تمثل التجارة مع الاتحاد الاوروبي حوالي 80 في المئة من التجارة الخارجية التونسية لكن الازمة المالية التي تعانيها أوروبا قد تدفع حركة النهضة الى السعي لاجتذاب رؤوس الاموال من منطقة الخليج العربية. يرى خبراء أن الاسلاميين الذين فازوا بالانتخابات التاريخية في تونس هذا الاسبوع سيعززون السياسات الاقتصادية المشجعة لقطاع الاعمال لكن المشكلات الاقتصادية التي تعانيها دول أوروبا قد تمنح الافضلية للمستثمر الخليجي لدخول السوق التونسية في المدى القريب. وسعت حركة النهضة الإسلامية جاهدة لتهدئة مخاوف القوى الاوروبية والنخبة العلمانية صاحبة اليد الطولى سابقا في ادارة الدولة حين أكدت أنها لا تسعى للانقلاب على القوانين الضامنة لمساواة المرأة بالرجل في مسائل الطلاق والزواج والميراث. كما حرصت الحركة على تأكيد أنها لن تسبب أي عثرات للحياة الاقتصادية في بلد يعتمد اقتصاده على السياح الغربيين الذين يفدون للاستمتاع بالشمس والرمال واحتساء الخمور بحرية. وقال الامين العام لحركة النهضة حمادي الجبالي يوم الثلاثاء ان الحركة لا تنوي التدخل في مسألة شرب الخمور وارتداء ملابس البحر المكشوفة. وقال ان الحركة لا تعتزم ادخال تعديلات على القطاع المصرفي الذي لا تمثل الخدمات الاسلامية فيه الا نسبة منخفضة جدا. وقال دبلوماسي غربي في تونس العاصمة "سنراقب ما يفعلونه عن كثب لكن على الجانب الاقتصادي ليس لدينا ما يدعو للقلق. قلقنا الاكبر هو التأخر الطويل في تشكيل الحكومة." وأضاف "كثير من مؤيديهم ينتمون الى طبقة التجار الحريصين على مفهوم السياسة الاقتصادية الليبرالية وليس لديهم خطط جادة لتغيير السياسة الاقتصادية التي انتهجتها الحكومات السابقة." وتقع تونس تحت ضغوط لانعاش اقتصادها الذي طالما وصفته حكومات ومؤسسات مالية غربية بالمعجزة لما أنجزه في مجالي الخصخصة والتحرير الاقتصادي. لكن الاقتصاد تعطل منذ اندلاع الانتفاضة التي أزاحت الرئيس زين العابدين بن علي عن السلطة في يناير كانون الثاني الماضي. فنسبة البطالة مثلا كانت 14 في المئة قبل الاطاحة بابن علي وكان ثلث العاطلين من الحاصلين على مؤهل عال لكن يعتقد أن هذه النسبة تفاقمت في الاشهر الاخيرة. ويظل توزيع الموارد أكبر مشكلة تواجه الاقتصاد التونسي. ولم يكن من قبيل الصدفة أن شرارة الثورة انطلقت من مدينة سيدي بوزيد الفقيرة التي تقع بمنطقة شبه قاحلة. يقول جين بابتست جالوبين من مؤسسة كنترول ريسكس "اقتصاديا هم ليسوا متشددين. حركة النهضة محافظة جدا اقتصاديا... وهي تفضل المشروعات الحرة." وطمأن زعيم الحركة راشد الغنوشي وفدا من مسؤولي البورصة التونسية يوم الثلاثاء قائلا انه يفضل المزيد من الادراجات بالسوق. وتراجعت أسعار الاسهم في أكتوبر تشرين الاول الماضي مدفوعة بتخوفات واضحة من فوز حركة النهضة في الانتخابات رغم أن السندات التونسية المقومة باليورو لم تتحرك سلبا نتيجة فوز الحركة. وتمثل التجارة مع الاتحاد الاوروبي حوالي 80 في المئة من التجارة الخارجية التونسية لكن الازمة المالية التي تعانيها أوروبا قد تدفع حركة النهضة الى السعي لاجتذاب رؤوس الاموال من منطقة الخليج العربية. وقال غانم نسيبة مؤسس شركة كورنر ستون جلوبال أسوشيتس "قطر بشكل خاص قد تتشجع لاستئناف استطلاع الفرص الاستثمارية في البلاد مع استقرار الاوضاع السياسية." ويضيف "رغم أنها لم تتحرك استباقيا لدعم الثورة التونسية كما فعلت مع ليبيا فان العديد من التونسيين بمن فيهم حركة النهضة يشعرون بالعرفان لقطر للدعم المعنوي الذي أولته لقضيتهم." ولا يعتقد أن المملكة العربية السعودية تربطها علاقات وطيدة مع حركة النهضة لكن قناة الجزيرة القطرية روجت للحركة بقوة. وكانت قطر داعما عربيا مهما لعمليات حلف شمال الاطلسي المساندة لثوار ليبيا الذين نجحوا في انهاء حكم معمر القذافي. وكان لشركة سما دبي المملوكة لحكومة دبي خطط في عهد بن علي لتطوير منطقة سكنية وتجارية في تونس العاصمة. لكن مستقبل هذا المشروع لم يعد واضحا الان ولا تزال الارض المخصصة له خاوية. ولا يزال المتشددون بحركة النهضة قادرين على ارباك مسيرة الحركة رغم محاولات الغنوشي بث الطمأنينة فيما يخص السياسة الاجتماعية والاقتصادية. وقال كريسبن هاوز من مجموعة يوراسيا جروب "الخطر يكمن في أن يبث أعضاء النهضة أو المستقلون ذوو النفوذ الرعب بين المستثمرين من خلال تصريحات غير منضبطة لا تعكس نوايا الحزب في حقيقة الحال." وأضاف "الخلاصة هي أننا نعتقد أن معنويات المستثمرين ازاء تونس ستبقى مضطربة ومائلة للاتجاه السلبي في أعقاب الانتخابات." من أندرو هاموند (شارك في التغطية كريستيان لو وطارق عمارة) Fri Oct 28, 2011 1:19pm GMT