الفساد سلوك وفعل قبيح مستهجن ومرفوض وموضع إدانة شرعاً وعرفاً وقانوناً، والفاسد ينبغي محاسبته ومحاكمته أياً كان مهما بلغ نفوذه لا ينبغي أن يكون بمنأى عن المحاسبة، يجب أن تطاله يد العدالة التي وُجدت لتحمي المجتمع والمال العام من الفساد والمفسدين، والقانون واضح وصريح، كذلك التضليل سلوك ترفضه الفطرة السليمة والعقل الرشيد، ولا يقل في ضرره عن الفساد، فكلاهما وجهان لعملة واحدة يندرج في المرفوض... ولكن إطلاق هذه النعوت من دون تحقق ومن دون دليل، سيكون ضرباً من الرجم بالغيب، وقد يكون من الظلم والبهتان بما لا يقل في حجمه ومبلغ ضرره عن الفعل ذاته من المظاهر المصاحبة للمشهد التونسي هذه الأيام إلقاء التهم على عواهنها فقد بات من السهل نعت طرف أي مؤسسة كانت... فرداً أو جماعة بالفساد والتضليل، وعلى نحو ما تُكال وتُلقى التُهم جزافاً في كل اتجاه على وقع المطالبة بالإصلاح، يكون نصيب البعض منها وفيراً، الفساد سلوك وفعل قبيح مستهجن ومرفوض وموضع إدانة شرعاً وعرفاً وقانوناً، والفاسد ينبغي محاسبته ومحاكمته أياً كان مهما بلغ نفوذه لا ينبغي أن يكون بمنأى عن المحاسبة، يجب أن تطاله يد العدالة التي وُجدت لتحمي المجتمع والمال العام من الفساد والمفسدين، والقانون واضح وصريح، كذلك التضليل سلوك ترفضه الفطرة السليمة والعقل الرشيد، ولا يقل في ضرره عن الفساد، فكلاهما وجهان لعملة واحدة يندرج في المرفوض... ولكن إطلاق هذه النعوت من دون تحقق ومن دون دليل، سيكون ضرباً من الرجم بالغيب، وقد يكون من الظلم والبهتان بما لا يقل في حجمه ومبلغ ضرره عن الفعل ذاته، في الظروف الاستثنائية تطلق هذه التهم من قبيل الشعارات وتأجيج المشاعر ضد طرف بوعي ومن غير وعي أحياناً، فهذه الشعارات قد تطلق للتذكير بمخاطر موجودة أو للاستقطاب والتعبير عن حالة احتقان للدفع بمشروع، كأن تكون فكرة أو قيمة يدعو إليها الطرف الذي أطلقها بهدف تفعيلها وجعلها من قيم النظام العام وأدواته لمحاربة ظاهرة مرفوضة وردعها، وأحياناً تصدر من غير وعي تتردد كصدى في أوساط العموم الذين يتلقون هذه الشعارات وكأنها حقائق مسلم بها فلا يتوانى هؤلاء في إطلاقها كمسلمات من دون احتكام لمدى صحتها ودرجة التحقق من مطابقتها للواقع، وفي حال الأخيرة فهي من الظن وأدنى إلى الاعتقاد منها إلى اليقين، وهنا تكمن أهمية الاحتراز من الوقوع في شرك الظنون على أنها مسلمات، وهذا مما لا يساعد على إيجاد رأي عام مستنير، ومن شأنه إفساد ذائقة المجتمع التونسي وتشويش فهمه... تتبعت ما ورد مؤخراً في المواقع الالكترونية وبعض ما نشر في الصحافة حول الإعلام الوطني التونسي في تغطيته ودوره وموقفه من الاحتجاجات والأحداث المصاحبة، ومن موقعي القريب من صناعة المادة الإعلامية، فإن غالب ما ورد يدخل في الظن ويفتقر إلى التشخيص، بل والى أدنى قدر من الاجتهاد في التحقق من مدى صحته، من السهل جداً إطلاق أحكام مسبقة وكثيراً ما تُطلق هذه الأحكام على الإعلام الوطني حين يتعلق الأمر بالرأي والشأن العام وفي المسائل المثيرة للجدل، وحول المواقف والاصطفاف من الشواغل العامة، وكأن لسان حالهم يقول من ليس معنا فهو ضدنا... كنت أتمنى أن يلامس الوعي الحقيقة أو حتى يقترب منها... أنا لا أتحدث هنا عن الرأي الناقد فالناقد يحلل ويستند في نقده إلى قرائن مؤيدة لوجهة نظره يسوقها لتثبيت حجته، ولكن عن تهم للأسف تفتقر إلى أي موضوعية وتذهب أحياناً مذهباً فيه من التجني والظلم للحد الذي لا يليق بآداب الحديث حين يتصل الأمر بالشأن الوطني والموقف منه، هناك من ينعت الإعلام بالتضليل وإظهار المحتجين بأنهم ضد الدولة وبأنهم مخربون، هذه تهم باطلة لم ينعت الإعلام أبداً المحتجين بهذه الصفات، وإنما سمى الأمور بمسمياتها حين خرج من بينهم من قام بأعمال شغب وتخريب وهذه حالات فردية ينبغي أن ترد إلى سياقها فهي لا تعبر عن المحتجين بأي حال من الأحوال، هذه الصفات أطلقت عليهم أيضاً من قبل المحتجين أنفسهم الذين استنكروا هذه الأعمال وتبرأوا منها واعتبروا من قام بها مندساً. فالإعلام لم ينكر على أحد حقه في التظاهر السلمي ومطالبه المشروعة، ولم يسفه أي مظاهرات أو اعتصامات، فتح وسائطه لاستضافة الأصوات العاقلة واستوعب تعدد الآراء فيما لا يخل بالثوابت التي يلتقي حولها الجميع، وإذا كانت هناك من دعوات لفض الاحتجاجات والاعتصامات فهي من أجل إعطاء فرصة للحكومة الجديدة لتنفيذ الإصلاحات التي وعدت بها، والإعلام منفتح على جميع شواغل المجتمع وهواجسه، ولكن لا يمكن أن يطلق العنان ويُترك الحبل على الغارب، فهو ينطلق من قاعدة دوره ووعيه كإعلام مسؤول، هناك ضوابط للخطاب، وهناك حرية مسؤولة لها حدودها في إطار الهامش المتاح الذي لا يمس بالثوابت، فمن يُحسن استخدام ذلك بوعي يستطيع ممارسة هذا الحق إلى أبعد مدى ويسبح في فضاء بلا حدود!! ففضاء الحرية مع العهد الجديد متوفر في تونس لمن يحسن استخدامه في النقد الإيجابي الذي يخدم المصلحة الوطنية ولا ينبغي لأحد أن يستنكف من النقد الإيجابي المسؤول... أما المحاسبة فالإعلام ليس سلطة محاسبة... هذه ليست وظيفته!!... للدولة أجهزتها ومؤسساتها التي تنهض بهذه المسؤولية... هناك من يتساءل عن ثقة التونسيين في وسائل إعلامهم!! وبرأينا ينبغي فهم أن تعزيز الثقة لا يقل في أهميته بأي حال من الأحوال عن المبادئ الموجهة للرسالة الإعلامية... فإذا لم يحرص الإعلام الوطني التونسي على كسب ثقة المواطن فما الجدوى من مخاطبته لهذا المواطن فلمن عساه أن يتوجه إليه ليكسب ثقته!! وهناك أيضاً من يرميه بعدم المواكبة وبفرض وصايته على ثقافة المجتمع، بينما الواقع أن الإعلام في قلب المشهد ينطلق من ثوابت ويتفاعل مع متغيرات، ومن المهم التأكيد بأن لا وصاية على ثقافة التونسي... لأن خياراته في المتاح من القنوات والمحطات المختلفة والوسائط الأخرى واسعة لا حدود لها فكيف يمكن فرض الوصاية على ثقافته!!. فالإعلام التونسي الوطني وسيط نزيه في نقل مطالب المواطنين ونافذة للحوار مع جميع الأطراف... والتوعية ركن أصيل في رسالته من خلال برامجه التسجيلية والمباشرة، لم يتردد للحظة واحدة في استضافة من لديه إرادة الحوار الواعي المسؤول والنوايا المخلصة، عبر الأوعية والمنابر المخصصة في جميع وسائله، يحرص على إشراك العقلاء والمختصين في القضايا المطروحة للمساعدة في تصحيح المفاهيم ونشر وتعزيز الوعي الصحيح بمجمل القضايا... لم يغلق باباً أو يسد نافذة تسهم في إيجاد رأي عام مستنير وفهم صحيح لمستغلق، أو يتوانى في محاولة التقريب بين مكونات النسيج الاجتماعي التونسي، ومع ذلك يتفهم ما يُلقى من عتب وحتى من نقد واتهام غير منصفين... سيبقى أكثر إدراكاً لمسؤولياته في توظيف وتوجيه رسالته لغايات وأهداف نبيلة في هذا الظرف كما في كل الظروف، وسيكون من الحرص والحذر من عدم الانزلاق والوقوع في مستنقع غير محسوب، لأنه يتمثل العقل الجمعي، ويستشعر المخاطر المهددة لسلم المجتمع وعافيته، وملتزماً في التعاطي الواعي مع المشهد الراهن والانحياز إلى مصلحة هذا الوطن بما يعود بالخير والصلاح على جميع مكوناته. نشر على الوسط التونسية بتاريخ 3 جانفي 2012