تحت شعار "شراكة استراتيجية عربية_ أوروبية" ينعقد منتدى "الحوار العربي- الأوروبي" في باريس يومي 26 و 27 أبريل الجاري ليدشن مرحلة جديدة في تاريخ العلاقات العربية الأوروبية، تقوم على الشراكة وتعزيز التقارب والتفاهم بين الطرفين ، وينعقد المنتدى في مقر معهد العالم العربي في باريس. يشارك في تنظيم المنتدى جامعة الدول العربية والاتحاد العام للغرف العربية، والغرفة التجارية العربية الفرنسية، والغرف التجارية العربية الأوروبية المشتركة. نقطة البداية أطلقت جامعة الدول العربية منتدى الحوار العربي- الأوروبي، كآلية جديدة لتعزيز العلاقات بين العالم العربي وأوروبا في ترجمة عملية، لما اتفق عليه الزعماء العرب خلال قمة الخرطوم 28 ، 29 مارس الماضي من ضرورة استئناف الحوار العربي الأوروبي وتفعيله. وجاء البيان الختامي للقمة ليؤكد على ضرورة التعاون والحوار والاحترام المتبادل بين الشعوب والثقافات وبناء عالم يسوده الانفتاح والتسامح وأهمية تبني ثقافة الحوار والتحالف بين الحضارات والأديان تكريسا للأمن والسلم الدوليين وسعيا إلى ترسيخ قيم التسامح والتعايش السلمي والعمل مع الحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية؛ من أجل تعزيز آليات التفاعل للتعرف على ثقافة الآخر واحترامها. ولم يغفل القادة العرب في بيانهم التشديد على أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية المتكافئة مع مختلف المجموعات الاقتصادية في العالم. وتبرز أهمية الحوار العربي الأوروبي في هذه المرحلة؛ نتيجة المستجدات التي تمر بها الدول العربية والتي تتطلب تحركا أكثر نشاطا باتجاه تعزيز الحوار وترسية أسس التفاهم والتقارب، وهو ما يفسر الاجتماعات المشتركة بين الدول العربية مع ممثلي الغرف المشتركة في أميركا الشمالية والجنوبية، الذين يعملون من أجمل تطوير العلاقات مع الدول العربية، والقمة العربية مع أميركا الجنوبية التي عقدت في مايو من العام الماضي في اتجاه تعزيز التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك. في هذا الإطار، وجه "عمرو موسى" الأمين العام للجامعة العربية رسالة إلى الرئيس الفرنسي "جاك شيراك" لرعاية المنتدى وإلقاء كلمة في الجلسة الافتتاحية، كما وجه دعوة أخرى إلى "خافيير سولانا" مفوض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي والأمين العام للمجلس الأوروبي؛ لإلقاء كلمة أيضا في الجلسة الافتتاحية، كما حث في رسائله إلى وزراء الخارجية والاقتصاد العرب على دعم المنتدى والمشاركة فيه. محاور المنتدى المحاور الأساسية للدورة الأولى للمنتدى وتدور حول التحولات العالمية وانعكاساتها على العلاقات بين العالمين العربي والأوروبي، وصورة الآخر في الإعلام العربي والأوروبي، وآليات التعاون في مجال المعرفة، ومستقبل العلاقات العربية الأوروبية، ودور الرصيد الثقافي المشترك في تعزيز تحالف الحضارات. وتعد العلاقات الاقتصادية العربية الأوروبية ومفهوم الشراكة في ظل منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى، هي موضع اهتمام الاجتماعات التنسيقية للغرف التجارية العربية الأوروبية المشتركة خلال الفترة الماضية. لذلك فإن الاتحاد العام للغرف العربية، دأب على مراجعة مستوى التقدم في العلاقات العربية الأوروبية، خاصة فيما يتعلق بالمساعدات والدعم المالي الممنوح، خلال برامج الشراكة العربية الأوروبية، وتتجه التوصيات العربية خلال المنتدى إلى وضع آليات جديدة لمنح هذه المساعدات لتتفق مع أولويات الدول العربية في إطار خططها وأهدافها التنموية. وكان الاهتمام العربي في المراجعات السابقة، منصبا على إشراك جميع الدول العربية في اتفاقيات الشراكة والتعامل مع البلدان العربية في إطار منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، التي تؤمن السوق الواسعة للسلع والخدمات والاستثمار. وتتمحور الرؤية العربية للحوار بين الجانبين في المجال الاقتصادي، في إشراك القطاع الخاص في عملية التعاون والتفاوض المتعلق بالاقتصاد والتجارة، فضلا عن تشجيع انسياب الاستثمارات الأجنبية والنظر إلى الشراكة مع الاتحاد الأوروبي باعتباره عملا دائم التجديد؛ لتحقيق التفاعل المطلوب مع المستجدات والتحولات الراهنة. ويظهر هذا الاهتمام العربي من خلال تصريحات "عدنان القصار" رئيس الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة في البلدان العربية خلال ترؤسه الاجتماع السنوي للغرف التجارية العربية - الأجنبية المشتركة مؤخرا، والتي شدد خلالها على وجوب حثّ الخطى لجعل الشراكة العربية الأوروبية عملا مثمرا لتنشيط انسياب الاستثمار الأجنبي نحو الدول العربية، والإفادة من الآفاق الواعدة المتاحة للاقتصاديات العربية؛ بغية الانخراط أكثر فأكثر في مجتمع الأعمال الدولي، عبر إرساء قواعد للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، لما فيه مصلحة شعوبنا وتقدمها. كما لفت "القصار" إلى أهمية الاستفادة من فرص التعاون المشترك وانسياب الاستثمارات الأوروبية في نقل التكنولوجيا إلى الاقتصاديات العربية، داعيا إلى اغتنام منتدى الحوار العربي الأوروبي، في توثيق العلاقات العربية الأوروبية. وأشار "القصار" إلى الدور المنوط بالغرف المشتركة، كقنوات اتصال وتعريف مع مجتمع الأعمال الدولي، "لما لذلك من تأثير إيجابي على الاقتصاد العربي لناحية دفق الاستثمارات الأجنبية وزيادة التنافسية وتوفير الوظائف". الجدير بالذكر في هذا الصدد، أن اتفاقية الشراكة الأوروبية اللبنانية الموقعة في يونيو 2002، قد دخلت حيز التنفيذ شهر أبريل الجاري؛ لتشكل مرحلة جديدة من العمل المشترك بين لبنان ودول الاتحاد الأوروبي في مختلف المجالات. وثمن رئيس مجلس الوزراء "فؤاد السنيورة" هذه الخطوة، مشيرا إلى ايجابياتها المأمولة على كافة الأصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وعلى جانب آخر، أعرب وزير الاقتصاد والتجارة السوري "عامر لطفي" عن أمله في تنفيذ اتفاق الشراكة المجمد مع الاتحاد الأوروبي في أقرب فرصة، لافتا إلى أهميته في دفع مسيرة العلاقات بين الجانبين التي بلغت ذروتها خلال مشاركة سوريا في مؤتمر برشلونة عام 1995.