حركة "احتلوا وول ستريت" نشأت لأن الأميركيين أحسوا أن بلدهم واقتصادهم يتحرك سريعا في اتجاه خاطئ، وأن أميركا تتحول إلى دولة أوليغاركية، دولة في قبضة فئة متنفذة، وما تحتاجه هو تغيير نظامها، أي "لحظة تحرير" للحقيقة في أميركا. قال الكاتبان كالن لاسن وميكاه وايت من صحيفة واشنطن بوست إن رئيس بلدية نيويورك مايكل بلومبرغ قرر يوم الثلاثاء إنهاء اعتصام محتجي حركة "احتلوا وول ستريت" من ميدان زوكوتي بارك القائم منذ شهرين، لكنهم أصروا على البقاء واعتبر أحدهم هجوم الشرطة انتصارا يشكر الرب عليه. وأكد الكاتبان أن احتجاج حركة "احتلوا وول ستريت" هو أكبر حركة عدالة اجتماعية في أميركا منذ عهد حركة الحقوق المدنية في ستينيات القرن الماضي وشارك فيه شبان لم يستطيعوا تجاهل ما يحيق بمستقبلهم وسط ثقافة تجارية ونظام سياسي يحكمه المال وأزمة وظائف ومعاناة في تسديد رسوم الدراسة بدون أمل في الحصول على وضع معيشي مماثل لوضع آبائهم. وأضاف الكاتبان أن هذه العناصر شكلت ثقبا أسود عناصره هي أزمة بيئية وسياسية ومالية دفعت ملايين الأميركيين إلى التعاطف بطريقة تلقائية أو لنقل غريزية مع المحتجين المسالمين الذين تأكدوا أنهم إذا لم يتحركوا بشكل سلمي للحصول على مستقبل مختلف فلن يكون لهم أي مستقبل. وقال الكاتبان إن الدعوة إلى اعتصام وول ستريت بدأت بإعلان على موقع إنترنت يدعو للسيطرة على وول ستريت، لكن الجذور الحقيقية للاحتجاج تعود إلى ثورتي تونس ومصر، حيث شهد العالم سقوط نظامين عنيدين بطريقة سلمية في احتجاج متظاهرين مسالمين وبدون قيادة، تم جمعهم عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، فاعتصموا ورفضوا العودة إلى منازلهم قبل تلبية مطالبهم، وكذلك تحتاج أميركا لحظة اسمها ميدان التحرير وطريقتها الخاصة في تغيير النظام، ليس بالطريقة التي تم بها التغيير في تونس ومصر ولكن بطريقة أكثر ليونة. وأوضح الكاتبان أن التغيير السلمي للنظام هو الوسيلة الوحيدة لاستئصال الفساد من قلب النظام السياسي الأميركي الذي ينجح فيه مال الشركات بالانتصار في الانتخابات وسن القوانين واللعب برغبات المواطنين. وقالا إن حركة "احتلوا وول ستريت" نشأت لأن الأميركيين أحسوا أن بلدهم واقتصادهم يتحرك سريعا في اتجاه خاطئ، وأن أميركا تتحول إلى دولة أوليغاركية، دولة في قبضة فئة متنفذة، وما تحتاجه هو تغيير نظامها، أي "لحظة تحرير" للحقيقة في أميركا. وأشار الكاتبان إلى أن الحركة حافظت على نهجها السلمي الغاندي، وبحلول منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي انتشرت الاعتصامات في نحو ألف مدينة في العالم، وتحرك الشباب بحيوية سياسية لم يعرفها العالم منذ عام 1968، ففي ذلك العام انتشرت الاحتجاجات من الحي اللاتيني في باريس لتنتشر في مدن العالم، ولكن بينما تبخرت الحركة وفقد العالم بوصلته بعد ذلك، فإن شبان هذه المرة الذين يتواصلون بأحدث الطرق يمكنهم النجاح هذه المرة. وتساءل الكاتبان عن عدم مجيء رئيس بلدية نيويورك للتحدث مع المعتصمين ولماذا لا يعترف الرئيس باراك أوباما بالمحتجين ومعظمهم من الذين انتخبوه؟ وقالا إن هذا يكشف عزلة القادة السياسيين في أميركا التي لا تلتحم مع شباب البلاد. وقال الكاتبان إن بلومبرغ هاجم ميدان زوكوتي بارك بطريقة عسكرية فحاصره بقوات مكافحة الشغب ومنع الصحفيين واعتقل بعضهم وجاءت جرافة فاكتسحت المكان، وأكدا أنه عندما طالب المتظاهرون في تونس بالتغيير غادر الرئيس بن علي، وفي مصر اضطر مبارك إلى التنحي، أما في سوريا فما زال النظام يقتل المتظاهرين يوميا ومع ذلك لم يسكتهم، وهذا يثبت أنه لا معنى للرد بعنف على المتظاهرين المسالمين، فتلك الأساليب لم تنجح في الشرق الأوسط ولن تنجح في أميركا، والخلاصة هي أنه لا يمكن لأي نظام أن يقتل شعبه ويفلت من العقاب. المصدر: واشنطن بوست نقلا عن الجزيرة نت السبت 23/12/1432 ه - الموافق 19/11/2011 م (آخر تحديث) الساعة 13:05 (مكةالمكرمة)، 10:05 (غرينتش)