ذكر سعيد الشبلي منسق الرابطة الوطنية لحماية الثورة بأن مسيرة تطاوين تواصلت سلمية، لكنها فوجئت أمام مقر اتحاد الفلاحين التونسيين بوجود مليشيات كانت تحمل السيوف، ثم بادرت بسكب المياه على المتظاهرين، وإلقاء الزجاجات الحارقة (مولوتوف) عليهم، وهو ما ألهب الشارع واستفز المشاركين في المظاهرة واخترق نظامهم. وبين الشبلي أن نقض كان خائفا، وأنه سقط حين كان نازلا من الطابق العلوي مما أدى إلى وفاته. إيمان مهذب-الجزيرة نت-الوسط التونسية: بعد مرور سنة على انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في تونس، لا تزال البلاد تبحث عن استقرارها، فبين فترة وأخرى تعكر أحداث هدوء البلاد، وتعيد تسليط الضوء على مسائل لها تأثيرات على المرحلة الانتقالية. فقد أعادت حادثة مقتل رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحين بمحافظة تطاوين لطفي نقض -في مظاهرة نظمتها لجان حماية الثورة- مسألة العنف السياسي إلى واجهة اهتمام التونسيين، كما أنها طرحت تساؤلات حول تداعياتها ومدى خطورتها. ورغم أن جثمان نقض قد ووري الثرى الأحد بحضور عدد من الوجوه السياسية وناشطي المجتمع المدني، ما زال ما حدث يكتنفه غموض. فبينما يؤكد أنصار نقض أنه ضحية اغتيال سياسي بسبب انتمائه إلى حزب "نداء تونس" الذي يقوده رئيس الوزراء السابق الباجي قايد السبسي، ترى الأطراف الأخرى أن نقض ومن معه بادروا باستخدام العنف لصد مظاهرة تدعو إلى تطهير المؤسسات من بقايا النظام السابق. وفي روايته يقول منسق الرابطة الوطنية لحماية الثورة -المقربة من حركة النهضة- بتطاوين سعيد الشبلي للجزيرة نت إن المسيرة التي نظمت الخميس الماضي "كانت سلمية، وقد نظمتها رابطة حماية الثورة وعدد من الأحزاب منها أحزاب الترويكا الحاكمة، وحركة الشعب وجمعيات أخرى"، مشيرا إلى أنها كانت تهدف إلى دعم الحكومة في تطهير البلاد من بقايا النظام السابق، الذي عاد في تطاوين عبر حزب نداء تونس"، حسب قوله. وذكر أن المسيرة تواصلت سلمية، لكنها فوجئت أمام مقر اتحاد الفلاحين التونسيين بوجود مليشيات كانت تحمل السيوف، ثم بادرت بسكب المياه على المتظاهرين، وإلقاء الزجاجات الحارقة (مولوتوف) عليهم، وهو ما ألهب الشارع واستفز المشاركين في المظاهرة واخترق نظامهم. وبين الشبلي أن نقض كان خائفا، وأنه سقط حين كان نازلا من الطابق العلوي مما أدى إلى وفاته. غير أن حزب نداء تونس يرى غير ذلك ويعتبر أن حادثة مقتل نقض هي عملية "اغتيال سياسي"، وهو ما أكده القيادي في حزب نداء تونس محمد الأزهر العكرمي، قائلا إن ما حدث في تطاوين "يعد جريمة إرهابية واغتيالا سياسيا خطط لهما حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحركة النهضة، اللذان قاما بقتل ممثل الحزب رغم التخفي بما يسمى لجان حماية الثورة". ترهيب الشعب ويرى العكرمي أن ما حدث يهدف للتأثير في الحياة السياسية لمنع الشعب التونسي وترهيبه من الالتحاق بحركة نداء تونس التي لا علاقة لها بحزب التجمع الدستوري الحاكم السابق، وأوضح أن حركة النهضة تريد البقاء في السلطة ولو كان القتل ثمن ذلك"، وإلى أنها "تشهد انحسارا انتخابيا واضحا". وفي تحليله للأمر يعد العكرمي أن من فقد الحجة والشعبية يلجأ للإرهاب والعنف لإعادة خلط الأوراق"، وأضاف أن لجان حماية الثورة التي لا علاقة لها بالثورة، حسب قوله، هي "من تقوم بإرهاب الناس بالقوة والعنف". وطالبت عدة أحزاب ومنظمات تونسية حل الرابطة الوطنية لحماية الثورة، التي حصلت في يونيو/حزيران الماضي على تأشيرة قانونية من حكومة حمادي الجبالي. وفي رده على هذه المطالب قال عضو المكتب التنفيذي للرابطة الوطنية لحماية الثورة بتونس هشام كنو للجزيرة نت إن الأحزاب المطالبة بذلك هي أحزاب تجمعية، ووصفها ب"أحزاب الثورة المضادة"، وأضاف أن "القافلة تسير والكلاب تنبح". وعبّر كنو عن مناهضته لعودة أزلام النظام السابق للحكم، وأكد أن الأمر لن يكون متاحا، "فلا سبيل لعودة السبسي وأمثاله وأتباعه للساحة السياسية في تونس"، وهدد بأن "الانتخابات لن تحدث إذا بقي حزب نداء تونس في الساحة السياسية". ورغم الاختلاف في قراءة ما يحدث تؤكد جميع الأطراف في تونس على نبذ العنف وعلى خطورته، وهو ما أبرزه عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة رياض الشعيبي للجزيرة نت في قوله إن "العنف السياسي مرفوض في مرحلة ما بعد الثورة". ولفت كنو إلى أن "العنف هو دليل على استمرار عقلية وسيكولوجية الاستبداد في المجتمع"، وبيّن "أن البعض ينقل المنافسة السياسية من داخل المؤسسات إلى الشارع، وهو مسوؤل عن العنف الحاصل". الاندفاع السياسي وفي قراءته لما يحدث يقول أستاذ علم الاجتماع بالجامعة التونسية نور الدين العلوي إنه كان من "المتوقع أن تشهد تونس حراكا سياسيا دون الوصول للتقاتل، لكن حدة الخلاف والاندفاع السياسي بين الفرقاء دفع في اتجاه عنف سياسي". وذكر أن البلاد "دخلت منطقة حرجة للعملية السياسية والديمقراطية وصلت إلى حد ممارسة العنف"، وأوضح أن "البلاد تعرف حالة من الشحن من قبل وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، وتعيش أيضا حالة من الاستقطاب بين المجموعة الحاكمة والمعارضة". وأدى هذا إلى الدخول في العنف، ويفترض من الطبقة السياسية العاقلة أن تفرمل هذا الشحن وأن تعود إلى نقطة البداية وتفكر في السياسي فقط وليس في السياسي العنيف، الذي يهدد بانهيار المرحلة الديمقراطية، فيمكن أن نعرف بداية العنف لكن لا يمكن لأحد أن يتنبأ بنهايته، حسب العلوي. المصدر:الجزيرة الثلاثاء 7/12/1433 ه - الموافق 23/10/2012 م