منذ نشاتها ما فتئت تستهدف هي وما شابهها من القنوات الجادة الاخرى .لانها تعمل عكس ما تعود عليه الاعلام العربي من خطوط حمراء وممنوعات الغاية منها تغييب المواطن عن سير الاحداث .فكانت بمثابة المدرسة الجديدة التي طورت المشهد الاعلامي شكلا ومضمونا .وان كانت القنوات الرسمية قد استفادت منها شكلا وحاولت الاقتداء بادائها تقنيا الا انها قاطعتها مضمونا ورفضت ان تجاريها في مد الناس بالحقائق اللازمة .وفتحت بعض الانظمة حروبا على هذه القناة في مراحل متعددة من حياتها وخاصة ابان الحربين الذين خاضهما كل من الشعبين اللبناني والفلسطيني ضد الصهاينة فارتفعت حدة الغضب والتوتر ..حيث اتهمت بالتحريض على الارهاب لانها كانت تنقل لنا الصور حية ومباشرة من ميدان القصف المتواصل بينما تغرق غيرها من القنوات في شغلها العادي غير مبالية بما يحدث موهمة الراي العام ان لا شيء يستحق الانشغال والاهتمام حتى لو مات مائات الاطفال والنساء تحت الانقاض وحدث مرة ان تحدث احد المعارضين التونسيين عبر القناة وفي احدى برامجها مدليا بتصريحات لم ترق للسلطة فانجر عن ذلك سحب سفير تونس من قطر وقطع العلاقات الدبلوماسية لمدة.هذا مثال يبرز مدى تحامل الانظمة الرسمية على كل اعلام شفاف ومتطور . وهاهي تتعرض في هذه الايام الى حملة جديدة من الثلب وتصاعد لوتيرة الحقد والتعسف .واظن كما يظن غيري ان سبب هذا التصعيد هو ما بثته قناة الجزيرة في المدة الاخيرة من كشف لمعطيات منتظرة تخص ظروف موت الرئيس الراحل ياسر عرفات رحمه الله التي يعتقد كل مواطن عربي انها غير طبيعية اما عن قناة حنبعل التونسية فقد خصصت حصة مطولة ضمن برنامج " الرابعة "كان عنوانها"واقع وافاق الفضائيات العربية"الا ان الحصة تحولت بوضوح الي مهاجمة وتصفية حساب واتهمت قناة الجزيرة بشتى التهم منها "تضليل المواطن العربي والترويج لحمل البندقية " وبث الشائعات ...عوض العمل على التعريف بعلمائنا وشخصياتنا التاريخية وابراز امجادنا الماضية وانجازاتنا الحاضرة في ظل انظمتنا وحكوماتنا المجيدة وهو الكلام الذي قيل اثناء الحوار . وشارك فيه عدد من الاعلاميين المرتزقة من تونس ومصر وفلسطين اختيروا خصيصا من المعادين للحقيقة والرافضين لكل تطور اعلامي ونفس نضالي وهذه المحاكمة لم تترك لهم مجالا للتطرق الي جوانب اخرى من الموضوع الفسيح فمثلا لم يخطر ببالهم التعرض الي الفضائيات المختصة في كل ما هو رديئ ومسيئ للذوق وللقيم الانسانية هذا الكم الهائل من المحطات التي الت على نفسها ان تبحث عن اي شيء هابط وسخيف وبليد وبلا معنى لتاثث برامجها وتحشو رؤوس البشر بمزيد من البلاهة .. وما دامت الحصة تبحث في واقع وافاق الفضائيات العربية فلماذا لم تتعرض للفضائيات المسيئة للاخلاق والضمير البشري والتي لا تمت للفن والثقافة باية صلة وهي اقرب الي بيوت الدعارة منها الي محطات تلفزية يشاهدها الصغير والكبير والاطفال الابرياء الذين يتعرضون الي ابشع المشاهد من عنف وابتذال وخدش للحياء وهم في سن الزهور فتكون النتائج وخيمة على مستقبلهم وحياتهم مجمل القول ان قناة الجزيرة اصبحت تقض مضجع الحكام العرب بينما تشكل وغيرها من القنوات الصادقة مثل قناة المنار والساعة والحوار...ملاذا لمن ينشد الحقيقة والوضوح والتحاليل الموضوعية ولا اعتقد انه يمكن الاستغناء عنها او ان البعض سيفلحون في ازاحتها ..فقد فرضت مصداقيتها