ضمن زيارة لولاية صفاقس، ألقى الشيخ راشد الغنوشي مساء أمس محاضرة حول "دور المساجد في تونس الحديثة" في جامع سيدي اللخمي بصفاقس بمشاركة عدد من الأئمة وبحضور عدد كبير من المصلين. وفي قراءة تاريخية سريعة، أكد المتحدث أن المسجد كان ركيزة أساسية من ركائز قيام الدولة الإسلامية، فكان المسجد وبالإضافة إلى كونه مكانا للعبادة، مكانا للتعلم والقضاء والاجتماع وحتى الترفيه والتدرب العسكري. ولم يُخف الغنوشي أنه بتوسع الحضارة الإسلامية وانتشارها، ظهرت مؤسسات تخصصت في بعض الميادين كالقضاء والتعليم، ولكن بقي المسجد دائما القلب النابض في حياة المسلمين، وهو ما يبدو جليا في تخطيط المدن الإسلامية، حيث يقع المسجد في قلب المدينة لتتفرع من حوله بقية المؤسسات. واعتبر المحاضر، أن ما تعيشه بلادنا والأمة عموما من تفش لمظاهر الفساد بمختلف أنواعه يعود أساسا إلى تخلّينا عن المساجد التي تمّ التحكّم فيها وفي القائمين عليها ضمن خطّة محكمة كان إيقاف التعليم الزيتوني من أولى خطواتها. وتبعا لذلك، كان من أولى قرارات الثورة رد الاعتبار لجامع الزيتونة وللتعليم فيه في انتظار إعادة الحياة لفروعه والتي من بينها الجامع الكبير في صفاقس. وتطرّق الشيخ راشد الغنوشي إلى بعض ما تعيشه البلاد حاليا من اعتصامات فوضوية وقطع للطرقات وتعطيل لسير دواليب العمل والإنتاج، معتبرا أن من دور المساجد توعية المواطنين للخروج من السلبية للقطع مع مثل هذه التصرفات ووضع حد لها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يكون شرعيا باليد أو اللسان أو القلب. وفي إشارة لما شهدته بعض المناطق من البلاد من أحداث نُسبت للتيار السلفي، أكد الغنوشي أن ذلك مرفوض شرعا وقانونا، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باليد هو من اختصاص رجال الأمن والجيش، فيما يختص بقية المواطنين ومكونات المجتمع المدني ووسائل الإعلام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باللسان. ما يلفت الانتباه في محاضرة الغنوشي أنه كان محايدا إلى أبعد الحدود عن أي انتماء حزبي، وتجلى ذلك أساسا في رفضه الإجابة عن أسئلة بعض المصلين ذات التوجه السياسي على غرار رأيه في مبادرة الباجي قايد السبسي والدعوة لتشكيل حكومة إنقاذ وطني، معتبرا أن تحييد المساجد عن أي تجاذبات سياسية من الضروريات مؤكدا أن من دور المساجد والقائمين عليها الحديث في المواضيع السياسية مثل الدعوة للمشاركة في الانتخابات، ولكن دون الدعوة لانتخاب حزب دون آخر. نشير ختاما إلى أن زيارة الغنوشي إلى صفاقس كانت بدعوة من جمعية الدعوة والإصلاح والتي يترأسها الشيخ الحبيب اللوز عضو حركة النهضة والنائب في المجلس التأسيسي. الوسط التونسية - 6 جوان 2012