واصل عشرات المحامين التونسيين اعتصامهم لليوم السادس عشر مهددين بالإضراب عن الطعام حتى تتم تلبية مطلبهم بإلغاء قانون لا يعطي للمحامين دورًا فعالاً في "المعهد الأعلى المحاماة" الذي أقرته الحكومة مؤخرًا، واصفين إياه بأنه خطير على استقلالية المهنة. فيما لوّحت هيئة المحامين التونسيين بوقف تعاملاتها مع وزير العدل بعد اتهامه لهم ب"الاستقواء بالأجنبي". ونظّم عشرات المحامين التونسيين الثلاثاء 23 مايو 2006 تظاهرة احتجاجية في ساحة قصر العدالة بالعاصمة، ورددوا شعارات تندد بما قالوا إنه تجاهل من قبل الوزارة لمطالبهم الشرعية مثل "المحاماة حرة حرة"، غير أن عشرات من أفراد الشرطة طوّقوا المكان وأخرجوهم إلى دار المحامي المجاورة. وتطالب هيئة المحامين بدور فعّال ومجلس إدارة منتخب وإشراف فعلي على "المعهد الأعلى للمحاماة" الذي صادق البرلمان التونسي على تأسيسه منذ نحو أسبوعين بموجب قانون لا يسمح لهيئة المحامين بالإشراف عليه، بل تعين الحكومة مديره وتشرف عليه وزارتا التعليم العالي والعدل وحقوق الإنسان. وتعتبر الحكومة هذا المعهد مؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية، بينما تعتقد هيئة المحامين أنه "تكريس لاستحواذ السلطة على القطاع وضرب لاستقلاليته". وقال سمير ديلو أحد المحامين لرويترز: إنه وزميله خالد الكريش تعرضا ل على أيدي أفراد الشرطة ونقلا للمستشفى، لكن مصادر أمنية نفت الاعتداء على أي معتصم وقالت إن توجه المحاميين الاثنين للمستشفى كان من قبيل التمويه. ولوّح المحامون الذين يدخل اعتصامهم اليوم السادس عشر في دار المحاماة بالإضراب عن الطعام؛ حتى تتم الاستجابة لمطالبهم وهو ما أكده عبد الستار بن موسى نقيب المحامين قائلاً: "قد نضطر لإضراب جوع للمطالبة بحقوقنا والرد على اتهامات وزير العدل بقيامهم بالاستقواء بالأجنبي". وقال بن موسى: إن هيئة المحامين ستوقف تعاملاتها مع البشير التكاري وزير العدل على إثر تلك الاتهامات. وكان التكاري قد انتقد في وقت سابق هيئة المحامين التي اقترحت تمويلاً أجنبيًّا لمعهد المحاماة، معتبرًا ذلك "مساسًا بسيادة البلاد". تكرار إضراب الجوع ويأتي تهديد المحامين بالإضراب ليعيد إلى الأذهان سيناريو "إضراب الجوع" الذي كان قد أعلنه 8 قياديين ينتمون إلى أحزاب معارضة وجمعيات أهلية تونسية يوم 18-10-2005 في مكتب المحامي عياشي الهمامي بتونس؛ احتجاجًا على انسداد سبل الحوار مع النظام، ومطالبين بإطلاق سراح السجناء السياسيين، وحرية التعبير والصحافة وعمل الأحزاب. ولقي هذا الإضراب تضامنًا قويًّا من قوى سياسية تونسية في الداخل والخارج بمختلف توجهاتها الإسلامية والقومية والليبرالية واليسارية. واختتم النشطاء إضرابهم بعد أن كلّف الرئيس التونسي زين العابدين بن علي "الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية" بالتحاور مع الأحزاب السياسية المعارضة وبقية مؤسسات المجتمع المدني حول شكاويها وتطلعاتها، وهو ما اعتبره مراقبون آنذاك استجابة لضغوط المعارضة لاتخاذ خطوات إصلاحية. ويُعَدّ ملف الإصلاح أحد الملفات الساخنة على الصعيد التونسي، خاصة وسط مطالبة العديد من الدول الغربية في مقدمتها الولاياتالمتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي الحكومة التونسية بإجراء مزيد من الإصلاحات السياسية والتعهد باحترام حقوق الإنسان. وقد خفض عدد من الزعماء الأوروبيين مستوى تمثيلهم في القمة المعلوماتية نوفمبر الماضي احتجاجًا على ما وصفوه بتدهور أوضاع الحريات وحقوق الإنسان في تونس، وعدم الإفراج عن مئات من السجناء السياسيين.