اريانة: مندوب الفلاحة بالجهة يؤكد اهمية مشاركة مجامع التنمية الفلاحية بالصالون الدولي "افريكا فود"    معز حديدان: تونس تدفع ثمن ضعف الإنتاج وارتفاع كلفة الطاقة    الألواح الشمسية وقانون المالية 2026: جدل حول الجباية بين تسريع الانتقال الطاقي وحماية التصنيع المحلي    جون سينا يقول باي باي للمصارعة بعد 23 عام مجد    محرز الغنوشي يُبشّر: ''إمكانية تسجيل بعض الزخّات المطرية الضعيفة والمحلية بالشمال الشرقي''    جندوبة: استئناف النشاط الجراحي بقسم طبّ العيون    بعد الهجوم على قوات أمريكية في سوريا.. ترامب يتوعّد برد حاسم    مقتل شخصين على الأقل في إطلاق نار قرب جامعة براون الأمريكية    كأس القارات للأندية: فلامينغو البرازيلي يتاهل الى الدور النهائي بالفوز على بيراميدز المصري 2 - 0    السعودية.. السماح للأجانب بتملك العقار وتطبيق النظام المحدث ينطلق قريبا    سوسة.. العثور على جثة مسن روسي الجنسية في حديقة المكتبة الجهوية    كرة اليد.. النتائج الكاملة لمواجهات الجولة 18 لبطولة النخبة والترتيب    ترامب يكشف حالة الشرع بعد مقتل جنود أمريكيين في تدمر ويتوعد بردود فعل خطيرة جدا    حادث مرور قاتل بهذه الجهة..#خبر_عاجل    أخبار مستقبل المرسى...تربّص في المنستير ورهان على أيوب فجّة    إحالة أسهم ''دار الصباح'' إلى ''سنيب لابراس'' والشروع بدمجهما    افتتاح الدورة السادسة والثلاثين لأيام قرطاج السينمائية بحضور عربي وإفريقي ودولي واسع    الجريصة.. اطلاق اسم الفنان عيسى حراث على دار الثقافة    «فلسطين 36» يفتتح أيام قرطاج السينمائية...حين تستعيد السينما الذاكرة المسكوت عنها    8 أخطاء تخلّيك تمرض أكثر في الشتاء    مع الشروق : سيف العقوبات وسرقة ثروات الدّول    طلب جلسة عاجلة بسبب أسعار زيت الزيتون    تاكلسة.. قافلة صحية لطبّ العيون تؤمّن فحوصات لفائدة 150 منتفعًا    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    بق الفراش يثير الذعر في هذه البلاد    سوسة: "24 ساعة متواصلة من الشعر"    محافظ البنك المركزي: تونس يعوزها الاستثمار المنتج والتمويل الموجه نحو الاقتصاد الحقيقي    علاش يلزم تاكل فيتامين B12 في الصباح وعلى معدة فارغة؟    باش تستورد كرهبة؟ شوف شروط الامتياز الجبائي في قانون المالية 2026    بطولة انقلترا: محمد صلاح بديلا في تشكيلة ليفربول أمام برايتون    كرة اليد: الترجي يفوز بالدربي وينفرد بالطليعة    غدا: انقطاع التيار الكهربائي بالمنطقة السياحية بالمهدية    بوڨرّة يستقيل من تدريب المنتخب الجزائري    السجن 18 سنة لشخص اعتدى على تلميذة بعد تحويل وجهتها    مجموعة ووهان يانغلو الصينية تؤكّد رغبتها في إقامة استثمارات بمقاييس عالمية في تونس    عاجل/ اسرائيل تغتال الرجل الثاني في "حماس"    المؤسسة المالية الدولية تؤكد مواصلة دعم تونس في مجال الطاقات المتجددة    توزر: تنظيم الشباك الموحد لإتمام إجراءات السفر لموسم الحج 2026    أكثر من 230 فاعلا اقتصاديا من تونس والجزائر يشاركون في لقاءات مهنية مباشرة    عاجل/ ترامب يهدّد هذه الدول بالتدخّل العسكري البري    وهبي الخزري يعلن اعتزاله كرة القدم    تونس: بطاقة إيداع بالسجن لشاب قتل خاله دهسًا بسيارته    عاجل/ قرار جديد بخصوص ترويج زيت الزيتون في السوق الداخلية    قابس : الشروع في سنة 2026 في ترميم وصيانة معلم الكنيسة    تبيع منتوج مزيّف للتوانسة؟ عقوبة مالية والسجن في انتظارك!    اليوم: إنطلاق الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية    الدورة 38 لمهرجان نيابوليس الدولي لمسرح الطفل من 21 إلى 28 ديسمبر 2025    القصرين: نجاح أوّل عملية زرع قرنية بالمستشفى الجامعي بدر الدين العلوي    الأمم المتحدة تعتمد قرارا يُلزم الاحتلال بعدم تهجير وتجويع أهالي غزّة    صدور قانون المالية 2026 بالرائد الرسمي    تحذير عاجل: الضباب قد يصل إلى حدّ انعدام الرؤية ببعض النقاط    طقس اليوم: ضباب صباحا وارتفاع في درجات الحرارة    شنوّا حكاية ''البلّوطة'' للرجال؟    تنبيه لكلّ حاجّ: التصوير ممنوع    حملة صحية مجانية للتقصي المبكر لسرطان القولون بجهة باردو..    عاجل: هذه حقيقة الوضع الصحي للفنانة ''عبلة كامل''    خطبة الجمعة.. أعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك    بدأ العد التنازلي لرمضان: هذا موعد غرة شهر رجب فلكياً..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس : بيعة قروسطية أم انتخابات !؟


:
أتابع وعلى مدار أيام متتالية وعلى الشاشة التونسية مشهد البيعات المكررة لأحزاب وجمعيات تبارت في تسجيل حضورها وولائها للزعيم الأوحد والوحيد للشعب التونسي ..
كلمات المنقذ والقائد الأوحد والزعيم الفذ وصانع العهد الجديد وباني نهضة تونس لم تعد كلمات كافية للتعبير عن فيض من الحب والولاء للرئيس بن علي وهو يعلن ترشحه من شرفة المجلس الدستوري لدورة رئاسية خامسة ...
انضم "المزاودية" و "البنادرية" وأصحاب فرق "الحضرة" و"نور شيبة" ومطربو الفنادق والأعراس وجمعيات الأمهات والأطفال والشباب والشيوخ وحتى زعماء أحزاب وهمية الى معزوفة تبث يوميا في نشرات الأخبار الرئيسة من أجل افادتنا بأن الانتصار سيكون بنسبة تسعينية مؤكدة ستضاف الى منجزات الحداثة التونسية..
لو أبقى بورقيبة الراحل زعماء قبائل وعشائر وشيوخ نجع , لرأيناهم هم الاخرين على سماحة التلفاز يعلنون البيعة لقائد ملهم يصل الحد عند تقديسه الى صيحة حزبية مضمونها : "الله وحد الله وحد , ماكيفو حد ! ماكيفو حد !" ...
شخصيا لايزعجني أن يترشح الرئيس الحالي لدورة رئاسية جديدة , ولكن بشرط أن يسمح بمنافسة شخصيات محترمة من مثل أحمد نجيب الشابي أو مية الجريبي أو د.منصف المرزوقي أو الأستاذ مختار اليحياوي أو د .محمد مواعدة , أو أي شخص يرى في نفسه الكفاءة على ادارة شأن وطن ليس قدرا عليه أن يتداول على حكمه منذ الاستقلال رئيسان فقط !!!
الانتخابات الرئاسية والأجواء التي باتت محيطة بها , أصبحت بكل وضوح أمام ماأعاينه يوميا في نشرات الأخبار بيعة قروسطية قبلية لاتليق بمقام شعب له من العراقة والحضارة مايمتد عمره الى العشرة الاف سنة ..
الانتخابات التي تحاط بأجواء من الرعب والخوف ويحتفظ فيها النظام بسجناء سياسيين من أمثال الدكتور صادق شورو منذ حوالي عشرين سنة , والانتخابات التي تتم في أجواء من استمرار المحاكمات السياسية والاعتقالات لشباب بريء يؤخذ بالشبهة والوشاية لمجرد انتمائه لعالم الفضيلة والنضال الطلابي.., والانتخابات التي يعتقل على أبوابها رجال أفاضل من مثل الدكتور أحمد العش الطبيب المرسم بعمادة الأطباء الفرنسيين لمجرد توجهه الى تونس لزيارة والده المريض .., والانتخابات التي تدور في أجواء استبعاد الالاف من التونسيين والتونسيات من زيارة الوطن نظرا لنشاطهم السابق بصلب هياكل المعارضة .., والانتخابات التي لاتقع في كنف الشفافية وتحت مراقبة وطنية أو اقليمية أودولية صارمة , والانتخابات التي لاتقع في ضوء تنافس البرامج على شاشة التلفاز وفق نظام المناظرة المتساوية الحظوظ .., والانتخابات التي لايلازم فيها التلفاز والاذاعة الحياد تجاه المرشحين .., والانتخابات التي لايحيد فيها جهاز الأمن من اللعبة .., والانتخابات التي تتم في أجواء من الترهيب والتخويف كما وقع مع صديقنا المحامي الأستاذ خالد الكريشي حين اعترض على تزكية مرشح السلطة من قبل جمعية المحامين الشبان.., والانتخابات التي تستبله شعبا مثقفا ونخبا متعلمة وشبابا متطلعا نحو غد افضل عبر مساومته على لقمة العيش والعمل ترغيبا أوترهيبا .., هي أقل مايقال فيها انتخابات فاسدة وعديمة لأنها تستحمر جمهورا تونسيا عريضا وتريد تحويله الى قطيع يبايع على تضييع الكرامة ,واستمرار حالة القمع , ومصادرة الحرية , وغياب فرص العدالة الاجتماعية ...!
تونس اليوم تشهد ردة سياسية نحو الماضي حين مزج بورقيبة بين شخصه والدولة وجعل منهما مزيجا منصهرا يكوي بناره كل مخالف في الرأي ..
واذا كان بورقيبة قد حسم الأمر بالنسبة لثلاثين سنة من حكمه عبر تعتيه منافسيه واتهامهم بالاضطراب العقلي , ثم عبر حظر أي منافسة انتخابية رئاسية عبر تحشيد جماهيره الفلكلورية والمسرحية في مقولة شهيرة عرفت ب"بورقيبة مدى الحياة" ! , فان تونس اليوم تبدو متجهة بالتأكيد نحو نفس المصير , اذ بات الدستور وثيقة قابلة للتعديل وفق أهواء الطبقة الأولى للحكم , وبات الاعلام جوقة مدائح وأذكار تطرب وتسكر لأخبار الزعيم الوحيد والأوحد , المنقذ والفذ ..
وبات من ينتقد تجاوز الفترات المحددة دستوريا أو المتسائل القلق على مصير البلاد في ظل غياب ثقافة التداول السلمي والسياسي بمثابة الخائن لانجازات قائد مسيرة تونس المظفرة !
نحن حينئذ أمام خيبة أمل كبرى وقلق حقيقي على مصير البلاد , حين نعود القهقرى بالوطن الى عقدين ونصف أو ثلاثة عقود الى الوراء .., حينها كان تمجيد بورقيبة وزعامته الفذة مقدمان على تسعة ملايين تونسي وعلى مائة وخمسة وستين ألف كلم مربع رويت بدماء الشهداء الطاهرين في معارك التحرير ..
صنع بورقيبة من نفسه قديسا وزيف بصفته منتصرا تاريخ الوطن , وتكشفنا برغم مزاياه الكثيرة على تونس وشعبها على كارثة تاريخية مازالت توابعها تلاحقنا الى اليوم ..
كوارث سياسية صنعها بورقيبة حين أفرز طبقة حاكمة تكفر بالتداول السياسي السلمي وتمارس القمع على المخالفين وتستبيح التعذيب وتؤله الزعيم وتجعل من حذائه الضائع في الصحراء قصة تستحق أن يشد اليها الرحال وتؤلف عنها كتب من قبل "حافظي العهد" ...!
مأساة أسس لها بورقيبة حين أله زعامته ووصفنا بالغبار الذي صنع منه شعبا وتاريخا , ومأساة ستستمر فصولها باخراج جديد اذا لم نتقيد اليوم بروح الدستور ونضع تونس على سكة الحداثة السياسية الحقيقية والتداول بعيدا عن تأليه زيد أو عمرو مهما بلغ شأوه وفضله ..
دمتم في رعاية الله


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.