أمام حشد من المدعوين قارب عددهم ال2500، وتحت تغطية إعلامية عربية وعالمية مكثفة، ألقى الرئيس الأمريكي باراك أوباما بجامعة القاهرة خطابه الموجه إلى مليار ونصف من البشر يمثلون المسلمين في العالم. ولم تقلّ الضجّة التي أعقبت الخطاب عن تلك التي سبقته ورشّحته لأن يكون "تاريخيا" ،حيث اشترك طيف شديد الاتساع والتناقض في الآراء من المراقبين والساسة، في قراءة مضمون الخطاب وتقييمه والتعليق عليه. *بين ردود متوازنة وايجابية الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في اول تعليق عربي على خطاب الرئيس الاميركي باراك اوباما ان الخطاب تضمن "رؤية متوازنة وجيدة" وان القانون الدولي والمؤسسات الدولية ستساند هذا الخط المتوازن الذي طرحه اوباما. وقال في تصريح له اننا كدول عربية لدينا آمال كبيرة بأن يتحرك الرئيس أوباما لحل القضية الفلسطينية، واننا وعدنا الرئيس اوباما بالتعاون معه ولدينا المبادرة العربية وعلى استعداد لتنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن، الا ان الحكومة الإسرائيلية عليها ان تدرك ان الكل بما فيهم واشنطن يعملون بجدية للتوصل الى السلام. وبشأن الجهود التي ستبذلها جامعة الدول العربية تجاه عملية السلام قال موسى انه يمكن للجامعة ان تبذل الكثير ولكن يجب ان يتم وقف الاستيطان في الأراضي المحتلة. وفي برلين أعرب وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير عن أمله أن تشهد جهود السلام في الشرق الأوسط دفعة جديدة بعد خطاب أوباما وقال إن الخطاب يعطي "إشارة هامة لضرورة إحراز تقدم في عملية السلام في الشرق الأوسط"، داعيا طرفي الصراع في الشرق الأوسط إلى عودة المحادثات المباشرة حول عملية السلام. وأوروبيا فقد اعتبر الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا أن خطاب الرئيس الأميركي "سيدشن صفحة جديدة في العلاقات مع العالم العربي والإسلامي" وفي تسوية نزاعات الشرق الأوسط. وقال سولانا في تصريحات صحافية في بروكسل، نقلتها وكالة الأنباء الفرنسية، "لقد كان خطابا مميزا". وأضاف "لقد وجدت (في الخطاب) الكثير من الأمور التي تحدث عنها الاتحاد الأوروبي منذ بعض الوقت وأنا سعيد جدا للتعبير عنها بمثل هذا الوضوح والإقناع والتميز من قبل رئيس الولاياتالمتحدة". ووصفت الأممالمتحدة خطاب الرئيس الأمريكي بأنه " خطوة حاسمة" لتجاوز الخلافات. وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون: " أرحب بشدة برسالة السلام والتفاهم والوفاق " التي تضمنها الخطاب. وأضاف بان كي مون أن " كلمة الرئيس أوباما خطوة حاسمة لتجاوز الانقسامات والترويج للتفاهم بين الثقافات، وهو هدف رئيسي للأمم المتحدة ". وأشار الأمين العام إلى أن رسالة أوباما تفتح فصلا جديدا في العلاقة بين الولاياتالمتحدة والعالم الإسلامي. وأعرب بان كي مون عن تفاؤله بأن تؤثر تلك الرسالة إيجابيا على جهود إنهاء الصراعات في الشرق الأوسط. وكان أوباما قال خلال خطابه الذي وجهه إلى العالم الإسلامي من جامعة القاهرة : " جئت إلى هنا ساعيا لبداية جديدة بين الولاياتالمتحدة والمسلمين في جميع أنحاء العالم تقوم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل ". من جانبها أعربت إسرائيل عن أملها في المصالحة مع العالمين العربي والإسلامي، لكنها أكدت أن أمنها هو العنصر الرئيسي في أي عملية سلام. وقالت الحكومة الإسرائيلية، في بيان صدر بعد الخطاب الذي ألقاه أوباما، إنها نشارك الرئيس الأمريكي أمله "في أن يؤذن الجهد الأمريكي ببدء عهد جديد يحقق نهاية للصراع واعترافا عربيا عاما بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي تعيش في أمن وسلام في الشرق الأوسط." وأضاف البيان إن إسرائيل ملتزمة بالسلام وستبذل قصارى جهدها لتوسيع دائرة السلام، لكنها تعتبر أن مصالحها الوطنية هي الأمن أولا وقبل كل شيء. وعلى الجانب الفلسطيني قال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إن خطاب اوباما يمثل "بداية أمريكية جديدة ومختلفة ورسالة واضحة للإسرائيليين"، معتبرا في تصريح بثته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) أن "استعداد الرئيس الأمريكي للشراكة والاستماع وبناء الثقة ومواجهة التوتر وحديثه عن معاناة الفلسطينيين وأن الوقت قد حان لبناء الدولة الفلسطينية هو الخطوة الأولى والأساسية والضرورية لبناء سلام عادل وشامل في المنطقة". وأكد رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف استعداد بلاده للتعاون مع الولاياتالمتحدةالأمريكية في تحقيق المحاور السبعة التي تضمنها خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما خاصة فيما يتعلق بالعمل على تحقيق حل سلمي في إطار الدولتين للنزاع العربي الإسرائيلي . وقال نظيف إن العرض الذي قدمه الرئيس الأمريكي أوباما في خطابه كان متوازنا معربا عن أمله في أن تشهد الفترة المقبلة دفعة للعمل المشترك لتحقيق الرؤية التي تضمنها الخطاب حول تحقيق الأمن والسلام في العالم . من جهته رأى وزير المجالس البرلمانية والشئون القانونية المصري الدكتور مفيد شهاب أن الأفكار الجادة التي تضمنها خطاب الرئيس الأمريكي أوباما ستفتح نافذة من الثقة في العالم الإسلامي معربا عن ترحيبه بالجهد الكبير الذي يقوم به الرئيس الأمريكي لإحياء عملية السلام في الشرق الأوسط والتواصل مع العالم الإسلامي وفتح صفحة جديدة من الحوار والمصالحة . وطالب الدكتور شهاب الجانب الإسرائيلي بالاستجابة للجهود الأمريكية الرامية إلى حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي عن طريق تبني حل الدولتين ووقف المستوطنات مؤكدا أن العالم العربي والإسلامي بحاجة اليوم لأن يرى الأفكار والمبادئ التي تحدث عنها الرئيس الأمريكي أوباما في خطابه وقد تحولت إلى خطوات ملموسة على أرض الواقع . من ناحيته اعتبر المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية السفير حسام زكي أن الخطاب التاريخي الذي ألقاه الرئيس الأمريكي باراك أوباما يعد انفتاحا هائلا على الدين الإسلامي منوها بأن هذا الخطاب يحتاج إلى دراسة متعمقة خاصة أنه تطرق إلى العديد من الأمور والقضايا التي تم طرحها بالأولوية التي تمثلها للولايات المتحدةالأمريكية مع العالم الإسلامي . وفي الأردن رحبت الحكومة بالمضامين التي طرحها الرئيسي الاميركي باراك اوباما في خطابه ، وقال وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور نبيل الشريف ان خطاب الرئيس الاميركي اوباما انطوى على مواقف ايجابية للغاية خاصة ما تعلق بدعم عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين وتأكيده على ضرورة حل القضية الفلسطينية على اساس صيغة حل الدولتين وبما يضمن اقامة الدولة الفلسطينية المستقله. واعتبر الدكتور الشريف ان المطلوب الان من جميع الاطراف هو البناء على هذه الرؤية الاميركية التي عبر عنها الرئيس اوباما والتي يمكن ان تؤسس لمرحلة في عملية السلام تكون نتائجها ايجابية وفعالة ومثمرة وعلى ان تكون مبنية على المرجعيات الدولية بما فيها المبادرة العربية للسلام وصولا الى حل يلبي تطلعات الشعب الفلسطيني باقامة دولة فلسطينية مستقله وعاصمتها القدس وفي نفس الوقت يضمن الامن والسلام للجميع. واشار الدكتور الشريف الى ان الاردن دعا دائما لاطلاق عملية سلام جادة تكون مبنية على اسس المرجعيات الدولية ووفق صيغة حل الدولتين . وقال ان مثل هذا الحل الذي يجب ان يكون في اطار اقليمي شامل يضمن الامن والاستقرار لشعوب المنطقة ودولها وينعش امال الاجيال القادمة بالعيش بطمأنينة والالتفات الى البناء والابداع بدلا من الحروب والصراعات. وقال الدكتور الشريف ان الاردن يؤكد اهمية ما جاء في الخطاب من ان السلام مصلحة للجميع للفلسطينيين والاسرائيليين والمنطقة ولاميركا والعالم. شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي قال: إن الخطاب "بداية أمريكية للمصالحة مع العالم الإسلامي". كما وصفه بأنه "تاريخي". وقال طنطاوي الذي تولى بجانب رئيس جامعة القاهرة حسام كامل ترتيبات إلقاء الخطاب: "على أوباما ترجمة ما ورد في الخطاب من أقوال إلى أفعال وإقرار الحقوق الفلسطينية والسلام الشامل والعادل في الشرق الأوسط". علي الدباغ، المتحدث باسم الحكومة العراقية، أشار من جانبه إلى أن الخطاب "تاريخي" ومهم ويعكس توجها إيجابيا للإدارة الجديدة وهو بداية جديدة. وقال الدباغ "استخدام التعابير القرآنية سيساهم بإيجابية عالية في تغيير الصورة لكن هناك ضرورة للأفعال.. نحن كحكومة عراقية مرتاحون للوضوح الذي أبداه الرئيس أوباما في احترام الالتزامات تجاه العراق ومواعيد سحب القوات الأمريكية من العراق. ومن جانبه، وجه مفتي سوريا الشكر والتقدير لأوباما على إنصافه التاريخي للإسلام وطالبه بتحويل الأقوال إلى أفعال.وقال مفتي سوريا أحمد بدر الدين حسون الخميس: "إننا كمسلمين وعرب نشكر الرئيس باراك أوباما على إنصافه للإسلام تاريخيا ولكننا نطالبه أيضا بالعمل على تحويل الأقوال إلى أفعال واقعية فيما يخص واقعنا المعاصر". وطالب الرئيس الأمريكي أن "يكون أكثر وضوحا في قضايانا ونحن نشكره على تأكيده على حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة". *انتقادات المحافظين وحماس والإخوان وحزب الله من جهتهم انتقد المحافظين في الولاياتالمتحدة الرئيس باراك اوباما وراوا انه يجعل الولاياتالمتحدة تبدو ضعيفة ولم يتصدى للاستبداد العربي او لايران في كلمته للعرب والمسلمين ، فيما وصفت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الخطاب بأنه "يحوي كثيرا من المتناقضات، وإن كان يحمل تغييرا ملموسا في سياسات أمريكا"، كما اعتبرته جماعة الإخوان المسلمين في مصر "خطاب علاقات عامة" لا يختلف عن رؤية سلفه جورج بوش ، فيما اعتبره حزب الله الشيعي اللبناني خطاب "انشائي". ورغم ان جون بيرنر زعيم الكتلة الجمهورية في مجلس النواب الامريكي اشاد بالكلمة التي القاها اوباما في جامعة القاهرة في مصر ووصفها بانها "متعقلة ومتفائلة"، الا انه اعرب عن قلقه بشان حديثه عن ايران والنزاع الفلسطيني الاسرائيلي.وقال بيرنر في مؤتمر صحافي انه على الرغم من ان اسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها في مواجهة الارهاب، الا ان اوباما "بدا وكانه يوجه القدر نفسه من اللوم للاسرائيليين والفلسطينيين". واضاف "كيف يسمح (اوباما) ان يضع الجانبان في العبارة نفسها .. انا قلق حيال هذا الشان لان حماس منظمة ارهابية يمولها السوريون والايرانيون".وتابع ان اوباما "يواصل القول انه سيجلس مع الايرانيين دون اي شروط مسبقة --اعتقد ان ذلك يضعنا في موقف تبدو فيه الولاياتالمتحدة ضعيفة في اعين حكامهم". اما دانيال بلتكا التي تكتب لمعهد "اميركان انتربرايز" التابع للمحافظين الجدد، فقالت ان خطاب اوباما لم يساند مبادىء الديموقراطية الاميركية وكان خطابه "استسلاما" للانظمة العربية القمعية.وقالت بلتكا ان القاء اوباما لكلمته وهو يقف الى جانب "صورة عملاقة للاوتوقراطي المصري حسني مبارك .. لا يمكن ان يفسر سوى انه موافقة على حال العالم العربي كما هو -- حكم الشخص الواحد". كما انتقدته بلتكا لمساواته بين "معاناة الفلسطينيين من التشرد" وبين اضطهاد اليهود رغم ان العالم العربي باكلمه رفض القرار الذي صدر قبل 60 عاما باقامة دولتين واحدة لليهود والاخرى للفلسطينيين.وقالت ان اوباما "نزل الى مستوى عقلية حكام المنطقة" وفشل في ان يقر "باهمية اميركا الرمزية او دفع مصالحنا القومية الحيوية". اما ليز تشيني، ابنة نائب الرئيس الاميركي السابق ديك تشيني والمساعدة السابقة لوزيرة الخارجية لشؤون الشرق الادنى، فقد انتقدت ما اسمته "النسبية الاخلاقية" لاوباما في ما يتعلق بايران.وقالت ان "ايران هي اكبر دولة راعية للارهاب".واضافت ان موقف الرئيس من ايران يمكن ان يفسر على انه "ضعف" اذا فشلت مساعيه لاجراء محادثات غير مشروطة.وتابعت انها وجدت بشكل عام "بعض الكلام المزعج" في خطاب اوباما رغم انها قالت انه "القاه بشكل جيد"، مضيفة انه يساعد على بعث رسالة بان الولاياتالمتحدة هي ارض الفرص. من جهته قال المتحدث باسم حركة حماس فوزي برهوم: إن "هذا الخطاب دغدغة للعواطف ومليء بالمجاملات وكان معنيا بشكل كبير جدا بتجميل وجه أمريكا أمام العالم". وأضاف أن الخطاب "فيه كثير من المتناقضات وإن كان يحمل تغييرا ملموسا في حديثه وفي تصريحاته وفي سياسته". وتابع برهوم: إن "هذه المتناقضات أتت في إطار أنه قال إن حماس مدعومة من الشعب الفلسطيني، وفي اللحظة نفسها لم يتكلم عن احترام شرعية حماس التي جاءت بالاختيار الديمقراطي". ورأت جماعة الاخوان المسلمين في مصر أن حديث أوباما هو "خطاب علاقات عامة". فمن جانبه قال محمد حبيب النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين: "كل ما ورد في الخطاب هو عبارات فضفاضة لم تحدد مفهوم الإرهاب وهل المقاومة دفاع عن الأرض وضد الاحتلال تدخل في نطاق الإرهاب." ومضى قائلا: "هناك نظرة ظالمة من الرئيس الأمريكي إزاء القضية الفلسطينية لا تختلف في كثير أو قليل عن رؤية الرئيس السابق جورج بوش والمحافظين الجدد".وطالب بوش بإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل لكنه لم يبذل جهدا لتحقيق ما طالب به. وتعهد أوباما في خطابه بالعمل شخصيا لتحقيق إقامة الدولتين. وقال حبيب: إن خطاب أوباما هو "خطاب علاقات عامة أكثر من أي شيء آخر"، منتقدا إصراره على المضي قدما في "الأعمال العسكرية في أفغانستان والعراق وإغفاله الاعتراف بالجرائم الوحشية التي ارتكبها بوش ومجرمي حربه تجاه إبادة مليون عراقي". قيادات الحركة الإسلامية بالأردن من جهتها انتقدت خطاب الرئيس الأمريكي معتبرين أنه لم يأت بجديد ولن يعمل على جسر الفجوة بين العالم الإسلامي والغرب، ودعا المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين همام سعيد إلى "دعم المقاومة في فلسطين، وذلك ردا على دعوة أوباما في خطابه للفلسطينيين بنبذ العنف". مؤكدا "رفض الجماعة جميع خططه التي تضمنها خطابه". حزب الله الشيعي اللبناني من جهته انتقد الخطاب ، معتبرا انه خطاب "انشائي" لا يتضمن "اي تغيير حقيقي" في الموقف الاميركي من الشرق الاوسط.وقال النائب عن حزب الله حسن فضل الله لوكالة فرانس برس "ما سمعناه اليوم هو خطاب انشائي لا يحمل في مضمونه مواقف تغييرية"، مضيفا "لم نلمس تغييرا حقيقيا في الموقف بمعزل عن لغة الخطاب". واوضح فضل الله عضو كتلة الوفاء للمقاومة البرلمانية ان "العالم الاسلامي والعربي لا يحتاج الى مواعظ لكن الى افعال حقيقية وتغيير جذري بدءا من الموقف الاميركي من القضية الفلسطينية".واضاف ان "مشكلة المسلمين مع السياسة الاميركية في دعمها للعدوان الاسرائيلي على المنطقة وبخاصة الشعبين الفلسطيني واللبناني، وفي استمرار احتلال العراق وافغانستان والتدخل في شؤون لبنان".