زادت هزيمة النادي الصفاقسي على أرضه ضد الفتح الرباطي وخسارته لنهائي كأس الاتحاد الأفريقي من مشاكل كرة القدم التونسية التي تعيش واحدة من أحلك فترات تاريخها. فبعد الفشل في التأهل لكأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا بعد هزيمة "ساذجة" في آخر مباريات التصفيات في موزمبيق، تواصلت متاعب اللعبة الشعبية الأولى في تونس بل زادت حدّة رغم وصول اتحاد جديد ومسؤولين جدد. فالمنتخب ما زال يعاني وتدهورت نتائجه بدرجة فظيعة حيث انهزم في تصفيات كأس أمم أفريقيا 2012 ذهابا وإيابا ضد منتخب بوتسوانا المغمور وعرف صعوبات كبرى ضد منتخبات بدون تجربة مثل مالاوي وتوغو، وأصبحت حظوظ "نسور قرطاج" ضئيلة في التأهل حتى في المركز الثاني. تراجع الأندية وفشل الترجي التونسي والنادي الصفاقسي في نهائيي المسابقتين الأفريقيتين وتزامن الفشل مع هزيمتين مذلّتين أثرتا على شعبيتيهما في أفريقيا والعالم العربي وأطاحتا بمدربيهما. وفي حين يرى البعض أن وصول فريقين تونسيين للنهائيين الأفريقيين نتيجة إيجابية ودلالة على تطور المستوى، يعتقد شق كبير من التونسيين أن الأندية الأفريقية أضعف ماليا ورياضيا من أن تنافس الفرق التونسية لأنها تفرّط في لاعبيها في سن مبكّرة ويعتبر هذا الشق أن وصول الفرق التونسية باستمرار لمراحل متقدّمة من رابطة الأبطال وكأس الاتحاد الأفريقي هو "أضعف الإيمان" والحد الأدنى الذي يمكن القبول به. وحتى المنتخبات التونسية للشباب عرفت نكسات مشابهة وانسحب جميعها من كل المسابقات التي شاركت فيها في الأعوام الثلاثة الماضية. مشاكل هيكلية ومازالت كرة القدم التونسية لم تحسم مشاكل وصعوبات عميقة تهدد استقرارها أبرزها تمويل الأندية والهياكل المشرفة وتكوين اللاعبين الشبان وحالة الملاعب والتحكيم وإقالات المدربين وعنف الجماهير الذي بلغ درجات خطيرة وفشلت الهياكل المسؤولة في إيجاد حلول جذرية له. ورغم جهود الدولة التونسية في دعم الرياضة عموما وكرة القدم بالتحديد، مازالت الأندية تصرف شؤونها بطريقة يطغى عليها الارتجال والمحاباة والمصالح الضيقة التي وترت العلاقة بين الأندية وبين أنصار الفرق المختلفة وبين الأندية واتحاد كرة القدم وبين الأندية والحكّام وبين الأندية والمدربين. وأصبحت الفرق تبحث عن النتائج العاجلة بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة وبعيدا عن العمل طويل المدى وعن التكوين العلمي. نتائج مباشرة وغير مباشرة ما حصل للترجي وللنادي الصفاقسي ما هو إلاّ مؤشر على ما وصل إليه حال كرة القدم التونسية ويكشف الهوّة العميقة بين دعم الدولة للّعبة والرغبة السياسية المعلنة من ناحية وبين واقع الحال والعمل الميداني للأفراد والهياكل والأندية من ناحية أخرى. وللفشل أوجه عديدة أخرى لا تقل خطورة، أبرزها تراجع إقبال الأندية الأوروبية والعربية على انتداب اللاعبين والأجهزة الفنية التونسية، وتراجع سمعة التحكيم التونسي فغاب عن أبرز التظاهرات الدولية في السنوات الماضية أبرزها كؤوس العالم للأشبال والشبان والكبار 2010 التي دارت ثلاثتها في بلدان أفريقية. والتجأ عديد اللاعبين والمدربين التونسيين والأفارقة والأوروبيين إلى الاتحاد الدولي (فيفا)، رافعين شكاوي ضد فرق تونسية لم تصرف لهم جانبا من مستحقاتهم المالية، ولا يكاد يمر شهر دون نظر فيفا في شكوى ضد طرف تونسي. والملاحظ أن الاتحاد التونسي للّعبة، وهو الأقل شعبية على الإطلاق في تاريخ كرة القدم التونسية، ما زال يختار الهروب إلى الأمام ويرفض الاعتراف بالنقائص والأخطاء ويدافع بشدّة عن الفاشلين مثل مدرب المنتخب برتران مارشان والحكّام ويدير شؤون الكرة بطريقة بالية ومرتجلة. وبدأ الشارع الرياضي في تونس وبعض وسائل الإعلام تتداول أخبار الخلافات العميقة حول واقع كرة القدم ومستقبلها، بين اللجنة الأولمبية التونسية التي يرأسها سليم شيبوب الرئيس السابق للترجي التونسي والعضو السابق باللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لكرة القدم من ناحية والاتحاد التونسي لكرة القدم ورئيسه علي الحفصي الجدّي من ناحية أخرى، وهو خلاف تتضح ملامحه كل يوم ولا يمكن إلا أن يزيد في علل كرة القدم التونسية بمختلف مكوّناتها.