على الرغم من الجذور الكردية للشيخ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، وانحداره من جزيرة بوطان الواقعة ضمن الأراضي التركية حالياً، إلا أن ولاءه للنظام عبر تاريخه، من الأب (حافظ) إلى الابن (بشار) لا يكاد يدع مجالاً للشك بإمكانية تغيير مواقفه إن آجلاً أو عاجلاً. المزاج الشعبي الكردي كان ولا يزال ضد مواقف الشيخ الصوفي والذي يفخر بتمثيله لفقيه السلطان الناصح له والآخذ على يديه برفق، إلا أن مواقفه الأخيرة أثارت الجميع، حتى أقرب الناس إليه، ما استدعى انشقاق مدير صفحته على الانترنت عنه ومفارقته له. آخر مواقف الشيخ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي الذي أصبح خطيباً لواحد من أهم المساجد السورية والإسلامية (الجامع الأموي) بدمشق، لم يشأ أن يعلنها إلا على منبر الجمعة، في توظيف فاضح لمهمته كواعظ وداعية لخدمة أهداف النظام وغاياته. "العلامة" البوطي، وكما نقلت عنه وكالة سانا الرسمية، اعتبر "أن مشروع الدستور الجديد للجمهورية العربية السورية من أهم الخطوات التي نعود من خلالها إلى أنفسنا"، مؤكداً أن "هذا المشروع هو تعبير عن رغباتنا وآمالنا وأحلامنا، ولم تتم صياغته باسم حكومة أو سلطة أو دولة وأن اللجنة التي صاغته اختيرت لتجتهد وتعلن رغبة الناس". وقال العلامة البوطي في خطبة الجمعة: "إن الشرع يأمرنا بأن نلتفت إلى مشروع الدستور الجديد ونتبناه بدقة، ومن ثم نعلن موافقتنا عليه أو إعراضنا عنه، فلا يجوز لإنسان أن يقول يكفي أن أصمت حيث لا ينسب لساكت قول". وأضاف البوطي إن "مشروع الدستور الجديد يحوي ضمانتين اثنتين، فإذا نفذتا تنفيذاً حقيقياً فإنهما تسيران بنا إلى مستوى السعادة والأمن والطمأنينة ورغد العيش: الأولى هي عدم إهمال هذا الدستور هوية الأمة، حيث وضعنا أمام مرآة دقيقة أمينة تعبر عن هذه الهوية، فدين رئيس الجمهورية الإسلام والشريعة الإسلامية أو الفقه الإسلامي هي مصدر التشريع.. والضمانة الثانية هي أن سورية اليوم بصدد تجاوز نظام الحزب الواحد وسيكون بوسع السوريين الإدلاء والحكم بما يشاؤون ضمن الأنظمة المرعية". وأكد البوطي إن "شؤم أصدقاء إسرائيل ومؤتمرهم الذي يعقد اليوم لم يكن ليحل علينا لولا أن جسد الأمة يعاني من أمراض خطيرة مستقرة في كيانه، وهو مسؤول عنها ويتحمل وزرها فهي منبثقة من داخل أمتنا والعداوات التي تستشري من حولنا من آثار هذه الأمراض التي نعاني منها". وقال: "إن الله عز وجل يقول "واعتصموا بحبل الله جميعا"، لكن جمهرة المسلمين والعرب من حولنا يقولون بل نعتصم بحبل برنار ليفي، ذلك الذي شفا غليلهم وتوجه إلى ليبيا فأحالها إلى نار تضطرم وأطلال تتهاوى، وهو يروج ليتجه اليوم إلى سوريا ويراهن أصدقاءه في إسرائيل أنه سيفعل في سورية كالذي فعله في ليبيا، وسبحانه وتعالى يقول لا تفرقوا، فتصغي إلى إخوان لنا يقولون إن قرارنا الذي اتخذناه هو أن نتفرق فنتخاصم ونتعادى ونجعل من الأحقاد الشخصية الحكم فيما بيننا، وتذكرنا الآية فتقول اذكروا نعم الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم، وجمهرة المسلمين يقولون فلننس هذا الوفاق الذي طوي عهده وانقضت أيامه ولم نعد اليوم بحاجة إليه، فسبيلنا اليوم أن ننفخ في نيران الحروب المستعرة فنصدرها نارا تضطرم لجيران وأخوة لنا نحكم فيما بينهم منجل الموت". وختم البوطي خطبته بالتأكيد "أن الضرورة المنطقية والعقلية والشرعية والإيمانية تقتضي أن نعود إلى دارنا، فنصلح من شأنها، وأن نعود إلى أنفسنا ونعالج الأمراض المستشرية فيها، على ضوء المصير الذي ينتظرنا ونقيم سبل الود والحب سخية حارة". المصدر: جريدة ايلاف الالكترونية - السبت 25 فبراير 2012