الساعة تشير إلى اقتراب ساعة الصفر. والصفر هو المؤتمر. كم هي الهواجس والأماني والتطلعات التي مرت في غفلة من الوعي. وعي الكتاب بمسؤولية الكتابة ومكانة الحرف في نسج خيوط الحضارات وعظمة تواريخ الأمم. -2- مرتاب فيما حولي .. مرتاب فيمن حول أنفسهم. مرتاب في الأغاني وفي آخر القبل. الأبيض النقي جدا كفن للأموات. وبياض العين إن زاد عن حده عميت. والثقة المطلقة لا شك في غبائها الرسمي. فلمن أرهف السمع إذن وجميع النساك يشتهون ليلى. وليلى تحت ليل التآمر تحتضر. -3- أصوات من قاع الضوضاء توزع صكوك الحلم بالولائم الافتراضية. وتعد المؤتمرين إن رشحوها بمقاعد في الجنة. هذه الأصوات تتفنن في اقتسامنا على غير هدا. هذا لنا وذاك علينا إنها ألحان هستيرية على ضفاف نهر جاف. -4- الأيام القليلة التي تسبق المؤتمر يرتدي خلالها جمع من الذئاب البشرية برنس المحبة والتسامح والتضحية من أجل الآخرين. وما إن تتحقق لقدر الله أو تنتفي المصلحة حتى يديروا لنا ظهورهم ويتجاهلوننا إلى أن تستجد مصلحة أخرى. فيعودوا وكأنهم لم يتركونا ولو للحظة واحدة. فما بين مكرهم وطيبتنا ربيع متصل بورده. -5- الأيام التي تفصلنا عن المؤتمر حروب إستباقية تجعلنا في حالة تأهب دائم لما سوف يأتي. الأقاويل والشائعات والتصريحات والتهويمات تشعرنا وكأن التتار يعسكرون تحت نصب ابن خلدون. والمماليك في مدخل باب الخضراء والسلطان عبدالحميد في بطحاء الحلفاوين. وقتلة الدغباجي في سوق العطارين وفي معقل الزعيم. من رموا الطاهر الحداد بالحجر. إنه هذيان حمى المؤتمر. -6- في إطار الحملة الانتخابية للإتحاد. صوت الضجيج الترفيهي حينا والمقزز أحيانا أفقد عديد الكلمات سمعتها. فمن حق الكلمات المغتصبة والمستعملة قسرا في حديث المغالطة المتعمدة أن تمحي من قاموس اللغة. كلمات مثل النظافة – الاعتدال – الشفافية - الموضوعية والمصداقية التجأت كلها إلى سقراط لتقاسمه جرعة السم، هذا أهون عليها من أن تكون الطبلة التي يرقص على إيقاعها خطباء حانات آخر الليل. -7- أدعو هذه الأيام جميع المبتلين بداء الإتحاد, والمصابين بعلة الكتابة أن يتمسكوا جيدا بقلوبهم. قد يصيب المشهد هبوطا حادا في الذائقة الجمالية, وفي حميمية العلاقات الإنسانية. أدعوهم إلى نخلة وافرة في العراء خارج قائمات الأغصان التي تميل مع الريح حيثما مال. وحدها تبعث الدفء رغم عزلتها في بلاغة الفصول. نافذة تطل على القادم الأخضر المحمل بالشمس. عادل الجريدي كاتب من تونس