أعلن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي عن إجراءات وقرارات جديدة تتعلق بمزيد ترسيخ التعددية والديمقراطية وحقوق الإنسان و تكريس حرية الرأي والتعبير وتفعيل مسيرة التنمية الشاملة. وتعهد في خطاب ألقاه في الذكرى الثالثة والعشرين للتغيير الذي قاده في 7 نوفمبر 1987 بمواصلة الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بما يدعم مقومات النظام الجمهوري ودولة القانون واستقلالية القضاء وتوسيع دائرة المشاركة السياسية وتكريس الحريات العامة والفردية وحماية حقوق الإنسان وتعزيز التعددية السياسية في مختلف المجالس والهياكل الاستشارية وفي الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية والبلدية مؤكدا أن هذا الخيار لا تراجع فيه. وأبرز الرئيس بن علي أن النتائج التي حققتها تونس مدى الأعوام الماضية تؤكدها المؤشرات والتصنيفات العالمية في مستويات سلامة الحوكمة وإدارة الشأن العام والتنمية والتنافسية الاقتصادية واستقطاب الاستثمارات الخارجية وجودة الحياة وسرعة تطور مؤشر التنمية البشرية وسياسات الوفاق الاجتماعي والتضامن. وأكد أن حرية الرأي والتعبير مضمونة بالدستور وأن الرأي المخالف والنقد محترمان في تونس التي لا يوجد فيها اليوم من سلبت حريته أو تمت محاسبته من أجل رأي مخالف أو قول ناقد. وقرر الرئيس بن علي إحداث ملتقى دوري للأحزاب الممثلة في البرلمان يتداول رئاسته الأمناء العامون لتلك الأحزاب لتبادل الآراء حول مختلف المواضيع والحياة السياسية ليكون فضاء جديدا يزيد الديمقراطية والتعددية السياسية رسوخا وثراء. كما قرر دعم المرصد التونسي للانتخابات ليضم شخصيات مستقلة مشهودا لها بالكفاءة والإشعاع بما يعزز دوره في مراقبة سير العملية الانتخابية في جميع مراحلها ونشر تقارير المرصد حتى يكون الجميع على بيّنة من ظروف سير العملية الانتخابية. كما قرر تعزيز صلاحيات المجلس الأعلى للاتصال بما يمكنه من السهر على ضمان التنافس النزيه بين مختلف مكونات المشهد الإعلامي والاتصالي وكذلك تعزيز تركيبة هذا المجلس بحضور المرأة والأحزاب الممثلة في البرلمان وممثل عن برلمان الشباب. وسعيا إلى تمكين الأحزاب السياسية من فضاءات أرحب لتبليغ آرائها وخياراتها، دعا بن علي إلى توسيع مشاركة الأحزاب والشخصيات التونسية في البرامج الحوارية التلفزية والإذاعية. كما قرر الترفيع مجددا في منحة الدولة المخصصة للأحزاب السياسية ولصحافتها حاثّا على مزيد توسيع الفضاءات المخصصة للإعلام الجمعياتي في البرامج الإذاعية والتلفزية، لتقريب هذا النشاط من الرأي العام، وإطلاع المواطن عليه وتوسيع المساحات الحوارية المتاحة له. وتشجيعا للطاقات الشبابية الواعدة في مختلف ميادين الإعلام والاتصال، قرر الرئيس بن علي إحداث "جائزة أفضل مقال صحفي حول الشباب" مجددا حرصه على تطوير المنظومة التشريعية للإعلام الإلكتروني، بما يستجيب إلى خصوصياته ويدعم تطوره. وبعد إعلانه عن جملة من الإصلاحات والقرارات الجديدة التي تعزز منظومة حقوق الإنسان والحريات، لاحظ الرئيس بن علي أن الرابطة التونسية لحقوق الإنسان هي مكسب وطني يبقى فوق الحسابات الشخصية والحزبية الضيقة وبعيدا عن كل توظيف مؤكدا أن تجاوز أزمة الرابطة منوط بعهدة الرابطيين دون سواهم ودعا إلى تجاوز هذه الأزمة خلال الأشهر الستة القادمة في إطار اتفاق يعيد للرابطة نشاطها المعتاد وأكد أن نشطاءها سيلقون لديه كل المساعدة. وأعرب الرئيس بن علي عن الارتياح للحركية التي يشهدها قطاع الشباب في تونس تزامنا مع الاحتفال بالسنة الدولية للشباب داعيا إلى أن يتناول برلمان الشباب التونسي خلال دورته في شهر مارس القادم دراسة مشروع الإعلان الذي سينبثق عن المؤتمر العالمي للشباب المقرر لصائفة 2011 بإشراف منظمة الأممالمتحدة مساهمة من شباب تونس في إثراء هذا المرجع الأممي الأول من نوعه والذي سيتوج فعاليات هذه السنة الدولية للشباب. وبعد أن جدد أن التشغيل يبقى أولوية في سياسة تونس، أعلن عن إدماج 15 ألف طالب شغل جديد داعيا الشباب إلى التحلي بروح المبادرة وإلى الانخراط في الشبكات العالمية للخدمات المدنية التطوعية لمزيد دعم تكوينهم الميداني وتحسين تشغيليتهم وتطوير قدراتهم على الاندماج في الأسواق العالمية. وبخصوص مراجعة الأجور وتحسين القدرة الشرائية، أعلن الرئيس بن علي عن انطلاق جولة جديدة من المفاوضات الاجتماعية في بداية سنة 2011 لتحقيق مزيد الرفاه للأجراء ودعم القدرة التنافسية للمؤسسات ومزيد النجاعة للاقتصاد والرفع من إنتاجيته. وأبرز الرئيس بن علي أن الجهود التنموية متواصلة لتعميق الإصلاحات وبلورة الإستراتيجيات الرامية إلى تطوير هيكلة الاقتصاد ودفع نشاطه ودعم تنافسيته وإدماجه في الدورة العالمية مشيرا إلى النمو الذي حققته تونس سيمكن من تواصل الارتقاء بالمعدل السنوي للدخل الفردي ليتجاوز 6 آلاف دينار مع موفى هذا العام وهو ما يسجل تحسنا مهما في مؤشر اللحاق بالبلدان المتقدمة. ومواكبة للتطورات في مجال تكنولوجيات الاتصال الحديثة، قرر الرئيس بن علي تعميم ربط مختلف المؤسسات الإدارية بالانترنت ذات السعة العالمية انطلاقا من سنة 2011 وإعادة هيكلة قطاع الانترنت بما يضمن توفير خدمات بجودة عالية وأسعار تفاضلية. كما قرر إحداث "مدينة تونس للتكنولوجيا" طبقا للمقاييس العالمية، تحتضن المشاريع ذات المحتوى التكنولوجي الرفيع وآخر تطبيقات المعارف الحديثة. واختتم الرئيس بن علي خطابه قائلا:" إن انخراطنا في مسار الحداثة يدعمه حرصنا على صيانة مقومات هويتنا الوطنية وما يميز ديننا الإسلامي الحنيف وثقافتنا ورصيدنا الحضاري من وسطية واعتدال وتسامح وتعلق بقيم التضامن وبالمبادئ الكونية التي أقرتها مختلف الحضارات".