كشفت هيئة محاميي تونس عن أن الاتحاد الأوربي سيلعب دورا في حسم الصراع بين الهيئة والحكومة حول تأسيس "" لتخريج المحامين. وتعتبر الهيئة أن سيطرة السلطة على إدارة المعهد المقرر إنشاؤه بتمويل أوروبي من خلال التحكم في تعيين أعضائه يمس استقلالية مهنة المحاماة. وفي تصريحات خاصة ل "إسلام أون لاين.نت" خلال تواجده بالعاصمة المصرية القاهرة أوضح عبد الستار بن موسى عميد محاميي تونس أن "هيئة المحامين تلقت تأكيدات بأن الاتحاد الأوروبي لن يمول إنشاء المعهد إلا بعد أن تتجاوب الحكومة مع مطالبنا بشأن قانون تأسيس المعهد". وكان البشير التكاري، وزير العدل وحقوق الإنسان التونسي، انتقد في وقت سابق هيئة المحامين التي اقترحت تمويلاً أجنبيًّا لمعهد المحاماة الجديد، معتبرًا ذلك "استقواء بجهات خارجية ويمس بسيادته". وفيما يتعلق بالمفاوضات مع الحكومة قال عميد محاميي تونس: "رفضنا دعوة للمشاركة في تشكيل مجلس إدارة المعهد؛ حيث يقضي القانون بتشكيله من 12 عضوا جميعهم من خارج الهيئة باستثناء اثنين تتدخل الدولة لاختيارهما". واعتبر عبد الستار بن موسى أن شروط القانون في هذا المجال "تجعل من المعهد مصفاة حكومية لفلترة الراغبين للعمل بهذه المهنة مستقبلا، وهو ما يتعارض مع القواعد العالمية المعمول بها". ومضى يقول: "نحن نتمسك بمطالبنا، ومستمرون في النضال من أجل تحقيقها مهما كان الثمن؛ إنقاذا وحماية لمهنة المحاماة. كما أننا مستعدون في الوقت نفسه للدخول مع الحكومة في حوار بناء من أجل تحقيق هذه المطالب". وأضاف عميد المحامين: "رغم تمرير قانون إنشاء المعهد عبر الجمعية الوطنية (البرلمان) في مايو الماضي، فإننا ما زلنا نأمل باستجابة الحكومة في تصحيح العيوب الجوهرية التي يتضمنها، ولها تأثيراتها الخطيرة على استقلال مهنة المحاماة في المستقبل". وتابع: "تلقينا سيلا من التأييد المحلي والعربي بل والدولي بشأن مطالبنا العادلة ليكون المعهد خاضعا لإشراف هيئة المحامين بشكل كامل؛ باعتبارها جهة الاختصاص". وتطالب هيئة المحامين التونسيين بدور فعّال، ومجلس إدارة منتخب، وإشراف فعلي على "" الذي صادق البرلمان على تأسيسه في يونيو الماضي بموجب قانون لا يسمح لهيئة المحامين بالإشراف عليه؛ بل تعين الحكومة مديره وتشرف عليه وزارتا التعليم العالي والعدل وحقوق الإنسان. وتعتبر الحكومة ذلك المعهد مؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية، بينما تقول هيئة المحامين: "إنه تكريس لاستحواذ السلطة على القطاع (المحاماة)، وضرب لاستقلاليته". ويخول للمعهد الأعلى للمحاماة منح شهادة تسمح لخريجي كليات الحقوق بممارسة المهنة بعد حصولهم على تدريب إضافي فيه. وإثر إقرار قانون تأسيس المعهد، دخل المحامون في أنشطة احتجاجية لمدة 3 أسابيع متصلة شملت اعتصاما مفتوحا لعشرات المحامين بمقر نقابتهم، إضافة إلى الدخول في إضرابين عن الطعام، فضلا عن تنظيم وقفة احتجاجية في قصر العدالة. كما دخل أعضاء مجلس نقابة المحامين إضرابًا عن الطعام لمدة يومين. مشكلات من ناحية أخرى، شدد عميد محاميي تونس على أن "هناك العديد من المشكلات التي تواجه محاميي تونس، لكن معهد المحاماة هو الشرارة التي فجرت واستفزت جموع المحامين". واستطرد عبد الستار بن موسى موضحا: "فمثلا تسعى الحكومة إلى ضمنا لصناديق التأمين الحكومية التي تعاني كثيرا من الخلل والعجز، بالإضافة إلى ضم المحامين إلى برامج التغطية الاجتماعية الشاملة وصناديق التقاعد، وترفض أن يكون للأعضاء صندوق خاص لتنظيم كافة شئونهم كما هو مطبق في باقي البلدان العربية". وأضاف بن موسى: "هناك أكثر من 5 آلاف محام تونسي يواجهون ضغوطا معيشية صعبة، ويعانون من القيود الحكومية التي تعرقل عملهم وتمس استقلالهم المهني؛ وهو ما يؤثر سلبا على دورهم في الدفاع عن الحرية وتحقيق العدالة في المجتمع". وتابع: "كما أن هناك محاولات لاستقطاب المحامين لمساندة المواقف الحكومية في الكثير من القضايا، ومن يرفض دعوة من هذا النوع يكون مصيره الحصار، وحرمانه بطريقة غير مباشرة من العمل حتى يضطر الكثير من الزملاء إلى إغلاق مكاتبهم بسبب تضخم حجم الديون". وخلص عميد المحامين إلى القول: "نحن في الهيئة المنتخبة نرى أن مثل هذه الأمور تترك تأثيرات سلبية على نزاهة عملية التقاضي والحريات بشكل عام". يذكر أن هيئة محاميي تونس هي الجهة الشرعية المنتخبة التي تعبر عن محاميي تونس البالغ عددهم نحو 6 آلاف محام.