ذكرت صحف مصرية أن هناك تحركاً متسارعاً خلال اليومين الماضيين ضد بيان الشيخ يوسف القرضاوي المندد بالجهود الإيرانية المستمرة لاختراق المجتمعات السنية لمحاولة تشييعها بما يتسبب في شق وحدة الأمة وإثارة الفتن بها ، ويقود هذا التحرك الدكتور محمد سليم العوا ، الأمين العام لاتحاد علماء المسلمين الذي يرأسه الشيخ يوسف القرضاوي ، ويبذل العوا جهوداً حثيثة لإقناع عدد من الأعضاء بالتوقيع على بيان الرد على بيان القرضاوي ، وسحب «الشرعية» عنه ، بوصفه حسب مصادر العوا لا يعبر عن منهج اتحاد علماء المسلمين أو مواقفه ، وأكدت مصادر مقربة من الشيخ يوسف القرضاوي في تصريحات ادلت بها لصحيفة «المصريون» استياء القرضاوي الشديد مما يحدث ، وأسفه من عدد من المواقف التي اتخذتها شخصيات فكرية وكتاب كانوا يعتبرون أنفسهم من تلاميذه ، بمن فيهم أعضاء باتحاد العلماء ، دون أن يتحرك أحد منهم للدفاع عن عرضه الذي استبيح بشتائم واتهامات غير مسبوقة ، مصادر قريبة من القرضاوي لم تخف قلقها من أن تفضي التحركات الجديدة إلى صدع اتحاد علماء المسلمين ، خاصة وأنه في معظم نشاطاته يعتمد على رمزية القرضاوي وحضوره والقابلية الواسعة له في أنحاء العالم الإسلامي ، وهو الحضور والاحترام والهيبة التي لا يحظى بها غيره من الأعضاء ، ولم تنف المصادر احتمال اتجاه القرضاوي إلى الانسحاب من الاتحاد على خلفية «الموقف المزري» الذي وقفه كثير من أعضائه في الأزمة الأخيرة ، من جانبه قال الدكتور محمد سليم العوا الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في تصريحات لصحيفة «المصريون» أن الاتحاد بصدد عقد اجتماع فى بيروت لمناقشة أزمة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي مع مراجع شيعية بسبب ما اعتبره هجوم الشيخ يوسف القرضاوي على هذه المراجع ، ولم يوضح العوا سبب اختيار بيروت لعقد الاجتماع ، كما أوضح في تصريحاته إن اجتماع مجلس أمناء الاتحاد سيناقش هذا الأمر بحضور جميع العلماء بما فيهم الدكتور يوسف القرضاوي وبعض هذه المراجع بصفتهم أعضاء في الاتحاد للخروج بموقف جماعي من هذه التلاسنات التي لا تفيد وحدة الأمة بل تمزقها ، وأوضح العوا أن ما نشر على لسان المراجع الشيعية بما يمس القرضاوي غير صحيح ولكن المشكلة في العوام الذين يدلون بتصريحات لهذه المراجع يتم تحريفها ، غير أنه لم يوضح سبب امتناع هذه المراجع عن توضيح كلامها إن كان غير صحيح ، كما أنه لم يذكر شيئاً عن الشتائم والاتهامات التي وجهتها وكالة الأنباء الإيرانية شبه الرسمية «مهر» إلى الشيخ يوسف وهو رئيس الاتحاد ، وما إذا كان الاتحاد سوف يصدر بياناً يندد فيه بهذا الهجوم غير المسبوق ، جدير بالذكر أن الدكتور محمد سليم العوا قد حاول قبل أشهر إنكار صدور تصريحات مماثلة للشيخ يوسف عن التغلغل الإيراني في الدول السنية وازدياد وتيرة محاولات تشييع المنطقة ، حيث نفاها واعتبرها «زلة لسان» من الشيخ ، غير أن التصريحات الأخيرة للقرضاوي أتت لتؤكد على أنها لم تكن زلة لسان وإنما تعبير عن قناعته التامة بالمخاطر التي تتهدد الأمة من التحركات الإيرانية العابثة والأموال الطائلة التي تنفق في شق وحدة الأمة. وفي تطور آخر للأزمة المشتعلة على خلفية تصريحات الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي التي حذر فيها من تنامي المد الشيعي بالمجتمعات العربية السنية ، رفع فريق من المحامين الشيعة برئاسة ابن طاهر البديوي دعوى قضائية مستعجلة ضد الشيخ المصري الأصل والحاصل على الجنسية القطرية أمام المحكمة الشرعية بالدوحة لطرده نهائياً من قطر ، وسحب جنسيتها منه. وعبر رافعو الدعوى في خطاب تقدموا به إلى أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عن احتجاجهم على تصريحات القرضاوي ، بحجة أنه يشعل الفتنة بين المسلمين ويشوه صورة الإسلام ويتطاول على المسلمين ومذاهبهم ، وطالبوا بطرده من الإمارة وسحب الجنسية القطرية منه ، «لتفادي شره» ، ولأنه ووفقاً للخطاب ليس أهلاً للحصول على الجنسية القطرية ، كما جاء بمذكرتهم. وتضمنت الدعوى اتهام القرضاوي ب «إشعال الفتنة بين المسلمين والتطاول على المسلمين الشيعة وتشويه سمعتهم والتحريض ضدهم وتكفير أتباع الطائفة الشيعية وقذفهم في خطبه وتشبيه الطائفة الشيعية باليهود والخونة والتطاول على رموز وعلماء الشيعة وإشعال الفتنة بين المواطنين السنة والشيعة في قطر» على حد قولهم. كما طالبت الدعوى بمعاقبته وتعزيره «والإسراع بقطع شره الذي يهدد قطر ، ولأنه لا يشرف الشعب القطري منحه الجنسية التي يحملها» ، كما يقول رافعو الدعوى ، الذين طالبوا في حال تعذر محاكمة القرضاوي ، بسبب شيخوخته وتقدمه في السن ، حيث يبلغ من العمر 81 عاماً إصدار قرار بالحجر عليه ، وإحالته إلى دار المسنين لرعايته ، بحجة أنه «بدأ في التخريف». وفي مصر ، أعلنت «الجماعة الإسلامية» المصرية ، دعمها للشيخ القرضاوي وعدد من مشايخ ورموز المسلمين السنة في التصدي للحرب الشرسة التي تشنها إيران وعدد من قادة الطائفة الشيعية ضد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين «لترهيبه وإسكاته عن كشف مخططاتهم لاختراق صفوف المسلمين السنة». وقالت الجماعة في بيان رداً على اتهام وكالة «مهر» الإيرانية للقرضاوي بأنه يردد ما يقوله حاخامات اليهود وأنه يتحدث نيابة عنهم وأن كلامه يصب في مصلحة الصهاينة والحاخامات ، إنها لن تذكر الشيعة فقط بتاريخهم المعروف بالتواطؤ مع الغزاة والمحتلين سواء كانوا صليبيين أو تتار أو يهود ، وإنما ستسوق العراق الخاضع للاحتلال الأمريكي مثالاً حياً على ذلك. إذ اتهم البيان ، الشيعة بالتعاون والتنسيق على جميع المستويات من الأمريكان واليهود قبل غزو العراق وأثناءه وبعده ، وأشار إلى ما فعله «جيش المهدي» و«فيلق بدر» الذي تم تدريبه في إيران من قتل وتذبيح لأهل السنة على الهوية ، وتساءل البيان «كيف تسمح الولاياتالمتحدةلإيران وحدها - دون بقية دول الجوار - بالتدخل بهذا الشكل السافر والمؤثر في الشأن العراقي الداخلي». ولفتت البيان إلى رفض جميع المراجع الشيعية وعلى رأسها علي السيستاني بإصدار بيان أو فتوى تحض على مقاومة الاحتلال الأمريكي ، بل أنها حثت أتباعها على التعاون مع الاحتلال بدلاً من مقاومته ، كما طلبت تفسيراً لاستعانة الإدارة الأمريكية واعتمادها كاملاً على الشيعة في حكم العراق وإسناد الحكم كاملاً لأتباع إيران. واتهمت «الجماعة الإسلامية» في مصر من أسمته بأحد رموز الشيعة المشهورين وهو حسن نصر الله زعيم «حزب الله» اللبناني بأنه يهاجم المقاومة في العراق ويعتبرها عنفاً وإرهاباً ، بل واعتبر المتعاونين مع الاحتلال من الشيعة بأنهم مجتهدون ومأجورون. وسخرت الجماعة من الزعم بأن المسلمين وجدوا ضالتهم في نموذج الحكم الإسلامي الرائع الذي يطبقه الشيعة في إيران والزعم بأنه لم يكن متوافراً بعد حكم النبي عليه الصلاة والسلام والإمام علي كرم الله وجهه. وقالت الجماعة إن نظام الحاكم في إيران قائم على نظرية ولاية الفقيه التي أصَّلها الخميني في كتابه «الحكومة الإسلامية» وهي نظرية وصفتها الجماعة بأنها شاذة وغريبة تخالف القرآن والسنة وإجماع الأمة وقد أنكرها علماء الشيعة أنفسهم وليس علماء السنة فقط. وأكد البيان أن نظام الحكم في إيران والنظرية القائم عليها تتسم بالديكتاتورية المطلقة والدموية والوحشية مع المعارضين وأنه حكم فردي واستبدادي أورث القتل والتخريب والتدمير ، وأن هذا النموذج في الحكم أعطى المجوس واليهود والنصارى كافة حقوقهم بينما يضطهد أهل السنة - سكان إيران الأصليين - ويقتل علماؤهم ويهدم مساجدهم وبيوتهم ويعزلهم عن الحياة العامة. واتهم الدكتور ناجح إبراهيم ، القيادي البارز ب «الجماعة الإسلامية» في تصريح لصحيفة «المصريون» ، الحرس الثوري في إيران بأنه هو الذي ساعد ومهد الطريق للاحتلال الأمريكي لغزو العراق ، وحذر الشيعة من سب الصحابة خاصة أبو بكر وعمر ، مؤكداً أنه لن يحدث توافق أبداً مع الشيعة ماداموا يسبون الصحابة.