إن كل المكتسبات والإنجازات التي تحققت بفضل نضال وتضحيات الشعب التونسي، هي رصيد وإرث للأجيال القادمة تنهل منه فتثريه، ومن حاول المسّ بها فإنّ الوطن والتاريخ لن يرحماه. ولا شك أنّ الشعب التونسي الذي تصالح مع هويته ومع انتمائه لهذا الوطن العزيز، وخاصة بعد الثورة، حريص على مزيد التعلق بالراية الوطنية والسلام الوطني عودة العنف مجددا إلى تونس في بلدة سيدي بوزيد مهد الثورات العربية، بسبب مزاعم عدم حدوث تغيير حقيقي، رغم ثورة أطاحت بحكام البلاد، تظهر أن هناك أطرافا لا تعجبها عودة الاستقرار إلى هذا البلد، الذي احتفل لأول مرة بانتخابات حرة ونزيهة، فهذه الأطراف تخيفها صناديق الاقتراع، حيث لجأت إلى أساليب غير ديمقراطية للتأثير على الشارع التونسي. تونس التي فاجأتنا بمعجزة الربيع العربي، ثم فاجأتنا بإنجاز ديمقراطي جديد تجني المنطقة العربية ثماره، من خلال اقتراع حر شاركت فيه نسبة قياسية من التونسيين المسجلين، دون استثناء، ليأخذ التونسيون العبرة من المعاني النبيلة للثورة، ويحافظوا على مسارها القويم وليضعوا ثورتهم في موضعها الأصلي. فهي ثورة الجميع من فئات وجهات، وهي نتاج تراكمات تاريخية تجمعت فيها همّة الشعب، فالتونسيون مطالبون بعدم تضييع جهدهم المعتبر في مهاترات سياسية، فقد أثبتوا للجميع أنهم في صف واحد لا ينكسر، وأن المزايدات السياسية لا يمكن بأي حال أن تؤثر على حبهم لوطنهم وإيمانهم القوي بضرورة بسط الاستقرار فيه. كل هذه الطموحات لا يمكن تحقيقها إلاّ بفضل تضافر جهود كل القوى الوطنية ومكوّنات المجتمع المدني، والتحلي بمزيد من الروح الوطنية والبذل والعطاء والتطوع للصالح العام، بعيدا عن كل محسوبية وأنانية. على الشعب التونسي أن يتمسك بيقظته وحبه للحرية والكرامة، وأن يقطع الطريق على الملبسين، ولتكن إرادته أقوى من إرادة المتآمرين، ولتكن تونس سفينة الريادة والقيادة في أسطول ثورات الحرية، فلا يمكن لأي طرف سياسي أن يزايد عن طريق الدين الذي هو القاسم المشترك بين كل التونسيين. إن كل المكتسبات والإنجازات التي تحققت بفضل نضال وتضحيات الشعب التونسي، هي رصيد وإرث للأجيال القادمة تنهل منه فتثريه، ومن حاول المسّ بها فإنّ الوطن والتاريخ لن يرحماه. ولا شك أنّ الشعب التونسي الذي تصالح مع هويته ومع انتمائه لهذا الوطن العزيز، وخاصة بعد الثورة، حريص على مزيد التعلق بالراية الوطنية والسلام الوطني، وهذا الحرص كفيل بضمان اللحمة الوطنية، والدفاع عن مكاسب الحرية والكرامة، وإرساء الأمن والعدالة التي هي أصعب من الانتصار على القهر والظلم. المصدر:رأي صحيفة البيان الاماراتية - 30 أكتوبر 2011