: قصة السيد عبد الرحمن اليوسفي الوزير الأول السابق العائد الى المغرب الأقصى بعد منفى استمر 15 عاما قصة يبدو أنها أصبحت في الذاكرة السياسية لكثير من التونسيين طي النسيان , اذ نسي الكثيرون عودة هذا الأخير من منفاه في تشرين من سنة 1980 بعد صدور عفو ملكي عنه في أغسطس من نفس السنة . حكم على رئيس وزراء المغرب سابقا غيابيا في جلسات محاكم مراكش مابين سنة (1969 – 1975) , ولم تحل هذه الأحكام القاسية بينه وبين التواصل مجددا مع المؤسسة الملكية , اذ سعى جاهدا الى طي صفحة الماضي بين الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والملك الحسن الثاني ومن ثمة قفل عائدا الى وطنه بعد أن أيقن جيدا بأنه لامجال لمنازعة الملك في شرعية العرش التي التصقت بمسيرة التحرير في تاريخ الحركة الوطنية المغربية ... عبد الرحمن اليوسفي كان رجل المعادلة السياسية الصعبة في التاريخ الحديث للمغرب الأقصى اذ لاحديث عن تاريخ البلد منذ حقبة الستينات دون المرور على ذكر اسم الرجل الذي تولى منصب عميد سلك المحاماة ونشط قبل ذلك عضوا في حزب الاستقلال وشغل بعد ذلك عضوية الأمانة العامة بالاتحاد الوطني للقوات الشعبية ومسؤولية المندوب الدائم للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ثم عضوية المكتب السياسي لهذا الحزب ومنصب كاتبه العام في وقت لاحق الى أن عينه الملك الراحل الحسن الثاني رئيسا لوزراء المغرب مابين فبراير 1998 وأكتوبر 2002 .
عبد الرحمن اليوسفي كان نموذجا للسياسي البراغماتي الناجح الذي لم يتقيد بمقولات المعارضة العربية التقليدية التي تقوم على تصنيف الناس في خانة الخونة أو المناضلين الشرفاء لتضع نفسها أمام حالة فشل مستمر نتاج خلطها بين مقتضيات العقائد الدينية ومقتضيات متغيرات الواقع السياسي في أطره المحلية أوماجاوره من أوضاع اقليمية ودولية . قصة أردت أن أذكر بها اليوم قادة المعارضة التونسية بالمهجر وأساسا المنصف المرزوقي وراشد الغنوشي ليتأملوا جيدا في حيثياتها حتى يدركوا بأن اليات العمل السياسي تختلف كليا عن تقاليد العمل الحقوقي الرابطي أو تقاليد العمل الدعوي الذي يغرق في الوعظ والطهورية حتى وان قدم نفسه في واجهة الحزب سياسي .