رفض الإفراج عن محرز الزواري    رئيس الجامعة بالنيابة جليّل: اعجاب كبير بعمل الوحيشي وسنبقي عليه    عاجل/ السجن لموظف ببنك عمومي استولى على أموال..    صفاقس.. الاحتفاظ برئيس بلدية سابق أحدث مكتبا للمهاجرين    تسجيل عجز بالمليارات في ميزانية الجامعة التونسية لكرة القدم    فسفاط قفصة لديها 2ر3 مليون طن من الفسفاط التجاري الجاهز للنقل لكن النقل الحديدي لا يؤمن المطلوب    استشهاد 20 فلسطينياً في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة..#خبر_عاجل    عاجل/ أكثر من 50 عائلة في عزلة جراء انزلاق الطريق بهذه المنطقة..    صفاقس: الإحتفاظ بشخصين من أجل مساعدة الغير على إجتياز الحدود البحرية خلسة    الجلسة العامة للجامعة: حضور جميع الأندية باستثناء الترجي والقوافل    عاجل/ تأجيل دربي العاصمة..    هل يفعلها الفريق المجري ويُؤهل عربات القطارات المُتهالكة!    هذه المناطق دون تيار الكهربائي غدا الأحد..    القصرين: بطاقة إيداع بالسجن في حق شخص طعن محامٍ أمام المحكمة    تونس تشهد موجة حر بداية من هذا التاريخ..#خبر_عاجل    غار الدماء...90 إطارا طبيا وشبه طبي يؤمنون 300 عيادة طبية لسكان منطقة القلعة    مسيرة فنية حافلة بالتنوّع والتجدّد...جماليات الإبدالات الإبداعية للفنان التشكيلي سامي بن عامر    مهرجان ريم الحمروني للثقافة بقابس.. دورة الوفاء للأثر الخالد    في إطار الاحتفال بشهر التراث...«عودة الفينيقيين» إلى الموقع الأثري بأوتيك    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    الجزائر تتوقع محصولا قياسيا من القمح    سحق الإفريقي برباعية: المنستيري يُشعل المنافسة    طقس السبت: ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    أمير الكويت يعلن حل مجلس الأمة وتعليق العمل ببعض مواد الدستور    عاصفة شمسية شديدة تضرب الأرض للمرة الأولى منذ 2003    بعيداً عن شربها.. استخدامات مدهشة وذكية للقهوة!    لأول مرة/ الاتحاد البنكي للتجارة والصناعة يشارك في دعم النسخة 18 من دورة "كيا" تونس المفتوحة للتنس..(فيديو)    عاجل/ بعد حادثة ملعب رادس: وزارة الشباب والرياضة تتخذ هذه الاجراءات..    النادي الإفريقي.. القلصي مدربا جديدا للفريق خلفا للكبير    إقالة مدير عام وكالة مكافحة المنشطات وإعفاء مندوب الرياضة ببن عروس    بالفيديو: سعيّد: هذا تقصير وسيحاسب الجميع حتى المسؤولين الجهويين    تونس تشدّد على حقّ فلسطين في العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتّحدة    بايدن يخطئ مجددا و"يعين" كيم جونغ رئيساً لكوريا الجنوبية    بنزرت...بتهمة التدليس ومسك واستعمال مدلّس... الاحتفاظ ب 3 أشخاص وإحالة طفلين بحالة تقديم    مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص أضحية العيد    المسابقة الأوروبية الدولية بجنيف: زيت الزيتون 'الشملالي' يفوز بميدالية ذهبية    المهدية: هذا ما قرره القضاء في حق الأمّ التي عنّفت طفليها    الكريديف يعلن عن الفائزات بجائزة زبيدة بشير للكتابات النسائية لسنة 2023    جندوبة: السيطرة على حريقين متزامنين    عاجل/ الأمم المتحدة: 143 دولة توافق على عضوية فلسطين    قليبية : الكشف عن مقترفي سلسلة سرقات دراجات نارية    في تونس: الإجراءات اللازمة لإيواء شخص مضطرب عقليّا بالمستشفى    البنك المركزي التركي يتوقع بلوغ التضخم نسبة %76    الأمطار الأخيرة أثرها ضعيف على السدود ..رئيس قسم المياه يوضح    وزير السياحة يؤكد أهمية إعادة هيكلة مدارس التكوين في تطوير تنافسية تونس وتحسين الخدمات السياحية    نرمين صفر تتّهم هيفاء وهبي بتقليدها    لهذه الأسباب تم سحب لقاح أسترازينيكا.. التفاصيل    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    خطبة الجمعة .. لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما... الرشوة وأضرارها الاقتصادية والاجتماعية !    أضحية العيد: مُفتي الجمهورية يحسم الجدل    عاجل/ مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص شراء أضحية العيد في ظل ارتفاع الأسعار..    عاجل/ هجوم مسلح على مركز للشرطة بباريس واصابة أمنيين..    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    نبات الخزامى فوائده وأضراره    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلام التونسي بعد الثورة: حراك ساخن... لم يُسقط الموانع
نشر في الوسط التونسية يوم 08 - 01 - 2012

يتساءل مراقبون باستغراب: كيف يطالب صحافيون بإلغاء قانون الصحافة فيما هم لم يحسنوا - في ظل وجود القانون - تطبيق بنوده؟ فما بالك بإلغائه؟ ويُظهر ما قدّم من مادّة إعلاميّة في الأشهر الأولى التي تلت هروب الرئيس السابق زين العابدين بن علي، تجاوز كثير من الصحافيين أخلاقيات المهنة وبنود قانون الصحافة، وفي ذلك إخلال بميثاق شرف المهنة. ويرى مشاهدون كثر أن ما يقدمه الإعلام المرئي المحلي من مادّة إعلاميّة هو «مهزلة» في حق الإعلام!
كانت تونس قبل ثورة 14 كانون الثاني (يناير) تعاني تعتيماً إعلامياً شاملاً بسبب القيود التي كان يفرضها مستشار رئيس الجمهورية الذي كان بمثابة وزير الإعلام عبدالوهاب عبدالله ومساعدوه. لكن الثورة أثمرت تغييراً جذرياً على الصعيد الإعلامي، نظراً إلى هامش الحرية الذي أصبح متاحاً للإعلاميين. لكن النقلة الإيجابية لا تنفي وجود بعض الظواهر السلبية.
شمل التغيير الإعلام الخاص والعام على السواء، وتجلى في الاختلاف في مضمون البرامج المقدّمة وطريقة إدارة الحوارات الإذاعية والتلفزيونية ومحتوى المقالات والمشهد الإعلامي عموماً. لكن مع التغيير الذي طاول الإعلام المرئي المحلي تراجعت أخلاقيات المهنة إلى درجة خيّل لبعض المتخصصين معها أن الإعلام سيصبح سجناً للصحافيين، فيما ظن البعض الآخر أن الإعلام التونسي تحول إلى «سيرك» نظراً إلى «المهزلة» التي كان يُقدمها عاملون لا يمتلكون أي خلفية ثقافية في مجالات السياسة.
من هنا، لم يعد مستغرباً أن تلحظ مقدّم برنامج حواري يتبنى موقفاً موالياً لحزب ويعارض الضيف، متناسياً أن مهمته في الأستوديو هي إدارة الحوار وليس فرض موقفه الخاص. كما لا تستغرب حين تجد قناة «هنيبعل» الخاصّة، على سبيل المثال، تعرض مشهد مواطن يطالب ب «إعدام» الوزير الأول السابق محمد الغنوشي. وأحياناً ينسى المقدّم دوره المتمثل في إعلام المواطن وتجنب استخدام بعض الألفاظ التي لا تتماشى مع أخلاقيات المهنة.
ففي شباط (فبراير) الماضي عرضت قناة «الوطنية» الحكومية تقريراً اتهمت فيه امرأة من مدينة الكاف شمال البلاد أحد الولاة بالاعتداء عليها. ثم اكتشفت القناة لاحقاً أن المرأة كاذبة وتعمدت فعل ذلك في مقابل حصولها على مبلغ من المال من أحد رجال الأعمال. وتسببت مثل هذه الأخطاء المهنية في انتشار الكثير من الإشاعات في أرجاء البلاد. ولم تقتصر الظاهرة على الإعلام المرئي، بل تجاوزته إلى الصحافة المكتوبة، ما جعل حق الردّ يطالعك في بعض الأحيان من جريدة إلى أخرى. والنتيجة أنه لم تسلم شخصيات عدة من القذف والشتيمة، فيما القاعدة القانونية تقضي بأنّ المتهم بريء حتى تثبت إدانته.
ومع ذلك، يتساءل مراقبون باستغراب: كيف يطالب صحافيون بإلغاء قانون الصحافة فيما هم لم يحسنوا - في ظل وجود القانون - تطبيق بنوده؟ فما بالك بإلغائه؟ ويُظهر ما قدّم من مادّة إعلاميّة في الأشهر الأولى التي تلت هروب الرئيس السابق زين العابدين بن علي، تجاوز كثير من الصحافيين أخلاقيات المهنة وبنود قانون الصحافة، وفي ذلك إخلال بميثاق شرف المهنة. ويرى مشاهدون كثر أن ما يقدمه الإعلام المرئي المحلي من مادّة إعلاميّة هو «مهزلة» في حق الإعلام!
«سيرك» إعلامي
تفتقر الساحة الإعلامية التونسية إلى صحافيين سياسيين، فيما خريجو معهد الصحافة وعلوم الإعلام المتخصصين في السياسة عاطلون من العمل. وهذا ما جعل الإعلام المرئي يواجه أزمة أخرى وكأنه كتب عليه، في عهد بن علي وبعده، ألا يرتقي مستواه ولا يواكب مسيرة الإعلام المرئي العالمي.
وليس غريباً في وضع كهذا أن يجد المواطن التونسي نفسه حائراً بين التجاوزات الكثيرة لأخلاقيات المهنة و «السيرك» الإعلامي الفريد في نوعه. ولأنّ الإعلام في حاجة ماسة إلى الإصلاح، لما يشكوه من خلل قبل الثورة، كان لا بدّ من تأسيس «الهيئة الوطنية المستقلة لإصلاح الإعلام والاتصال»، وهي هيئة استشارية مستقلة. ولم يتوان أعضاء الهيئة عن تقديم النصح للحكومة الانتقالية لمنح تراخيص لقنوات إذاعيّة وتلفزيونية وصحف ومجلات... فتعززت الساحة الإعلاميّة اليوم ب187 صحيفة ومجلّة و12 قناة إذاعيّة و5 قنوات تلفزيونيّة، ما ألهب المنافسة، خصوصاً بين مالكي الصحف، فيما عجزت وسائل إعلام أخرى عن الصمود. وأعلنت أخيراً جريدة «الأولى» الأسبوعية عن قرب احتجابها لأسباب ماليّة، معللّة ذلك بأن الإعلانات لا تُوزع بطريقة متكافئة بين الصحف، فيما اقتربت كل من جريدتي «المحرر» و «المغرب» من السيطرة على سوق الإعلام بعدما استقطبتا عدداً لا بأس به من القرّاء، ربما لأن فريق تحرير كل من الجريدتين يضم أشهر الأقلام الصحافيّة.
ولو عدنا بالذاكرة إلى الوراء، وتحديداً إلى فترة الاستعمار الفرنسي لتونس، لتأكدنا من أن الفترة الراهنة التي يعيشها الإعلام شبيهة بفترة 1936-1939 التي تُعد العصر الذهبي للصحافة في البلد، إذ أعقبت سنّ مرسوم في آب (أغسطس) 1936 أقرّ المساواة بين الصحافة التونسية والفرنسية، فتراجعت إجراءات الحجب والمصادرة التي كانت تطاول الصحافة العربية. كما ظهر وقتها الكثير من الصحف الجديدة، مثلما هي الحال الآن، خصوصاً الصحف الهزلية.
وعلى الصعيد القانوني، بادرت الهيئة الوطنية المستقلة لإصلاح الإعلام والاتصال بإعداد مشروعي قانون لتنظيم المشهد الإعلامي المرئي والمكتوب يتماشيان ومطالب «ثورة الكرامة والحرية» وينسجمان أيضاً مع «المعايير الدولية»، بعدما أدركت الهيئة أن الحريّة المشروطة هي خير سبيل لبناء إعلام جديد انطلاقاً من ضرورة إحاطة الحرية بضوابط مهنيّة.
معايير دولية
يرى كمال العبيدي، رئيس «الهيئة الوطنية المستقلة لإصلاح الإعلام والاتصال»، أن مشروع قانون الصحافة الجديد «يحتوي على ضمانات منسجمة مع المعايير الدولية تكفل حرية الرأي وتعزز أسس التعددية وتلغي العقوبات السالبة للحرية». أما المشروع الثاني فيتعلق بتشكيل «هيئة عليا تعديلية للقطاع السمعي والمرئي» تضع الضوابط لمنح تراخيص الإذاعات والقنوات التلفزيونية، وهي شبيهة بالمجلس الأعلى للقطاع السمعي والمرئي في فرنسا، الذي يتمثل دوره في مراقبة مضمون وسائل الإعلام.
واعترض صحافيون كثر على المشروعين، خصوصاً الثاني منهما، «لأنه يقيّد الحريّة». ويرى هؤلاء أن حريّة الصحافة بعد الثورة باتت حريّة وهمية، مستدلّين على ذلك بحادثة طرد أحد مقدمي الأخبار في التلفزيون الحكومي إثر طرحه أسئلة على ضيفه تتعارض مع سياسة الحكومة الموقتة، وكذلك مهاجمة أعوان الشرطة الصحافيين أثناء أداء مهماتهم في تظاهرة القصبة 3 المعادية للحكومة. وأكد ناجي البغوري، النقيب السابق للصحافيين التونسيين والعضو الحالي في الهيئة المستقلة أن «هناك إمكاناً اليوم للوصول إلى المعلومة، وليس هناك رقابة مباشرة، ونلاحظ وجود تعدد في العناوين ونقاشاً حراً لم يكن مسموحاً به قبل 14 كانون الثاني (يناير)... نريدها حرية مؤسسة على قوانين ومؤسسات»، معتبراً أن «حرية الصحافة لها مواصفات ومعايير دولية، وهذه الحرية يجب أن تكون مسنودة بقوانين لا يمكن التراجع عنها».
وتعاطى القضاء التونسي مع قضايا كثيرة تتعلق بالإعلام بعد الثورة، وبخاصة قضايا الفساد والرشوة في التلفزيون الحكومي أيام بن علي، من بينها قضية شركة الإنتاج التلفزيوني الخاصة «كاكتوس للإنتاج» الممولة من أصهار الرئيس المخلوع.
وعُزل كل مديري المؤسسات الإعلامية الحكومية بعد 14 كانون الثاني (يناير) بسبب دعمهم النظام السابق. وفي الوقت الذي كانت الهيئة الوطنية المستقلة لإصلاح الإعلام تراجع القوانين، تفاقمت الخلافات في النقابة الوطنية للصحافيين بين الموالين لبن علي والمعارضين. لكن النقابة استطاعت إقامة ورش عمل بين فترة وأخرى. وهي تستعد الآن لوضع لائحة تضم الصحافيين المرتشين والمتورّطين مع النظام السابق، وخصوصاً الصحافيين المخبرين التابعين لوزارة الداخلية وصحافيي «التجمع الدستوري الديموقراطي» (الحزب الحاكم السابق) وصحافيي القصر الرئاسي، وهو ما لم يرُق لصحافيي «دار العمل» لسان حزب التجمع المنحل.
المصدر : صحيفة الحياة السعودية الصادرة من لندن - الإثنين, 09 يناير 2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.