محافظة منها على تقليد دأب عليه المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين منذ ثمان سنوات، نظمت النقابة بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة ندوة صحفية في الرابع من أيار/مايو الجاري لعرض تقريرها السنوي حول وضع الصحافة في تونس طيلة العام الماضي. لكن حالتي تعبئة وتجييش هائلتين من طرف عدد من الصحفيين التابعين للحكومة التونسية عطلتا إتمام الندوة الصحفية، مما دفع نقيب الصحافيين ناجي البغوري إلى إيقافها احتجاجا على عمليات التشويش التي نظمتها تلك المجموعة. كما حاول المحرر بصحيفة "الصباح" اليومية، كمال بن يونس الاعتداء بالعنف على نقيب الصحافيين على مسمع ومرأى من ممثلي وكالات الأنباء والصحافيين الذين قدموا لتغطية الندوة الصحفية، وتوجه إليه بعبارات تخدش الحياء وهو ما استوجب تدخل بعض الصحافيين لمنع تطور الأمور نحو الأسوأ. كما عمل عدد من الصحافيين الذين يتهمهم خصومهم "بالتبعية والولاء لعدد من دوائر تابعة للحكومة والاستخبارات التونسية" على مقاطعة كلمة نقيب الصحفيين ومنع ممثلي وسائل الإعلام من طرح أسئلتهم عليهم. وأثاروا البلبلة عبر الصراخ وتوجيه الاتهامات ضد عدد من أعضاء المكتب التنفيذي للنقابة. وجاء في التقرير السنوي حول واقع الحريات الصحفية في تونس أن وضع الإعلام في تونس رديء للغاية، فعلى مستوى النشر تعتبر النقابة "أن الإطار القانوني الحالي يقيد النشر حسبما ورد بمنطوق الفصل 13 من مجلة الصحافة"، وبلغت عدد الطلبات المقدمة للحكومة قصد بعث صحف أو قنوات إذاعية ال13 مطلبا معلقا منذ سنوات عديدة دون أن تتلقى ردا عليها. كما ورد في التقرير أيضا أنه "في الأحداث الكبرى كما في الأوقات العادية، يواجه الصحفيون مصاعب كبرى للوصول إلى المعلومات، فهي إما شحيحة أو تجانب الصواب بهدف خدمة الإدارة المعنية. وتفتقد بلادنا إلى قوانين أو إجراءات عملية تؤكد على حق الصحفي في الوصول إلى المعلومات ونقلها إلى الرأي العام بكل مصداقية في إطار القانون". ودعا التقرير إلى "التفكير في إيجاد آليات قانونية وعملية لضمان حصانة الصحفي وحمايته أثناء القيام بواجبه وتكون له بمثابة الحافز للمبادرة والعمل بكل جرأة والتخلص من أية رقابة ذاتية ممكنة". كما رصدت النقابة عديد التجاوزات والانتهاكات المادية والمهنية للصحفيين في عديد المؤسسات، وانعكس هذا الوضع على عمل الصحفيين وعلى المناخ الاجتماعي داخل هذه المؤسسات. وورد كذلك أنه "في ظل تنامي المشهد الإعلامي الالكتروني وتعدد القنوات الفضائية ، لم تواكب الصحافة المكتوبة هذا النسق، وحافظت على نمطيتها ورتابتها (...) مما حولها إلى نشريات رتيبة مستنسخة من بعضها البعض يغلب التعليق الموج فيها على الخبر الموضوعي في خلط واسع بين الأجناس الصحفية وغياب صحافة القرب". وكانت خلافات حدثت بين عدد من أعضاء لجنة الحريات التي تنشط في صلب النقابة والمكلفة بإعداد مسودة مشروع التقرير والمكتب التنفيذي للنقابة الذي يستوجب عليه تقديم النسخة النهائية للتقرير، حول محتوى التقرير. فعاب أعضاء المكتب التنفيذي على أعضاء اللجنة تقديمه لهم بعد انتهاء الفترة القانونية المسموح بها، إضافة إلى قصور مسودة المشروع المعروضة وعدم تضمنها لعدد من النقاط والحوادث التي وقعت طيلة السنة المنقضية، مما استوجب على أعضاء المكتب التنفيذي إجراء عدد من التعديلات على محتوى التقرير.