دعا أكاديميون مسلمون إلى فلسفة إسلامية جديدة تقوم على المعرفة القرآنية، والاستفادة من الإرشادات القرآنية للاهتمام بالجانب العقلي، واحترام رأي الغير والحوار معه وفق الضوابط الشرعية. وجاءت الدعوة في توصيات مؤتمر الفلسفة الإسلامية الحادي عشر الذي استضافه قسم الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة ورأسه الدكتور أحمد كشك عميد الكلية، ومقرره الدكتور عبد الحميد مدكور رئيس قسم الفلسفة، تحت عنوان "الاتجاه العقلي في الفلسفة الإسلامية". وشارك في المؤتمر، الذي دامت أعماله يومي 18و19-4-2006، لفيف من العلماء والأساتذة المهتمين بالفلسفة والفكر الإسلامي من عدة دول عربية وإسلامية. وكما اختلفت جنسيات المشاركين، تنوعت الموضوعات التي تناولوها، فتراوحت بين: مكانة العقل، والديمقراطية وموقف الإسلام السياسي منها، وسرقة التراث، والحوار مع الآخر، ودعوة القرآن إلى الحوار ومحاورة أصحاب الأديان الأخرى، وفضل علماء المسلمين على الحضارة الغربية، ونظرة المفكرين الغربيين للعلوم الإسلامية. فمن السعودية تحدث الدكتور سهل العتيبي من جامعة الملك سعود عن الدور الحقيقي للعقل ومنزلته من الدين قائلا: "الإسلام اعتنى بالعقل وجعله مناط التكليف، ولكنه لم يطلق له العنان، بل جعل له حدودا ومجالات لا يجوز له تجاوزها وتعديها، حيث لا مجال للعقل في الأمور الغيبية مثلا". وبخصوص التيار العقلي المتمثل في فكر المعتزلة قال العتيبي إنه: "لخطورته وقف السلف الصالح والأئمة موقفا حازما ضد هذا التيار وأصحابه، كاشفين آثاره وأضراره، موضحين اضطراب أصحابه بما يحفظ الأمة من الانزلاق". الحوار والآخر ومن الجزائر، أكدت الدكتورة نعيمة إدريس أن الإسلام دين الحوار والانفتاح على الآخر من خلال إبراز منهجه الاستدلالي العقلي في حواره ومناقشته مع أهل الكتاب وكل الملل، مشيرة إلى أن هذا الموقف الإيجابي نحو الحوار العقلاني المستنير يرجع إلى فجر الرسالة المحمدية. وأوضحت أن "المتأمل في القرآن الكريم يقف على آيات كثيرة في مواقع متباينة تدحض عقيدة كل ملحد ينكر وجود الله أو البعث بعد الموت". وأردفت د. نعيمة أن "الإسلام قوبل بالرفض والشك من طرف كثيرين بما فيهم أهل الكتاب، فكان من الضروري أن يرد على هذه الاتهامات والتساؤلات، بل كان القرآن في أحيان كثيرة هو الذي يبادر بطرح السؤال على مائدة النقاش". وفي سياق متصل تحدثت الدكتورة سوهرين محمد صالحين من ماليزيا، تحت عنوان "العقلانيون وموقفهم تجاه الأحكام الشرعية"، حول نشأة التيارات الفكرية الحديثة في إندونيسيا، قائلة: إنها "بدأت النمو في القرن العشرين على يد الشباب الذين تربوا في الجامعة الإسلامية بجاكرتا". وأوضحت أن جذور الفكر الليبرالي ظهرت بعد الاستقلال حينما خاض زعماء التيار الإسلامي والوطنيون صراعا نحو القومي. ولفتت إلى التطور الذي حدث للفكر العلماني منذ تولية سوهارتو الحكم وبلوغه مرحلة الخطورة عندما ركزت الدولة على التنمية والرفاهية مستبعدة كل العناصر الدينية. وفيما يتعلق بالديمقراطية وموقف الإسلام السياسي منها، أوضح الدكتور عادل الشدي من السعودية، أن الديمقراطية "تختلف تماما" عن نظام الشورى في الإسلام، معتبرا أن "الديمقراطية التي يتشدق بها الغربيون أثرت في تفكك المجتمعات". الإسماعيلية د. محمد السيد الجليند أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة القاهرة وتحت عنوان "أثر الفلسفة المشائية على عقائد الإسماعيلية في التوحيد"، تحدث الدكتور سعد الشهراني من السعودية قائلا: إن "عقيدة الإسماعيلية هي زندقة، ومخالفة تماما للعقيدة الإسلامية". وفي الوقت نفسه، ذكر الدكتور محمد السيد الجليند أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة أن "الإسماعيلية لم تنل حظها من الدراسة ولا بد من القيام بذلك؛ نظرا لأنها أصبحت منتشرة في شتى بقاع العالم". والإسماعيلية هي إحدى الفرق المنحدرة من المذهب الشيعي، ويتركز أتباعها في شبه القارة الهندية، وسوريا، والسعودية، واليمن، وشرق القارة الإفريقية. وفي الآونة الأخيرة، انتشرت الإسماعيلية في أوروبا وأمريكا الشمالية نتيجة هجرات الإسماعيلين لتلك الأماكن. أما فيما يتعلق بمكانة الفلسفة في الإسلام، فتحدث الدكتور رزق الحجر الأستاذ بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة، تحت عنوان "الفلسفة الإسلامية ومكانتها في التاريخ العام للفلسفة"، حيث تطرق إلى الهجوم على التراث الإسلامي ومحاولة سرقته وتشويهه.