حقك مضمون: الشركة ملزمة بتوفير ضمان مالي قبل ما تخدّمك    مقترحات جديدة لقطاع الصحة: حوافز مالية وتقاعد مبكر... شنوّة الجديد؟    شركة البحيرة للتطوير والاستثمار تطرح 13 مقسماً للبيع بتقسيم درة البحيرة II    عاجل: ضربات أمنية موجعة في تونس...حجز أطنان من اللحوم والدواجن الفاسدة    عاجل: ورقة ال20 دينار تهيمن على التداول النقدي في تونس    صادم للتونسيين : أرباح القصابين في الكيلوغرام الواحد من اللحم تصل إلى 34 دينارا    الدورة الثانية للصالون المهني للصناعات التقليدية من 6 الى 12 اكتوبر المقبل بقصر المعرض بالكرم    كارثة جوية كانت قريبة في نيس! قائد الطيّارة التونسية ينقذ الموقف    عاجل: الأولمبي الباجي يواجه الترجي بدون المنتدبين الجدد وهذا هو السبب !    أمطار وصواعق: تونس مهددة بخلايا رعدية قوية ورياح تصل سرعتها إلى 80 كلم/س!    عاجل: تلميذ يطعن زميله داخل المعهد في سيدي حسين    رحيل أيقونة السينما كلوديا كاردينالي ... وماكرون: ''ستبقى في قلوبنا''    للأمهات : 5 أطعمة رد بالك تحطهم لصغارك في اللانش بوكس    عاجل ومهمّ: لقاح روسي مضادّ للسرطان    منها التعرق وعسر الهضم : علامات تنذر بإصابتك بنوبة قلبية رد بالك تتجاهلها    عاجل/ تم استهدافهم ب12 قنبلة صوتية: أسطول الصمود يواصل رحلته وهذا موعد وصوله الى غزة..    33 شهيدا في قصف إسرائيلي على غزة    اليابان تتحدث عن "موعد" الاعتراف بدولة فلسطين    الحماية المدنية : 440 تدخلا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    تايوان: إعصار راغاسا يتسبب في سقوط ضحايا وجرحى    كأس الرابطة الانقليزية : إيساك يسجل هدفه الأول مع ليفربول وطرد إيكيتيكي في الفوز على ساوثامبتون    عاجل: شنوّة صار في الإكوادور؟ عنف وحرائق مع بداية الإضراب    محرز الغنوشي: ''البشائر متواصلة اليوم والأمطار حاضرة بتفاوت في الكميات في هذه المناطق''    برشا تشويق في الرابطة: 4 ماتشوات في نفس الوقت وهذه أبرز المواجهات    البطولة الإسبانية : تعادل إسبانيول مع فالنسيا 2-2 وأتلتيك بلباو مع جيرونا 1-1    مبابي وفينيسيوس يتألقان في فوز ريال مدريد 4-1 على ليفانتي    العاصمة: قرارات إخلاء عاجلة ل248 بناية مهدّدة بالسقوط    الدخول المدرسي في تونس 2025: أزمة التعليم بين الواقع والطموح    وزارة الصناعة: محطة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية الفولطاضوئية بولاية توزر سجلت تقدما في الأشغال بنسبة 75 بالمائة    الاربغاء: أمطار رعدية مع رياح قوية والحرارة في انخفاض طفيف    ضبط ملفات "سرية" ووثائق "أسلحة دمار شامل" لدى بولتون    ترامب يتوعد ABC بعد عودة الكوميدي جيمي كيميل إلى الشاشة: "ربما أربح أكثر هذه المرة"    القصرين : إحالة موظف والاحتفاظ بمقاول في قضية تدليس    وزير السياحة يواكب المشاركة التونسية في معرض السياحة " توب ريزا " بباريس    طيران مكثف للمسيّرات فوق أسطول الصمود واستهداف احدى السفن بقنبلة دخانية    وفاة أيقونة السينما العالمية كلوديا كاردينالي    عاجل: الموت يغيّب كلوديا كاردينال عن عمر ناهز 87 عاماً    ثمن نهائي بطولة العالم للكرة الطائرة ..المنتخب يفشل في امتحان التشيك    بحث التعاون لتعزيز الاستثمارات    الموت يغيّب الممثلة كلاوديا كاردينالي    انطلاق نشاط وحدة بنك الدم بالمستشفى الجامعي بسيدي بوزيد    مسرح الأوبرا يعلن عن فتح باب التسجيل في ورشات الفنون للموسم الثقافي الجديد    تظاهرة "الخروج إلى المسرح" في دورتها السادسة تحمل اسم الراحل الفاضل الجزيري    على متنها 3000 سائح...سفينة كوستا كروازيار ترسو بميناء حلق الوادي    عاجل : هذا هو موعد شهر رمضان 2026 فلكيا    أوت 2025: شهر قريب من المعدلات العادية على مستوى درجات الحرارة    رغم الغياب عن البطولة: الترجي الرياضي يحافظ على الصدارة.. النجم الساحلي في المركز الثالث والنادي الإفريقي في المركز ال6    عاجل/ أمطار غزيرة و"تبروري": أعلى مستويات اليقظة اليوم بهذه المناطق..    عاجل/ "كوكا، زطلة وأقراص مخدرة": أرقام مفزعة عن حجم المخدرات المحجوزة في تونس..    يا توانسة.. هلّ هلال ربيع الثاني 1447، شوفوا معانا دعاء الخير والبركة الى تدعيوا بيه    وزارة الصحة تطلق أول عيادة رقمية في طب الأعصاب بالمستشفى المحلي بالشبيكة بولاية القيروان    أمطار قياسية في مناطق من تونس.. الأرقام كبيرة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الإعلامي محمد الكيلاني في أمسية أدبيّة بسوسة...غادرت التلفزة واتجهت إلى الكتابة لغياب التحفيز والإنتاج    المفتي هشام بن محمود يعلن الرزنامة الدينية للشهر الجديد    السينما التونسية تتألّق في مهرجان بغداد السينمائي... التتويج    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    استراحة «الويكاند»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيها العرب المسلمين إن كان أوباما عسلاً فلا تلعقونه كُلّه!

خصّ الرئيس الأمريكي الجديد، باراك حسين أوباما، المسلمين والعرب بالحديث مرتين في أسبوع واحد، في بداية عهده بالسُلطة، في أقوى وأغنى دولة في التاريخ.
كانت المرة الأولى في خطاب تنصيبه (20/1/2009)، وهو ما تحدثنا عنه في مقال سابق (31/1/2009)، حيث توجّه للعالم الإسلامي، مُناشداً البدء بصفحة جديدة من الاحترام والتعاون المُتبادلين. والمرة الثانية في حديث له مع قناة العربية الفضائية في مُقابلة مع الصحفي اللامع هشام مُلحم في البيت الأبيض (28/1/2009)، والتي هي موضوع هذا المقال.
وجدير بالتنويه أن هذه سابقة، في تاريخ العلاقات العربية الأمريكية. فلم يُخاطب أي رئيس أمريكي المسلمين مُباشرة، ولا بهذا التكرار في حيّز زمني قصير. كما لم يُخاطب أوباما أي منطقة جُغرافية، أو كتلة إنسانية حضارية أخرى، مثلما فعل مع العرب والمسلمين. من ذلك أنه لم يتوجه بخطاب خاص "للأفارقة"، أو "الأسيويين"، أو أمريكا اللاتينية، أو حتى للأقطاب الأخرى في العالم مثل روسيا، أو الصين، أواليابان، أو الاتحاد الأوروبي. كما أنه توجه للشعوب مباشرة، وليس للحكّام.
هذا معناه أن هناك فرصة تاريخية حقيقة للتعامل مع مُشكلات منطقتنا بجدية و"إنصاف"، وهو ما لم يحدث منذ رئاسة جيمي كارتر (19771981). الإنصاف في هذا السياق يعني "العدالة النسبية"، وليس "العدالة المُطلقة". فلا أوباما، ولا أبو أوباما سيُعيد "فلسطين عربية من البحر إلى النهر"، ولا سيحرر لنا كل القدس، أو يستعيد لنا الأندلس. ولكنه سيتعاطف مع مطالبنا "المشروعة"، التي تستند إلى الواقعية والشرعية الدولية.
نقول هذا، لأن لدينا في مصر قول شعبي مأثور، منطوقه "إنه إذا كان حبيبك (أو صديقك) عسل، ما تلحسوش كُله". ومعناه، ألا يُبالغ الإنسان في الاندفاع نحو من يُحب، أو يُسرف في توقعاته منه. فقد يؤدي ذلك إلى النفور أو الاختناق. وهو نفس المعنى الذي يُعبّر عنه قول مأثور أخر، هو "من الحب ما قتل"!
فماذا قال أوباما في مُقابلته مع "قناة العربية"، مع هشام مُلحم ويستحق التأمل والمُبادرة المتبادلة منا كعرب ومسلمين؟.
بداية، أعاد أوباما تأكيد ما كان قد قاله في خطاب تنصيبه، من أن الأمريكيين لا يُضمرون عداوة للمسلمين، وأنه يريد بدء صفحة جديدة من الاحترام والتعاون المتبادل. ولكنه ذهب أبعد من ذلك في مُقابلته مع "قناة العربية"، وهو تهيّئوه لأن يقوم بدور المُفسّر للأمريكيين (وهم شعبه)، أن المسلمين "ليسوا إرهابيين"، وأن الذين ينطبق عليهم هذا الوصف، هم قلة ضئيلة للغاية. فإنه بنفس الروح يتوجّه إلى العالم الإسلامي برسالة فحواها أن الأمريكيين لا يكرهون المسلمين.
إن هذا العرض من الرئيس الأمريكي يعني بصراحة أنه سيقوم بما أخفق فيه العرب والمسلمون، إلى تاريخه، في تبليغ رسالتهم، وتنقية سيرتهم، وترميم صورتهم أمام الرأي العام الأمريكي. من ذلك أحد رسائله إلى شعبه "أن العالم الإسلامي زاخراً بالشخصيات المُتميزة"، وأنه لخسارة كبيرة ألا يتعامل الأمريكيون معهم.
كذلك كان أوباما واضحاً في ترحيبه بمُبادرة الملك عبد الله، العاهل السعودي، للسلام مع إسرائيل. وهي المُبادرة التي أقرّتها القمة العربية في بيروت منذ خمس سنوات، وتجاهلتها إسرائيل وإدارة جورج بوش.
وفي نفس الوقت، كان أوباما واضحاً أيضاً في "أن الولايات المتحدة حليفة لإسرائيل، وأنها ستظل كذلك خلال إدارته. وأنه يُدرك تماماً أن هناك قوى عديدة مُحبة للسلام في إسرائيل، وأنه ينوي التفاعل معها، كما مع القوى المُماثلة على الجانب العربي...".
كذلك أدرك أوباما، وذكر ذلك صراحة أن "الصراع الفلسطيني... الإسرائيلي لا يمكن التعامل معه بدون أخذ أطراف شرق أوسطية أخرى في الحُسبان في مقدمتها سورية ولبنان والأردن ومصر... بل حتى العراق وأفغانستان وباكستان وإيران. وبالتالي، فلا بد من نظرة شاملة لكل مشكلات المنطقة، والتي تتداخل مع بعضها البعض".
ولم يفت أوباما أن توقعات الناس منه كثيرة ومُلحة. لذلك فقد كرر أكثر من مرة، أنه مع نيته الصادقة في البدأ مُبكراً مع قضايا الشرق الأوسط، وليس كما فعل سابقيه، اللذان انتظرا إلى العام الأخير من إدارتهما، إلا أنه لا يعد بنتائج سريعة. فهو لا يملك عصا سحرية. وكان أوباما قد تحدث بخطاب ولهجة مماثلتين فيما يتعلق بمُشكلات أمريكا الداخلية، وفي مُقدمتها الأزمة المالية الأخيرة. أي أنه من الواضح في منهج وأسلوب الرجل أنه لا يعد مُستمعيه في الداخل والخارج بما هو برّاق أو خارق لنواميس الطبيعة والمنطق. ولكنه يعد بأنه سيبذل كل جهده، وأنه سيستعين "بأهل الذكر"، ممن عُرف عنهم العلم والمُثابرة.
وهذا تحديداً ما فعله في قضايا الشرق الأوسط الكبير. فقد استدعى من التقاعد اثنين من أكفأ الوسطاء الأمريكيين اللذان يشهد سجلهما بإنجازات مُبهرة. أولهما، جورج ميتشيل، عضو مجلس الشيوخ السابق، وهو من أصل لبناني سوري، والذي كان قد نجح في التوسط لإبرام مُصالحة تاريخية بين الطائفتين البروتستانتية والكاثوليكية في "أيرلندا الشمالية"، بعد مئات السنين من الشقاق، وعشرات السنين من الصراع المُسلح. وثانيهما دبلوماسي لامع هو السفير تشارلز هولبروك، الذي توسط بنجاح لتسوية الصراع الدامي في البوسنة والهرسك. وقد عهد إليه أوباما بملف "أفغانستان باكستان الهند". ومرة أخرى، يرى أوباما أن التورّط الأمريكي في أفغانستان، لا يمكن إنهاؤه إلا بمشاركة متبادلة مع كلا الجارتين الكبيرتين (الهند وباكستان). وقد تأكد هذا التداخل، الهجمات الإرهابية على حي الفنادق في مُمباي الهندية، منذ شهور قليلة، والتي تؤكد مُعظم الشواهد أن المُهاجمين ينتمون إلى جماعة باكستانية مُتشددة دينياً، وحليفة لتنظيم القاعدة، الذي يتزعمه السعودي أسامة بن لادن، ونائبه المصري أيمن الظواهري. وهكذا، فإن أوباما على حق في رؤيته المُتكاملة لمُشكلات منطقتنا، التي يتداخل فيها، كما يقول المثل الشعبي، "الشامي والمغربي".
تبقى قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان. وهنا يبدأ أوباما، أستاذ القانون الدستوري السابق، بداية مُغايرة لجورج بوش. فقبل أن يعظ الآخرين خارج بلاده، فإنه يبدأ بأمريكا نفسها. من ذلك أنه يُشدد على "حُكم القانون" (Rule of Law) واستقلال القضاء. ومرة أخرى لكي يُثبت أنه يعني ما يقول، فقد أصدر أوامر رئاسية في اليوم الأول لرئاسته بإغلاق سجن قاعدة جوانتانامو، الذي تم اعتقال مئات الإسلاميين المُشتبه فيهم بالإرهاب، منذ تفجيرات برجي التجارة (نيويورك) ومقر وزارة الدفاع (البنتاجون) في 11 سبتمبر 2001، دون مُحاكمة. كما أصدر أمراً رئاسياً بمنع أي أجهزة أو مسئولين في الحكومة الأمريكية من مُمارسة التعذيب أو الضلوع فيه. لذلك فإن أغلب الظن هو أن إدارة باراك أوباما، ستعمل على تشجيع، (وليس الفرض، على الآخرين) على بناء البنية الأساسية للديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وهي حكم القانون، واستقلال القضاء وحُرية الإعلام ومنظمات المجتمع المدني.
وهكذا يعدنا أوباما بما هو ممكن ومرغوب... وبهذا المعنى فهو أقرب رئيس أمريكي إلى أن يكون "عسلاً" بالنسبة لنا. فهل نتجاوب معه شعوباً وحُكاماً، بألا نلحسه كُله!؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.