بعدما اطاح الانقلابيون الموريتانيون في السادس من اب/اغسطس باول رئيس للبلاد ينتخب ديموقراطيا، يواجه هؤلاء راهنا تحديين كبيرين: التصدي لتنظيم القاعدة بعد تصفيته 11 جنديا واجراء انتخابات في اسرع وقت. لكن التهديد المستمر للمقاتلين الاسلاميين في بلد يقع بين المغرب العربي وافريقيا جنوب الصحراء، يدفع السلطة الموريتانية الجديدة الى محاولة الحصول على دعم الدول المانحة التي تعلق اهمية كبيرة على مكافحة الارهاب. وقد صدم البلاد السبت اعلان العثور على جثث "مقطوعة الرؤوس" تعود الى 11 جنديا ومدني، كانوا فقدوا في 14 ايلول/سبتمبر اثر مهاجمة دوريتهم قرب تورين (شمال). وكان فرع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي تبنى عبر الانترنت اعتقال هؤلاء. ولاحظ الان انتيل الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية في باريس ان "موريتانيا تشهد للمرة الاولى حادثا مماثلا، وثمة نية للتأثير في العقول". واضاف "لا تحصل الامور على هذا النحو الا في الجزائر. الانظار تتوجه اذا الى الجماعة السلفية للدعوة والقتال". حتى الامس القريب، حصرت الجماعة السلفية للدعوة والقتال عملياتها في الجزائر. لكنها اصبحت اخيرا فرعا اقليميا لتنظيم القاعدة ووسعت عملياتها في اتجاه الساحل، خصوصا موريتانيا التي تعرضت لاربعة هجمات ارهابية في اقل من عام. واعتبر عيسلمو ولد مصطفى مدير اسبوعية "تحليل ايبدو" الموريتانية ان "المجلس العسكري خرج ضعيفا (من هذا الحادث). انه اخفاق عسكري شكل مساسا بهيبة الجيش". لكنه تدارك ان الانقلابيين "خرجوا ايضا مدعومين لان الضحايا يثيرون تعاطفا على الدوام". واضاف الصحافي ان "الهدف (حاليا) هو استقطاب تعاطف الغرب" الذي "يبدي حساسية كبيرة حيال التهديد الارهابي وينحو الى تقديم تنازلات" لمساعدة الانظمة التي تواجه تهديدا اسلاميا. واجمع المجتمع الدولي على ادانة الاطاحة بالرئيس سيدي ولد الشيخ عبدالله الذي انتخب في اذار/مارس 2007، وخصوصا فرنسا والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة، ابرز الدول المانحة التي تقدم مساعدات الى موريتانيا. لكن الان انتيل رأى ان هجوم 14 ايلول/سبتمبر "سيساهم في تعزيز حجة الانقلابيين لجهة عدم التشدد في معاقبة البلاد وعزلها، وخصوصا انها تعاني عدم استقرار كبيرا من الزاوية الامنية". وتلقى المجلس العسكري برئاسة محمد ولد عبد العزيز في 18 ايلول/سبتمبر دعوة من الاتحاد الاوروبي لاجراء مشاورات حول الوضع الذي استجد بعد الانقلاب. وقد يعقد هذا اللقاء في الاسبوع الثاني من تشرين الاول/اكتوبر. ويطالب الاتحاد الاوروبي بعودة "النظام الدستوري" و"الافراج الفوري عن الرئيس" المخلوع الذي وضع في الاقامة الجبرية منذ اعتقاله في السادس من اب/اغسطس. وبعد الهجوم الارهابي، اشادت فرنسا ب"التزام مكافحة الارهاب" من جانب "السكان والجيش" من دون ان تشير الى المجلس العسكري، فيما اعرب الاتحاد الاوروبي عن "تضامنه" مع موريتانيا على هذا الصعيد. ويبدو ان التصدي للارهاب بات يتقدم على المطالبة بالاسراع في اجراء انتخابات رئاسية. وكان البرلمان الموريتاني الذي تؤيد غالبية اعضائه الانقلاب اقترح "مهلة من 12 الى 14 شهرا" لاجراء الانتخابات، لكن المجلس العسكري لم يلتزم اي موعد وساهم في خلط الاوراق حين لم يستبعد احتمال ترشح رئيسه. هذا الالتباس لدى السلطات الجديدة يعقد المفاوضات مع الاحزاب السياسية لايجاد مخرج للازمة السياسية. وفي هذا السياق، ايد تجمع القوى الديموقراطية بزعامة احمد ولد داداه، وهو اكبر احزاب البرلمان، الانقلاب، لكنه يرفض ان يترشح الانقلابيون للانتخابات.