيردونك" في متاعب لا حصر لها لهذه الحكومة، وأضعفت رصيدها السياسي، وأصبحت مصدر القلق الأساسي لها، بتشددها المثير ضد اللاجئين والأجانب والتصلب القاسي في مواقفها؛ التي تفتقر للحد الأدنى من المرونة الضرورية لسياسي، وتحولها لشخص يثير الجدل والغبار حول الحكومة ليل نهار. وتعاني الحكومة أيضا من ضعف إرادتها؛ بسبب اعتمادها على حزب "ديموقراطيي 66" الليبرالي التقدمي الصغير؛ الذي يمثله في الحكومة وزيران ووزير دولة. وسبق لهذا الحزب المتقلب المزاج أن هدد استقرار الائتلاف الحاكم قبل عامين أيضا، عندما هدد بالانسحاب من التحالف إذا لم يعدل نظام اختيار عمد المدن بواسطة الملكة إلى الانتخاب الحر المباشر، وقد انتهت الأزمة باستقالة رئيس الحزب وبقاء وزرائه في الحكومة، وربما يضطر الحزب إلي ابتلاع تهديداته من جديد، ومواصلة الائتلاف بدعوى عدم إسقاط الحكومة لاستبدالها بحكومة عمالية تقصي "ديموقراطيي 66" عن أي نفوذ مؤثر. *المصدر :اذاعة هولندا العالمية *