انتقدت صحف ألمانية تأخر حكومة ميركل في إدانة مقتل مروة الشربيني على يد متطرف ألماني في مدينة دريسدن الألمانية، في الوقت الذي أكد فيه أستاذ علوم إسلامية في برلين أن الغضب الذي اجتاح الشعب المصري عقب الحادث، حقيقي ولا جهات تنظمه، فيما قال رئيس نيابة مدينة دريسدن إن تهمة القتل العمد التي وجهت للمتهم عقوبتها السجن المؤبد. فمن جانبها، انتقدت صحيفة "دي تاجز سايتونج" الجمعة تأخر الحكومة الألمانية في إدانة الحادث، وقالت إنه أخيرا وبعد حوالي أسبوع من مقتل مروة، أعلنت الحكومة الألمانية إدانتها لهذا الحادث، وأسفها لوقوعه، ومع ذلك يجب عليها أن تقبل اتهامها بأنها لم تفعل ذلك إلا بعدما أثار هذا الحادث الغضب في مصر، وبعد أن تناولته وسائل الأعلام في دول أخرى أيضا. وتساءلت الصحيفة "أين كانت الأصوات المدينة للحادث في ذلك الأسبوع الذي مر، إذ لم تسمع هذه الأصوات في ذلك الوقت ولماذا احتاجت الحكومة الألمانية إلى كل هذا الوقت للعثور على كلمات الإدانة المناسبة. وأشارت إلى أن هذا التأخير بالتأكيد لم يكن مؤشرا على عدم الاهتمام بالقضية أو على غياب التعاطف مع الضحية، لكن من الواضح أن كثيرا من المسلمين - وحتى من الموجودين في ألمانيا - فسروا الأمر على هذا النحو، بل إن بعضهم رأى في الأمر محاولة مقصودة للتقليل من أهمية موت السيدة المصرية. كما انتقدت صحيفة "الدويتش فيلا" الالمانية تأخر الحكومة، وقالت إن السياسة الألمانية لم تعط في هذه الحالة الانطباع الجيد وبذلك أضرت بسمعة ألمانيا بلا داع. وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قد أعربت عن أسفها للرئيس مبارك عن مقتل مروة، خلال اللقاء المباشر بينهما في قمة مؤتمر الثماني الخميس 9 يوليو/تموز، مؤكدة أن الحادث لا يمثل بأي حال من الأحوال نوعا من كراهية الأجانب أو التعصب في المجتمع الألماني. غضب المصريين حقيقي من جانبه، دعا البروفيسور بيتر هاينه أستاذ العلوم الإسلامية بجامعة هومبولت في العاصمة برلين بلاده إلى التعامل بشكل جدي مع هذا غضب الشعب المصري من قتل مروة الشربني. وقال هاينة في تصريحات نشرتها صحيفة "بيلد" الألمانية الجمعة "يجب أن نأخذ غضب الشعب المصري بشكل جدي للغاية.. فهو حقيقي لا تنظمه أنظمة معينة". وأشار إلى أن حالة الغضب الشديدة في مصر، والتي ظهرت في العديد من المظاهرات التي تم خلالها ترديد هتافات ضد ألمانيا، لها ثلاثة أسباب أولها الاعتقاد بأن مروة قتلت لأنها محجبة، وثانيها ما تردد من أن رجل الشرطة الألماني أطلق الرصاص على زوج مروة في قاعة المحكمة بعدما اعتقد أنه الجاني لمجرد أن بشرته داكنة، وثالثها هو أن الشعب المصري رأى أن رد فعل الحكومة الألمانية على الحادث لم يكن متعاطفا بالقدر الكافي. وأثارت هذه الواقعة حالة من الغضب الشديد سواء في مصر أو داخل وسط المصريين المقيمين في ألمانيا، كما وجه البعض اتهامات لألمانيا بأنها تجاهلت القضية. السجن المؤبد للقاتل في السياق ذاته، قال كريستيان أفيناريوس رئيس نيابة مدينة دريسدن الألمانية إنه من المقرر توجيه تهمة القتل العمل لقاتل الدكتورة مروة الشربينى "وعقوبتها السجن المؤبد"، مؤكدا أن القانون الألماني يطبق بسواسية على المواطنين والأجانب في نفس الوقت طبقا لدستور جمهورية ألمانيا الاتحادية. وذكر المتحدث الرسمي باسم النائب العام لدريسدن، أنه يجرى الآن التحقيق مع المتهم لمعرفة ما إذا كان هذا العداء بداخله تجاه الأجانب بصفة عامة أم المسلمين بصفة خاصة، مضيفا أن نيابة دريسدن يلزمها عدة شهور للانتهاء من التحقيق وإصدار الحكم النهائي، حسبما ذكرت صحيفة المصري اليوم الجمعة. وأوضح أن المتهم "يقيم في ألمانيا منذ نهاية عام 2003، وكان يتلقى معظم الوقت معونة حكومية للإعاشة، وأحيانا كان يعمل في وظائف مؤقتة"، لافتا إلى أنه "لا يوجد لدينا معلومات عن انتمائه لجماعات ذات نشاط سياسي أو ديني أو أي جماعات أخرى". من جهة أخرى، يقيم المجلس المحلى لبلدية برلين مراسم تأبين لروح مروة الشربينى السبت 11 يوليو/تموز، حيث يلقى رئيس مجلس بلدية برلين كلمة ينعى فيها روح الفقيدة ويدعو فيها إلى التسامح والتعايش السلمى ويدين مقتل امرأة مسلمة بسبب العنصرية والتطرف. القضية ستنظر في سبتمبر وذكرت مصادر دبلوماسية مصرية أن القضاء الألماني سينظر القضية في أواخر شهري سبتمبر/أيلول أو أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2009، فيما قرر النائب العام المصري فتح تحقيق موسع في الحادث، وكلف مسئول قضائي لمتابعة التحقيقات التي تجرى في ألمانيا، بعد أن وجهت السلطات الألمانية تهمة القتل العمد إلى الجاني. وقتلت مروة (31) طعنا بالسكين الأربعاء ا يوليو/تموز 2009 أمام ابنها مصطفى (ثلاثة أعوام) على يد ألماني من أصل روسي في ساحة محكمة ألمانية، وذلك بعد أن أقامت دعوى ضد الشاب الألماني لسبها في أحد ملاعب الأطفال بسبب خلاف على الأرجوحة ووصفها "بالإرهابية" لأنها ترتدي الحجاب. وانتهت الدعوى بتغريم الجاني اليكس دبليو (28 عاما) 750 يورو، وقرر المتهم استئناف الحكم واستغل جلسة الاستئناف لتوجيه طعنات للفقيدة داخل قاعة المحكمة. وأصيب علوي (32عاما) زوج مروة بإصابات خطيرة في الكبد والرئة، أثناء محاولته إنقاذ زوجته والسيطرة على الجاني، حيث أن الجاني طعنه هو الآخر، كما تعرض لطلق ناري من أحد رجال الشرطة في المحكمة عن طريق الخطأ.