قالت مصادر عديدة يوم الاثنين بعد أيام من احتجاجات الشوارع التي طالبت باستقالة الحكومة التونسية إن سياسيين تونسيين يتفاوضون بشأن تشكيل مجلس يشرف على الحكومة المؤقتة. وقالت المصادر إن المجلس سيكلف بحماية الثورة التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي هذا الشهر وسط شكاوى واسعة النطاق بأن الاعضاء السابقين في الحزب الحاكم يحاولون التشبث بالسلطة. ويتوقع ان يضم المجلس السياسي المعارض الذي يتمتع باحترام أحمد المستيري الذي يعتقد سياسيون معارضون وأعضاء سابقون في حزب التجمع الدستوي الديمقراطي انه يمكنهم العمل معه. جاءت هذه الانباء بينما حذر قائد الجيش التونسي - الذي رفض دعم حملة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ضد المحتجين - من أن وجود فراغ سياسي من شأنه أن يعيد الدكتاتورية. واضاف قائد الجيش رشيد عمار لحشود خارج مكتب رئيس الوزراء محمد الغنوشي أن ثورة الجيش هي ثورة الشعب. وشدد على أن ثورة الشباب قد تضيع وقد تستغل من جانب من ينادون بخلق فراغ دستوري. وقال بينما طالب محتجون أمام مكتب رئيس الوزراء باسقاط الحكومة المؤقتة أن الجيش سيدافع عن الثورة. واعتبر قرار عمار بسحب الدعم من بن علي نقطة تحول أجبرت الرئيس في نهاية الامر على مغادرة البلاد في 14 من يناير كانون الثاني بعد أسابيع من الاحتجاجات الشعبية. وقال مساعد وزيرة الخارجية الامريكية جيف فيلتمان ان الولاياتالمتحدة سمعت صوت الشعب التونسي ومستعدة لدعم انتقاله الى انتخابات حرة. وقد وصل فيلتمان الى العاصمة تونس يوم الاثنين واجتمع مع مسؤولين بينهم وزير الخارجية كامل مرجان لبحث خطط الاصلاحات الديمقراطية والانتخابات. وقال فيلتمان فيما نقلته وسائل الاعلام الحكومية ان الولاياتالمتحدة سمعت أصوات الشعب التونسي وانها سمعت أصواتهم عالية وواضحة. وأضاف ان الولاياتالمتحدة مستعدة لتقديم أي دعم يكون مناسبا أو مطلوبا لكن واشنطن تتخذ الان خطوات لاظهار مساندتها لما قال الشعب التونسي نفسه انه يريد ان يحدث. واشعلت ثورة التونسيين حماس الملايين في أنحاء العالم العربي ممن يعانون بالمثل من البطالة والغلاء وفساد الحكم غالبا من جانب زعماء تدعمهم القوى الغربية ليقفوا حائلا دون التشدد الاسلامي. وحذرت الحكومة المصرية نشطاء معارضين يأملون في تقليد الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في تونس بأنهم سيواجهون الاعتقال اذا مضوا قدما يوم الثلاثاء في تنظيم احتجاجات كبيرة وصفها البعض بأنها "يوم غضب". وقالت سهام بن سدرين الناشطة الحقوقية البارزة ورئيسة المجلس الوطني للحريات وهو مؤسسة غير حكومية ان اعلانا سيصدر بشأن المجلس الجديد في أي يوم. وقالت انه يجري التفاوض مع الحكومة المؤقتة وانهم أجروا اتصالات مع بعض الوزراء في الحكومة الجديدة ورئيس لجنة الاصلاح السياسي في اشارة الى لجنة شكلتها الحكومة لمراجعة القوانين التونسية لكي تسمح باجراء انتخابات حرة وتمنع ظهور رجل قوي جديد. وأضافت قولها ان الفكرة هي انشاء مجلس لحماية الثورة. وأضافت ان البرلمان الصوري الذي كان يوافق على كل شيء في عهد بن علي سيتم حله بموجب الخطة الجديدة وان المجلس سيمنح سلطات للاشراف على الحكومة المؤقتة التي قد تحتفظ بالغنوشي رئيسا للوزراء. وسيصدر المجلس قانونا انتخابيا ويجري انتخابات لبرلمان أساسي يعيد صياغة الدستور. وسيضم اتحاد الشغل القوي في تونس ونقابة المحامين ومنظمات المجتمع المدني والاحزاب السياسية بما فيها حزب النهضة أكبر جماعة اسلامية في البلاد والذي كان محظورا خلال حكم بن علي. وقالت ان هذه الاجراءات ستكون لتنفيس غضب الشعب وانها حل للخروج من هذه الازمة ووسيلة لترسيخ ثقة الشعب. وقال العربي صديقي استاذ العلوم السياسية بجامعة اسكس بانجلترا انه كان مطلعا على المشاورات وان سياسيين مخضرمين من عهد زعيم الاستقلال الحبيب بورقيبة شاركوا من وراء الستار ومن بينهم المستيري الذي انشق على بورقيبة في الستينات بسبب غياب الديمقراطية وشكل حزبه السياسي. وقال صديقي ان المستيري بالتأكيد عنصر ايجابي حقيقي وانه وقف ضد بورقيبة وأنشأ حزبه ووصفه بأنه شخص يحظى باجماع مقبول لدى كل من العلمانيين والاسلاميين. وقال لرويترز انه في اطار المشاورات يتوقع ان يكون هناك تعديل وزاري في الايام القادمة. واستقال خمسة وزراء منذ اعلان الحكومة المؤقتة في الاسبوع الماضي بينهم ثلاثة ممثلين لاتحاد الشغل القوي وزعيم معارض. وفي وقت سابق أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق محتجين في العاصمة تونس. وقام المحتجون ومعظمهم من المناطق الريفية المهمشة الذين أقاموا في الليلة السابقة عند مكتب رئيس الوزراء وهشموا زجاج نوافذ بالقرب من مبنى وزارة المالية. وقال كمال عاشور وهو من تونس العاصمة "لم لا يدعوننا نكسر الحواجز وننضم الى اخواننا؟ لماذا يقولون انهم سيسمحون لنا بحق الاحتجاج ثم يمنعوننا؟" وأضاف "هل يخشون أن تهتز الحكومة فعلا؟ يبدو أن نظام بن علي عاد." وقال وزير التنمية الجهوية نجيب الشابي ان الحكومة التونسية وافقت يوم الاثنين على عرض 500 مليون دينار (354 مليون دولار) تعويضا لعائلات الذين قتلوا في الثورة التي مضى عليها شهر في البلاد. وقال الشابي لتلفزيون هانيبال ان الحكومة ستدفع 150 دينارا شهريا الى العاطلين. وقال التلفزيون التونسي يوم الاثنين ان الشرطة التونسية وضعت عبد الوهاب عبد الله المستشار السياسي للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي رهن الاقامة الجبرية. وكان عبد الله مسؤولا أيضا عن مراقبة وسائل الاعلام. وقالت الحكومة المؤقتة الاسبوع الماضي انه تم اعتقال 33 شخصا من عائلة بن علي. وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي انه سيعرض تقديم مساعدات عاجلة لتونس في الفترة الانتقالية نحو تشكيل حكومة جديدة ودافع عن موقف فرنسا بعدم التدخل في الاضطرابات السياسية التي اجتاحت هذا البلد. وقال في مؤتمر صحفي في باريس "كان هناك يأس ومعاناة واحساس بالاختناق .. يجب ان نقر بذلك .. لم نقم بالتقييم المناسب." وقال ساركوزي ان فرنسا ستقتفي اثر الثروات التي نهبت أثناء تولي بن علي الحكم وتعيدها الى التونسيين وصرح مدعي باريس في وقت لاحق بانه فتح تحقيقا اوليا في أرصدة الرئيس السابق في فرنسا. من طارق عمارة واندرو هاموند Tue Jan 25, 2011 4:51am GMT