خرج الإخوة من السجن إثر عفو صدر بحقهم وليس عبر محاكمتهم أمام القضاء الليبي الطبيعي، فكان لهم موقفين الأول شكر وامتنان بالخطوة واعتبروها خطوة تصحيحية في حقهم تدفع نحو فك فتيل الأزمة شيئا فشيئا، وقد توجه الأخ المهندس سليمان عبد القادر بالشكر إلى كل من ساهمت جهوده في الوصول إلى هذه النتيجة وعلى رأسهم الأخ المهندس سيف الإسلام الذي كان بحماسته للمشروع ما بلغ إلى حد المجازفة السياسية نظرا لتعثر خطى المشروع لظروف وملابسات طارئة فتأخر خروج الإخوان عن المدى الذي ضربه لإنجاز هذه الخطوة، قدر الإخوان كل ذلك له ولغيره لمن سعى في نفس الإتجاه سواء من القيادات السياسية أو الأمنية وقاوموا كل الضغوط النفسية الدافعة لردود أفعال غير عقلانية. أما الموقف المتحفظ فكان على الشكل أو النسق الذي جاءت فيه هذه الخطوة فالإخوان عادوا إلى المجتمع مُجرًّمين سياسيا وهذا طبعا يلقى بظلال من القلق بطبيعة الحال، ومن هنا فهذه قضية لا تزال معلقة وستطرح على القضاء الليبي بملابساتها كلها من جديد من خلال ما تقدم به الإخوان من استئناف ضد الحكم بحقهم، وهذا حق للمواطن وليس هزيمة للدولة بأي حال من الأحوال ولا يعتبرها الإخوان معركة ضد أحد إنما يعتبرونها مسألة حقوق مواطنة، وسيكون لإنصاف الجهاز القضائي للإخوان في هذه القضية ما يعزز خيار الدولة ويعزز ثقة المواطن في أجهزتها وهذا إن تحقق فبدون شك لن يعتبره عاقل هزيمة للأجهزة الأمنية بحال، بل على العكس هو تأكيد للعالم أن هناك دولة فيها جهاز قضائي يحمي المواطنين ضد ممارسات الأجهزة التنفيذية خارج إطار القانون أو حتى مجرد التعسف في استخدام السلطة والصلاحيات وتطبيق القانون، ولسنا هنا سوى مواطنين لا غير من واجب الدولة أن تنصفنا ومن واجب الجهاز القضائي أن يفصل في المنازعات بيننا وبين أجهزة الدولة، ثم بعد ذلك نلتقى مع رجال هذه الأجهزة حول مصلحة الوطن ونلتقى معهم في المناسبات فنتصافح ولا يفسد هذا التنازع القضائي للبناء الإجتماعي الليبي قضية. أما خروج الإخوان فقد كان والحق يقال بحفاوة غامرة من الإخوة في الأجهزة الأمنية- سبحان امغير الأحوال- فخصصت طائرة خاصة نقلت المساجين وذويهم من طرابلس إلى بنغازي رغم ضعوبة الظروف الجوية، كما قامت قيادات تلك الأجهزة باقتحام خيام الإستقبال التي نصبها أهالي الإخوان ولكن هذه المرة كانوا مهنئين للإخوان وذويهم وضويفهم بسلامة رجوعهم، فكان لهذا دلالة كريمة في نفوس الإخوان وعوائلهم والشارع الليبي على حد سواء، وهي مساعي طيبة ومشكورة بدون شك، وإن شاء الله "مردودة " – اسلوب ليبي- في المسرات. ثم بدأت الإجراءات في رجوع الإخوان إلى سابق أعمالهم ودفع مستحقاتهم وقد تم هذا الأمر لجميع الإخوان تقريبا إلا حالات محدودة جدا إن لم تكن حالة أو أثنين، وكان آخر هؤلاء أساتذة الجامعة حيث تقرر أخيرا أن يسمح لهم بالعودة لسابق اعمالهم بشكل طبيعي. ولم يتبقى سوى الإخوان الذين لم يكونوا موظفين في الدولة والنقاش ما يزال جاريا للبحث عن صيغة لتعويضهم بشكا مماثل لما تم بحق الموظفين منهم. كما تمكن كل من تقدم لطلب جواز سفر من الحصول عليه بل وتمكن البعض منهم من السفر فعلا إلى خارج البلاد والعودة بدون أي متاعب أو مشاكل، وتمكن من هو في حاجة للعلاج من السفر لغرض العلاج ورجع كذلك إلى أهله بعد أن اقام بدولة أوروبية لعدة أشهر من أجل الفحوصات والتحاليل بينما ذهب غيره إلى دول عربية وهو عدد محدود قد يكون اثنين أو ثلاث. بدا البعض الحضور والمشاركة في بعض الندوات المتخصصة التي تعقد بالداخل ولقوا ترحابا وتقديرا من أبناء البلد ولم يشعروا أنهم ضرب حولهم أي سياج أو حاجز يمنع الناس من الحديث إليهم، وهذا يقدره الإخوان لطرفين الأول لرجال وقيادات الأجهزة الأمنية والثاني لأبناء ليبيا الطيبين البررة. مازلنا لم نسمع بعد عن مساهمة الإخوان الرسمية في مؤسسات المجتمع والدولة خارج إطار وظائفهم، وهي مسألة تخضع للفحص والإمتحان بدون شك وتحتاج لوضوح معادلة التعايش والمشاركة في المؤسسة الإجتماعية القائمة بعد أن نبذ الإخوان العمل السري الذي لم يعد يخدم أية مصلحة للبلد بعد أحداث عام 1998م. والذي نتمناه في هذا الصدد أن تتوصل الدولة إلى وضع تسوى فيه كل القضايا السياسية العالقة فيما يخص بقية المساجين، ممن يقبل بنبذ العنف واللجؤ إلى الطرق السلمية في التعبير عن الرأي أو المعارضة السياسية لأي سياسة أو إجراء أو موقف للحكومة، فهذا جزء من فاتورة الحقوق المدنية للمواطن لا ينكرها عليه إلا مفتأت على حقوق الإنسان المشروعة، وكم نتمنى أن تتمكن منظمات وجمعيات حقوقية ليبية في الداخل أن تتولى قضيتهم على عاتقها، ولا توظفها سياسيا لممارسة الضغط السياسي بل تكون فعلا واسطة بين صاحب الحق وغاصبة لا خصما للإجهزة الأمنية كما تفعل مؤسساتنا الحقوقية اليوم للأسف الشديد، أو في المقابل مدافعة عن تلك الأجهزة في الطرف الآخر!، بل شفيع وواسطة خير وقد قال المولى عزوجل" ومن يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها" وهل أحسن أو افضل من السعي في التخفيف من معاناة مواطن ليبي مهما كان موقفه والسعي في خلاصة ومساعدته للإندماج في المجتمع من جديد، ثم كم نتمنى أن يكون عفو عام يسع ما تبقى من سجناء يخفف من حدة الأزمة ويمهد وينقح المناخ لما سمعناه من مبادرة للأخ المهندس سيف الإسلام " العمل الجماعي المشترك معا من أجل ليبيا الغد". هذا التقرير الميداني ابعث به لفريقين من الناس، الأول من يتربص بالإخوان الدوائر وينعتهم بأنهم يزايدون على الوطن فماذا يريدوا وقد اطلق سراحهم؟ وكأن الإخوان كان يجب عليهم أن يتقدموا بالشكر على حبسهم وسجنهم هذه المدة وبهذه الإجراءات التعسفية وأن يتقدموا بالشكر على ما وقع عليهم من تعذيب أثناء مرحلة التحقيق وأن يتقدموا بالشكر على الطريقة التي انتهكت بها حرمات بيوتهم ففزعت أبناءهم وزوجاتهم وجيرانهم، الإخون اليوم تجاوزوا كل ذلك ولكن لا ينبغي أن يتوقع منهم أن يقلبوا الحق باطلا والباطل حقا، عفى الله عما سلف ونحن أبناء اليوم هذا ما يقوله الإخوان ولسنا نادمين على شيء وأجرنا على الله، وهذا ليس مانعنا أن نلجئ للدولة للقضاء أن ينصفنا ولسنا في ذلك معتدين على أحد. أما الطرف الثاني الذي ينفعه هذه التقرير الميداني هو ذاك الطرف الذي يهمه التوثيق وقد تهمه شهادة رجل مثلي، و يهمه أن يعرف ماذا حصل للإخوان، ولكي يطلع الرأى العام على مجريات الأمور ولا يضطر الإخوان للحديث مجدد عن هذه القضية ارسم للجميع صورة عما حدث كي يزول أي التباس. تعقبنا عليكم العافية... السلام عليكم صلاح الشلوي