في الوقت الذي تشهد فيه جميع أسواق المال الأوربية هبوطاً متسارعاً، قرر وزراء المالية الأوربيون وضع ضمانات جماعية لحماية أموال المودعين في البنوك. وقرر الوزراء أثناء اجتماعهم في لوكسمبورغ تحديد ضمانات مالية لا تقل عن خمسين ألف يورو لكل حساب ادخار. يأتي هذا القرار بالدرجة الأولى لمعالجة المخاوف من أن يسحب المودعون أموالهم من البنوك، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمة المالية. بدا السياسيون الأوربيون غير قادرين على مواكبة التطورات المتسارعة للأزمة المالية العالمية. حتى الأسبوع الماضي كان السياسيون يعتقدون أن الأزمة يمكن السيطرة عليها عبر إجراءات على المستوى الوطني لكل دولة. لكن تسارع الأحداث أثناء عطلة نهاية الأسبوع دفعهم إلى التفكير بإجراءات على المستوى الأوربي. إيرلندا الرائدة كانت إيرلندا هي أول من سارع الأسبوع الماضي لإعلانات ضمانات حكومية لأموال المودعين في البنوك الايرلندية، وفي عطلة نهاية الأسبوع تبعتها دول أوربية أخرى على المسار ذاته. لكن كل دولة وضعت ضوابط خاصة بها لهذه الضمانات. فهذه الدولة تغطي ضماناتها الأموال المودعة بنسبة مئة بالمئة، بينما لا تغطي ضمانات دولة أخرى سوى جزء محدود من الأموال. وهناك دول اكتفت بإعطاء وعود غامضة للمودعين في بنوكها. أدى غياب سياسة أوربية موحدة لمعالجة مخاوف المودعين، إلى بقاء المخاوف بسبب تضارب الإجراءات بين دولة وأخرى. ونشأ لهذا السبب قلق جديد من أن يعمد المودعون إلى نقل أموالهم إلى البنوك التابعة للدول التي أعطت أفضل الضمانات. تطمين المودعين قبل الآن، كانت القوانين الأوربية تلزم فقط بضمان المبالغ المودعة في البنوك بما لا يزيد على عشرين ألف يورو، وفي حالة إفلاس البنك فقط.الآن رُفع سقف الضمان إلى خمسين ألف يورو. الهدف الأساسي من هذا الإجراء هو تطمين المودعين الأوربيين بأن مدخراتهم في البنوك آمنة. وكذلك لتجنب حصول أجواء من التنافس غير المتكافئ بين البنوك الأوربية. طالبت بعض الدول الأعضاء برفع سقف الضمان إلى مائة ألف يورو، لكن هذا المطلب بدا غير واقعي بالنسبة للدول الصغيرة، كما أوضح الوزير الفرنسي، كريستين لاغارد الذي ترأس الاجتماع. مع ذلك فإن بعض البلدان ستضع ضمانات لمدخرات المودعين، لغاية مائة ألف يورو، حسب ما أفاد لاغارد أيضاً. هذا يعني أن الاختلافات لا تزال قائمة. وهو ما يثير مجدداً المقترح الذي طُرح في عطلة نهاية الأسبوع لإنشاء صندوق طوارئ أوربي. مثل هذا الصندوق كان يمكن أن يجعل حتى الدول الصغيرة قادرة على ضمان المدخرات العالية. لكن يبدو أن التضامن الأوربي لم يصل بعد إلى هذا الحد. التنافس غير العادل من جانب آخر، سيكون بوسع كل دولة من الدول الأعضاء أن تتخذ سياساتها الخاصة لدعم بنوكها التي تواجه مخاطر الانهيار. ولكن، ولتجنب حصول حالة من التنافس غير العادل، فإن المفوضية الأوربية ستحدد في وقت قريباً ضوابط عامة لعمليات الدعم الحكومي للبنوك. وفقاً لما صرحت به المفوضة الأوربية المكلفة بمكافحة الاحتكار نيلي كروس. لا يمكن الحديث حتى الآن عن خطة أوربية موحدة لمواجهة الأزمة. لكن هذه الخطوات الصغيرة، تجعل الدول الأوربية تقترب تدريجياً من بعضها البعض.