بعد الزيادة في أسعار مشتقات الحبوب والحليب والمحروقات والماء والتطهير خلال هذه الصائفة ، أقدمت الحكومة التونسية خلال الأيام الفارطة على زيادات جديدة في سعر المحروقات والهاتف وبعض المواد الأساسية الأخرى ، محملة الطبقة الشغيلة والطبقات الفقيرة تبعات أزمتها الاقتصادية. وقد قدّر الخبراء الاقتصاديون نسبة الزيادة في الأسعار خلال العشرة أشهر الأولى من سنة 2010 بأكثر من 7 بالمائة، وهي تساوي حوالي مرة ونصف ما كانت عليه خلال نفس الفترة سنة 2009( في حين أن الزيادة في الأجور خلال المفاوضات الأخيرة لم تتجاوز 4.7 بالمائة لمدة ثلاث سنوات). كما يتوقع أن لا يتوقف مسلسل الزيادات خلال الأشهر المقبلة ، وذلك استنادا لقرار الحكومة القاضي بالحد من دعم المواد الاستهلاكية ، ومنها الكهرباء والمحروقات، هذا بالإضافة إلى الزيادة المنتظرة في الخصم لفائدة التقاعد والتخفيض المنتظر في جراية المتقاعد. إزاء هذا التدهور الكبير في المقدرة الشرائية للشغالين، لم ينشط المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل إلا في تحريك لجان النظام لمعاقبة العديد من النقابيين الذين يبدون رأيا مخالفا و مضايقتهم وتجميد نشاطهم ، أو للتحضير للمجلس الوطني الذي يراد له أن يكون مدخلا لتغيير قوانين الاتحاد ، وخاصة الفصل العاشر من القانون الأساسي، حتى يتسنى لهؤلاء البقاء مدة أطول في مواقعهم على رأس المنظمة، وكأنه لا يعبأ بما يعانيه الشغالون والفقراء من تدهور للوضع المعيشي وعدم قدرة على مجابهة الغلاء الفاحش للأسعار،خاصة مع الارتفاع الحاد لنسب البطالة الذي أدى الى اندلاع احتجاجات شعبية واسعة بعدة مناطق من البلاد ، كالرديف وفريانة وبن قردان سابقا وسيدي بوزيد هذه الأيام، والمكتب التنفيذي للاتحاد لا يملك إلا أن ينتظر فرصة المفاوضات الاجتماعية المقبلة التي لن تكون مختلفة عن سابقاتها مادامت تدار بنفس الآليات. إن اللقاء النقابي الديمقراطي المناضل بولاية القيروان الذي يحمّل الحكومة التونسية مسؤولية اهتراء الطاقة الشرائية للمواطن لا يستثني قيادة الاتحاد من المسؤولية لأنها لم تواجه اكتواء الشغالين بالتهاب الأسعار إلا بالصمت المريب، ولم تمكن مختلف الهياكل النقابية الوطنية والجهوية من تحركات نضالية( اجتماعات ، تجمعات ، مسيرات ...) تضغط باتجاه تحقيق مكاسب ملموسة للشغالين وتساعد في المفاوضات الاجتماعية القادمة. ونحن إذ نرفض المركزة المفرطة للمفاوضات ، فإننا ندعو إلى تمكين القطاعات المختلفة من تحمّل مسؤوليتها في التفاوض لمعرفتها بأوضاع وخصوصيات منضويها. كما نؤكد على ضرورة ربط أية زيادة في الأجور بمؤشر الأسعار، إذ أثبتت المفاوضات الدورية السابقة ونتائجها الهزيلة عجز ذلك الأسلوب على مجابهة الارتفاع المتواصل لتكاليف الحياة والزيادات المتلاحقة في الأسعار وتحسين القدرة الشرائية للأجراء وعموم الشعب. اللقاء النقابي الديمقراطي بالقيروان