وضعت، فصيلة الأبحاث لقيادة الدرك الوطني بكل من قسنطينة وجيجل وعنابة وأم البواقي والقالة وسكيكدة، في الأسابيع الفارطة، يدها على عدة عصابات تابعة لشبكات مختصّة في تهريب الآثار، منها من تهربها نحو تونس لتباع إلى مهربين إسرائيليين وإلى جهات أخرى لا تزال التحقيقات لم تكشف عنها بعد، مستخدمة في ذلك مواقع الأنترنت. تم خلال الأسابيع الأولى من السنة الجارية بشرق البلاد القبض على عدد من عصابات التهريب بكل من مدينة سيقوس بأم البواقي وكذا بسكيكدة، والتي تطرقت لها ''الخبر'' في حينها. كما أودع قاضي التحقيق لدى محكمة الحجار بعنابة في الأيام القليلة الماضية شخصين يبلغان من العمر 23 و37 سنة الحبس المؤقت بتهمة التهريب والمتاجرة بالآثار والترويج لها عن طريق المواقع الإلكترونية، تم وضع أحدهما من طرف أحد المعلنين، مصحوب برقم هاتفه الشخصي. هذه المعطيات دفعت مصالح الدرك الوطني للتحقيق في الملف وبينت بأن الموقوف قام بعرض 66 قطعة نقدية قديمة مختلفة الأحجام وتمثال على شكل حصان من المعدن الصلب وضع على مستوى المخبر لتحديد نوعيته، إضافة إلى مجموعة كبيرة من الأواني الفخارية وأقنعة من النحاس. وقد تم توقيف هذين العنصرين اللّذين ينحدر أحدهما من بلدية وادي زناتي بقالمة إثر اتصال هاتفي قامت به عناصر فصيلة البحث والتحري مع الموقوف أوهموه بأنهم يريدون شراء الآثار المعروضة للبيع على الأنترنيت. غير بعيد عن عنابة، وبالضبط في مدينة القالة، وفي ذات الفترة سُرق جرس من النحاس الخالص من ثانوية 19 ماي؛ حيث يصل وزنه ال 50 كلغ ويعود تاريخه إلى سنة 1887 حيث كان موضوعا بكنيسة القالة وحول فيما بعد إلى البلدية ثم إلى الثانوية المذكورة سنة .1987 أما في قسنطينة فقد تمكنت فصيلة الأبحاث من تفكيك شبكة تضم 5 أشخاص على مستوى حي السويقة العتيق بوسط المدينة واسترجاع مائة وستة وسبعين قطعة نقدية مربعة الشكل تعود للعهد الإسلامي، ثلاث قطع نقدية دائرية الشكل، اثنتان منها تعودان للفترة الرومانية وواحدة غير محددة، إلى جانب 6 أساور فضية تحمل نقوشا وكتابات، وسيفين يعودان إلى الحقبة الاستعمارية، 3 لوحات زيتية لرسامين فرنسيين من القرن ال19 و3 تماثيل برونزية في هيئة امرأة حاملة لرضيع، شخصية في حالة جلوس تقرأ كتابا، حصان في حالة عدو وتمثال للمسيح مصلوبا طوله عشرون سنتيمترا إلا أنه يفتقد لعمود التثبيت، حسب الصور والتقارير، التي أوردتها مديرية الثقافة لقسنطينة. العملية الثانية أتت بعد 48 ساعة من الأولى حيث أفضت التحريات على مستوى حيي المنظر الجميل وباردو إلى إيقاف شخص مقيم بحي باردو وبحوزته تمثال روماني يزن 15 كلغ ويمثل شخصا يحمل مشعلا، إضافة إلى ست لوحات زيتية منها لوحتان أصليتان للفنان ''ديسبايروكسي'' تعودان للقرن التاسع عشر وأخرى للفنان ''أوتو'' تعود لنفس القرن إلى جانب لوحة رسم فيها على ورقة ''بارشومان'' وهي صورة مستوحاة من رسم الفنان ''فورمونتان'' من إمضاء ''مونت فيير دي فورت'' فيما تبين أن اللوحتين المتبقيتين غير ممضاتين. التمثال المحجوز مصنوع من مادة البرونز، وممضى من صاحبه ''لوموان'' وقد كشفت مصادرنا أن الشخص الذي حجز بحوزته التمثال زعم أنه اشتراه بمبلغ خمسة عشر مليون سنتيم. وهو الأمر الذي استبعده الخبراء، خاصة أن قيمته أكثر من ذلك بكثير. وأوضحت مصادرنا أن التحريات الأولية كشفت بأن الآثار المحجوزة كانت معدة للتهريب نحو تونس، على أن تباع بعدها لشبكات إسرائيلية مختصّة في المتاجرة بالآثار. ويشتكي المختصون في الآثار من نقص المخابر والمراكز التي تسمح لهم بالكشف المبكر عن الآثار، وتحديد قيمتها التاريخية والأثرية، حيث طالبوا بإنشاء عدة مخابر جهوية تسمح بدراسة القيمة الحقيقية للآثار وكذا تزويدها بالتكنولوجية المتطورة التي تسمح بالتعرف على أصلية الألواح والنقود وكل ما له علاقة بالآثار والفنون. ونظرا للرقابة المفروضة على المهربين بالمطارات، يفضل محترفو تهريب الآثار الحدود البرية الجزائرية التونسية لاسيما بالجهة الجنوبية حيث يقيم على الضفة الأخرى، عدد من تجار الآثار اليهود الذين نسجوا شبكات مغاربية تقوم بجمع كل الآثار ذات الأهمية التاريخية والفنية ليعاد بيعها في السوق السوداء لأصحاب المال والأعمال بأوروبا وإسرائيل، حسب ما أكدته مصادر أمنية بشرق البلاد. ولم يتردد بعض باعة التحف في وضع مسروقاتهم على مواقع إلكترونية يحدد فيها السعر الأدنى بالدولار والأورو في الوقت الذي يأخذ فيه الجزائريون، الذين يحوّلون مثل هذه التحف نحو الخارج، مبالغ تختلف بين التحفة والأخرى. وقد تصل إلى ستين أو سبعين مليون سنتيم، حسب ما كشف عنه أحد المهربين خلال التحقيق معه.