تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العفيف الأخضر في مقابلة صحفية هامة مع "هارتس" الاسرائيلية

يؤكد أصدقاء ومؤيدو العفيف الأخضر بأن حياة هذا المحارب المخضرم من أجل العلمانية والديمقراطية في العالم العربي في خطر. فقبل عامين، أصيبت أصابع يد الأخضر اليمني بالشلل، الذي سرعان ما امتد إلى باقي أنحاء جسمه. وقد نشر تفاصيل مرضه من أجل شرح سبب توقفه عن الكتابة.
بعد ذلك بعام نسبت إليه حركة النهضة الإسلامية التونسية المحظورة، من دون أن تشير إلى اسمه صراحة، أنه مؤلف كتاب "المجهول في حياة الرسول". وجاء في مقال غير مذيل وضعته الحركة على موقعها على شبكة الإنترنيت أن "عقابا إلهيا" قد نزل على "المؤلف الحقيقي" للكتاب الذي يحط من قدر الرسول محمد.
ويعتقد الأخضر وأصدقائه أن الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة، والذي يعيش منفيا في لندن منذ عام 1991، هو الذي يقف وراء المقال المذكور، هذا إذا لم يكن قد كتبه بنفسه.
ولسنوات شن المواطن التونسي العفيف الاخضر، حملة عنيدة لإبعاد أخطار الأصولية الإسلامية، بما فيها تلك التي يتبناها الغنوشي. وفي ردها على المقال، والذي كان قد فسر على أنه فتوى تدين الأخضر بالموت، أصدرت المنظمة العربية لحماية حرية التعبير والصحافة، عريضة "ضد التطرف الديني الظلامي"، دعت فيها لحماية حياة وحرية العفيف الأخضر. وخلال شهرين، كان قد وقع على العريضة أكثر من 600 مثقف وأكاديمي، معظمهم من العرب.
وقد اتصل الأخضر، الذي كان قد استعاد خلال تلك الفترة قدرته على الحركة بفضل العلاج الطبي، وإن كان لا يزال غير قادر على الكتابة بسبب ثقل أصابعه، اتصل بالمحامي دانييل ماكوفر في لندن بشأن إمكانية اتخاذ إجراء قضائي ضد الشيخ الغنوشي.
في أكتوبر عام 2004، كان الأخضر واحدا من بين ثلاثة مثقفين عرب، طلبوا من الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن تكشيل محكمة دولية لمحاكمة الإرهابيين، بما في ذلك رجال الدين المسلمين الذين يصدرون فتاوى تدعو لقتل "الكفار".
يعمل الأخضر، 72 عاما، من شقته الواقعة في إحدى ضواحي باريس الفقيرة، حيث معظم قاطنيها من المهاجرين. وهو يعيش وحيدا، لكنه يقول "مع وجود أربع آلاف كتاب معي لا أشعر بالوحدة". حتى عام 2002، كان العفيف الأخضر يكتب مقالا أسبوعيا في صحيفة الحياة اللندنية، لكن جرى فصله بعد أن أجرى مقابلة مع قناة الجزيرة هاجم فيها العقوبات البدنية الإسلامية التي لا تزال تطبق في السعودية مثل قطع الأطراف.
ومنذ ذلك الوقت، لم توافق سوى مواقع انترنيت عربية قليلة على نشر مقالاته، مثل موقع إيلاف، الذي لا يزال صاحبه يدفع للعفيف الأخضر راتبا شهريا متواضعا. مع ذلك يقول العفيف إن وضعه المادي حاليا، هو أفضل مما كان عليه في معظم سنوات حياته.
فقبل عدة أعوام فقط، كان على حافة المجاعة وكان يسافر يوميا إلى أحد المراكز في باريس (حيث بإمكان كبار السن ركوب المترو مجانا) للحصول على وجبة غذاء مجانية، في أحد "مطاعم الفقراء".
ويعتقد مؤيدو الأخضر أنه يستحق وضعا أفضل من ذلك بكثير. يقول شاكر النابلسي، (الباحث الأردني الذي نشر قبل ثلاثة أشهر في بيروت أول دراسة شاملة عن فكر العفيف الأخضر بعنوان" محامي الشيطان") : إن المجتمع العربي يهتم بنجوم الغناء، لكنه يتجاهل مأساة مثقف كبير في حجم العفيف الأخضر. ويشبه النابلسي الأخضر "برسول الحرية" الأميركي "توماس بين" الذي ناضل من أجل حقوق الإنسان والعلمانية أثناء الحرب الأميركية من أجل الاستقلال.
أما إيغال كرمون، وهو رئيس معهد إعلام وأبحاث الشرق الأوسط (ميمري) ومقره في واشنطن، والذي ترجم ونشر العديد من مقالات الأخضر، فشبهه بالفيلسوف سبينوزا، الذي كان قد اضطهد ونبذ مثله من المجتمع في القرن السابع عشر، لأنه أصر على تأسيس أفكاره، بما ذلك نقده للدين على أساس العقل.
يقول كرمون "لو كنا نعيش في عالم طبيعي لصفق العالم بأسره (للعفيف الأخضر)" ويضيف كرمون "إن (العفيف) مثقف مدهش، يتمتع بفهم عميق للثقافتين العربية والفرنسية، كما يتمتع بمعرفة وإطلاع واسعين، ليس فقط في مجال الفلسفة والإسلام والتاريخ، ولكن أيضا في علم النفس، وهو إلى ذلك شخص يتميز بحس إنساني عالي. إن على الفرنسيين والأوروبيين بعامة، الذين يواجهون مشكلات الهجرة، أن يستفيدوا من إمكانياته وثقافته فيعينوه على رأس مجلس مستشارين خاص بالاندماج".
لكن الأخضر، المشغول حتى إذنيه في كفاحه الراهن، يعارض التركيز على قضيته الشخصية أو على تفاصيل حياته، ويقول "سبعة سطور كافية لتقديمي للقراء". ويضيف "أنه لمن المهم إلى درجة بعيدة التركيز على شرح الأخطار الكامنة في الإسلام الجهادي".
وعودة إلى الكتاب الذي يكشف "جوانب سرية من حياة النبي محمد، والذي حمل اسم "د. المقريزي" ومع ذلك اتهمت حركة النهضة الأخضر بأنه مؤلف الكتاب- يمكن قراءته بالعربية على أحد المواقع المسيحية على الانترنيت. إن التمعن في تفاصيل الكتاب تكشف بوضوح أن هدفه هو "الإثبات" للمسلمين أن محمدا ليس بالضبط هو الرسول الذي تظهره في تعاليمهم المقدسة، وحثهم على الانضمام إلى "الدين الحقيقي" وهو المسيحية!
يقول العفيف "إن الكتاب ألفه بوضوح أحد المصريين المسيحيين المعادين للإسلام، وهو ليس ذكيا جدا"، ويضيف "أنه دعاية دينية مسيحية، وبالتالي كيف يمكنهم أن يتهموني بكتابة هذا الكتاب، عندما يقولون إنني علماني ملحد وكافر؟ هل أنا مسيحي غبي؟
ج- كلا. إن الثقافة يجب أن تكون حرة، وأي باحث أو فنان يجب أن يكون حرا في الكتابة عن الأديان من دون أية قيود.
ج: نعم. إنه يشمل حالات النقد وكذلك النوادر الطريفة. ففي تاريخ الإسلام لدينا أبو نواس، الذي كان يتندر من خلال أشعاره. ومما كتب على سبيل المثال : "ما قال ربك ويل للذي شربوا، بل قال ربك ويل للمصلينا".
إنه المبدأ العلماني: الفصل بين الدين والسياسة، وبين الدين والإبداع الفني والأدبي، وبين الدين والبحث العلمي. هذا المبدأ هو أعظم نجاح أنجزته الحداثة، ويجب أن لا يسمح لرجال الدين بالتدخل في هذه الأمور.
وفيما يتعلق بالرسوم الكاريكاتيرية، على المرء أن يتمعن في الأطراف العربية والإسلامية التي احتجت على إهانة النبي محمد، واستخدمته لأغراضها.
سوريا كانت أول دولة استدعت سفيرها من الدانمارك، وهي نفسها سوريا التي قتلت 30 ألفا من أتباع محمد في حماه عام 1982. إن احتجاجها كان يهدف لجعل الناس تنسى مسؤوليتها عن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.
إيران هي نفسها إيران التي تمنع السنة من بناء مساجد لهم في طهران. واحتجاجها كان من أجل صرف الأنظار عن برنامجها النووي. والسعودية هي نفسها السعودية التي كجزء من من خطتها لتحويل مكة إلى مدينة حديثة، قررت هدم البناء الذي تزوج فيه النبي محمد بعائشة – وهو موقع أثري نادر – من أجل بناء مراحيض عامة في مكانه.
واحتجاجها كان من أجل جعل المسلمين ينسون حربها ضد القاعدة. الشيخ يوسف القرضاوي، الذي حرض العالم العربي ضد الكاريكاتير في برنامجه على قناة الجزيرة، فعل ما فعلته جميع الحركات الإسلامية: لقد استغل الاحتجاج ضد الكاريكاتير من أجل أن يبين للمسلمين لماذا من الضروري قطع العلاقات مع "الكفار" ومن أجل إشعال حرب بين الديانات.
إن على الإنسان أن يرى من يستخدم الكاريكاتير من أجل أغراضه. هل هم العمال؟ الفلاحون؟ كلا. إنهم هؤلاء الذي يهدمون بيت محمد ويحتجون على الكاريكاتير.
ج: هذا ما يقوله الإسلاميون أنفسهم، مثل المعلم الروحي لأيمن الظواهري (والذي هو في الواقع الرجل الأول في القاعدة وليس الثاني، من الناحية الدينية وكذلك التخطيط والتفكير). يقول معلم الظاهري الشيخ عبد القادر بن عبد العزيز (واسمه الحقيقي سيد إمام عبد العزيز الشريف) إن "الإرهاب هو من الإسلام وأي أحد ينكر ذلك فهو ملحد". وهو وآخرون يعتمدون في هذا على بعض الآيات الواردة في القرآن، منها على سبيل المثال: وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ. ( سورة الأنفال، الآية 60).
ج: في الواقع هناك إسلامان منذ فترة النبي محمد. هناك الإسلام المكي (إشارة إلى الفترة التي قضاها محمد في مكة)، وهو إسلام "مسيحي" - حيث كان تحت التأثير المسيحي - وهو يسعى أساسا للسلام، ويعتبر استخدام العنف محرما حتى في حالة الدفاع عن النفس. في هذا الإسلام، الجهاد كان ممنوعا. وعلى أساس هذا الإٍسلام نشأت الحركة الصوفية.
عندما أُجبر محمد على ترك مكة والذهاب إلى المدينة، ولد الإسلام الثاني – الإسلام الجهادي. وهو الذي تبناه الإرهابيون المعاصرون. ولتبرير الانتقال من إسلام مكة "التصالحي" إلى إسلام المدينة "الميليشياوي"، قال محمد للمسلمين إن الجهاد مسموح به فقط في حالة الدفاع عن النفس : أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ . (سورة الحج الآية 39). ومحمد نفسه كان قد ظلم – فهو طرد من مكة، وهدف الجهاد الدفاعي هو تمكينه من العودة من جديد.
الإسلام المدني هو إسلام إرهابي. يقول الشيخ يوسف القرضاوي إن الإرهاب في الإسلام هو إرهاب محمود، ويجب الترحيب به. وهو هنا يشير إلى جزء من الآية 12 من سورة الأنفال : "إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ".
وفي خطابه بمناسبة عيد الأضحى عام 2003، قال أسامة بن لادن إنه يفضل اتباع الإرهاب المبارك الذي تحدث عنه القرضاوي".
ج: إجابتي هي الخطة التي اقترحتها لإصلاح الإسلام، وهي تشمل إصلاح الخطاب الإسلامي والتعليم والإعلام وخطب المساجد، كما تشمل إزالة جميع الآيات التي تدعو للجهاد والعنف من الكتب المدرسية والإبقاء عليها في القرآن فقط.
ج: إلى حد ما، نعم. في تونس جرى تطبيق ذلك منذ عام 1999. إن ما نقترحه هو أنه بدلا من تدريس الأطفال الآيات التي تحض على العنف، نعلمهم الآيات الإنسانية التي تدعوا للسلام ، والموجودة في الفترة المكية.
وعلى سبيل المثال الآية 62 من سورة البقرة التي تقول "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ". وهناك أيضا آيات أخرى مشابهة. إن فقهاء المسلمين يقولون إن هذه الآيات منسوخة. ويجب علينا أن نقول لهم إن الآيات المنسوخة هي تلك التي تعادي اليهود والمسيحيين.
وتتضمن الخطة التي اقترحتها أيضا إدخال العلوم الحديثة إلى مؤسسات التعليم الديني، وكذلك التاريخ المقارن للأديان وعلم نفس واجتماع الأديان، بحيث يتمكن الطلاب من فهم النص الديني في إطار المنطق الحديث. وأيضا تدريس مواد الفلسفة وحقوق الإنسان، من أجل غرس القيم الحديثة في الإسلام، فحتى الآن لا توجد سوى قيم الحلال والحرام.
إن العديد من الأنظمة العربية بدأت تطبيق الخطة أو أجزاء منها. في المغرب، على سبيل المثال، يجري تدريس الفلسفة في المدارس الثانوية. وفي الجزائر، وبعد عام على توجيهي رسالة مفتوحة إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أدعوه فيها لإلغاء تدريس الشريعة من التعليم الثانوي، صدر العام الماضي قانونا بهذا المعنى. وفي أكتوبر عام 2005، ألغت ليبيا تدريس الإسلام الجهادي والآيات التي تبرر العنف.
التاريخ ينصب كمينا لحماس
س: العديد مقتنعون أن الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة (انسحبت إسرائيل من القطاع العام الماضي) هو أحد الأسباب الرئيسية للإرهاب الإسلامي، هل هذا صحيح؟
ج: كلا على الإطلاق. إن من يقولون ذلك، بمن فيهم الخبراء الذين يعتمد صناع القرار الغربيين على آرائهم، لا يفهمون حقيقة عقيدة الإرهاب الإسلامي. فما هي أهداف الإرهاب الذي تقوم به القاعدة؟
يشرح الظواهري ذلك بوضوح في كتابه "فرسان تحت راية الرسول"، والذي كان بمثابة شهادة أخيرة له قبيل الهجوم الإرهابي على الولايات المتحدة في الحادي عشر من سبتمبر عام 2003 (كان متأكدا أنه بعد الاعتداء فإن الولايات المتحدة سوف تقوم بتصفيتهم جميعا).
يقول في الصفحات 327 و328 : إن الحركة الجهادية يجب أن تناضل من أجل جذب الأمة الإسلامية للمشاركة في الجهاد، لكن جماهير الأمة لن تشارك ما لم تكن شعارات المجاهدين واضحة ومفهومة بالنسبة إليها. وأضاف: وبالتالي فإن على الحركة الجهادية أن لا تحد نفسها ضمن شعارات الحاكمية والولاء والبراء" – وهي تعني الحكم الديني القائم على الشريعة الإسلامية، وإقامة العلاقات فقط بين المؤمنين، والفصل التام والفوري مع غير المؤمنين.
إن هدف الإرهاب الإسلامي، هو إقامة دولة تطبق الشريعة، والطلاق النهائي مع "الكفار" – مع أديانهم، وعاداتهم وأزيائهم ومؤسساتهم وعلومهم وقيمهم.
لكن الظواهري ذكي وهو مدرك لأهمية الواقع. ولذلك فهو يكتب، متأسفا، " هذه الشعارات ليست مفهومة بالنسبة لجماهير الأمة، التي لا تجد في نفسها الاستعداد للتضحية من أجل شعارات لا تفهمها، حتى لو كانت هذه الشعارات صحيحة مائة بالمائة".
س: ما الحل الذي يقترحه؟
ج: إنه يعلم بأن الأمر يتطلب وقتا طويلا قبل أن تستوعب الجماهير هذه الشعارات، ولذلك يكتب " من الواضح أن أعدائنا لن يمنحونا كل الوقت الذي نحتاجه لتثقيف الأمة". ما الذي يمكن عمله حتى ذلك الوقت؟ يجيب "يجب أن نضيف إلى شعاراتنا (المذكورة) شعارات أخرى، تكون مفهومة لجماهير الأمة الإسلامية، وبعد أن كنا نراها ثانوية حتى الآن، يجب أن تأخذ مكانها جنبا إلى جنب وعلى نفس مستوى الشعارات الثلاثة الأصلية".
س: ما هي الشعارات الإضافية التي يقترحها؟
ج: يقترح الشعارات التي فهمتها الأمة الإسلامية جيدا لخمسين عاما مضت مثل الدعوة للجهاد ضد إسرائيل.
يجب أن نفهم أن هذا بالنسبة إليه هدف ثانوي، وهو يستخدمه بطريقة ميكافيلية: إذا أخبرناهم بأن الهدف هو إقامة الدولة الإسلامية التي سوف تقطع يد السارق، فسوف يقولون كلا، على عكس شعار الجهاد ضد إسرائيل فهو واضح وبسيط.
شعار آخر يروجه الظواهري وهو تحرير الأماكن الإسلامية المقدسة في الجزيرة العربية من الوجود العسكري الأميركي، وفي القدس من وجود الجيش الإسرائيلي.
إن تحرير فلسطين ليس الهدف المركزي للإرهاب، ولكن الدعوة إليه يساعد الإرهابيين على تجنيد المسلمين للجهاد ضد اليهود و"الصليبيين".
للمفارقة، فإنه بخلاف الحركات اليسارية، فإن الإرهابيين الإسلاميين لا يكرهون الإمبريالية الأميركية أو الصهيونية، وإنما يكرهون المسيحيين واليهود. ليس بسبب ما فعله اليهود والمسيحيون للمسلمين، ولكن لأن المسيحيين واليهود رفضوا الدخول في "الدين الصحيح" وهو الإسلام.
س: هل يصح هذا أيضا على المنظمات الفلسطينية الإسلامية مثل حماس؟
ج: نعم، يصح ذلك على حماس التي تؤكد أن هدفها هو تحرير فلسطين حتى آخر شبر، وتحويلها إلى وقف إسلامي للمسلمين في العالم. وهذا من غير الممكن تحقيقه، ولكن الهدف هو حشد الفلسطينيين والأمة الإسلامية للجهاد ضد إسرائيل وضد حلفائها في الغرب.
لقد صادف أن الحاكمية والولاء والبراء هي أساس عقيدة الحركات الإسلامية في العصر الحديث. على سبيل المثال فإن راشد الغنوشي، في كتابه "الحريات العامة في الدولة الإسلامية" يقول إن ابن تيمية يرى أن العداء للكفار هو من أبسط متطلبات الشريعة الإسلامية. وابن تيمية، الذي عاش في القرن الرابع عشر الميلادي، هو شيخ الإرهابيين الإسلاميين المعاصرين.
ومن هم الكفار؟ هم ليسوا فقط الذين يؤمنون بالأديان الأخرى. وإنما يضم إليهم ابن تيمية الشيعة، وهو أول من قال بتكفير المتصوفة والفلاسفة. وباختصار فإن كل من يحيد قليلا عما يسمى بالإسلام الصحيح يعتبر كافرا.
س: إذا سمحت أن نعود إلى موضوع حماس.
ج : وموضوع الإرهاب. بخلاف الهدف المعلن لحماس، فإن إقامة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة، أمر يمكن فهمه، ولكن إقامتها سوف تسحب البساط من تحت مبرر الإرهاب (تحرير فلسطين)، وبالتالي فإن ما سيبقى لحماس هو الشعارات الثلاثة، التي لا تستطيع الأمة الإسلامية استيعابها.
س: أخذا في الاعتبار ميثاق حماس، هل هناك أي أفق بأن الحركة سوف تتوصل إلى اتفاق مع إسرائيل؟
ج: إن ميثاق حماس مأخوذ من عقيدة الجهاد الإسلامي. وعندما تعلن حماس إمكانية الوصول إلى هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل، فإن بعض المعلقين الغربيين، ممن لا دراية لهم بالعقيدة الجهادية، يعتقدون أن حماس أصبحت أكثر اعتدالا. هذا تشخيص ساذج. لقد عرض بن لادن للتو على الولايات المتحدة هدنة طويلة الأجل، فهل أصبح هو أيضا معتدلا؟
حماس مثل بن لادن أخذوا ذلك مباشرة من العقيدة الجهادية. ماذا تقول هذه العقيدة؟ عندما يكون الجيش المسلم في حالة ضعف وفي وضع أدنى، فإنه يجب أن يطلب هدنة لثلاث أو أربع سنوات، من أجل استغلال الوقت لتقوية نفسه. هذا هو مفهوم الهدنة في الجهاد.
س: هل من الممكن السعي وراء قيادة حماس لإجراء مفاوضات سلام مع إسرائيل؟
ج: هذا صعب. لأن العقيدة الجهادية سوف تعتبر في هذه الحالة قياديي حماس بمثابة خونة للإسلام. لأن هذه العقيدة تحرم التنازل عن أي سنتيمتر واحد من أرض المسلمين للكفار.
بعد اتفاق أوسلو، أصدر راشد الغنوشي فتوى أعلن فيها أن عرفات وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية كفارا، وأضاف أن جميع علماء المسلمين يعتبرون التنازل عن أي ذرة من تراب فلسطين جريمة لا تغتفر. ولكن الواقع هو أقوى من هؤلاء، وليس لدي شك في أن القادة الأكثر عقلانية بين زعماء حماس سوف يتخلون عن الحكم الديني ويقبلوا بوجود إسرائيل.
س: إذن أنت أيضا ترى جانبا إيجابيا في فوز حماس في الانتخابات؟
ج: نعم. إن التاريخ نصب كمينا لحركة حماس. فهي لم ترغب في الفوز بالانتخابات، كانت تريد أن تظل القوة الثانية بعد حركة فتح، وتأجيل تطبيق خطة خارطة الطريق. لكن بعد فوزها، وجدت الحركة نفسها في وضع يجب عليها أن تختار فيه: إما التخلي عن ميثاقها وعن الجهاد من أجل التفاوض مع إسرائيل، وإما أن يتخلى عنها الشعب الفلسطيني.
س: هل يوجد درس ديمقراطي هنا – وهو أنه لا داعي لاستخدام القوة للوصول إلى السلطة، فهناك إمكانية للفوز عبر صناديق الاقتراع؟
ج: الإسلاميون هم ضد الديمقراطية. بالنسبة لهم شرعية الحكومة تستمد من الشريعة الإسلامية، وليس من الانتخابات.
س: اذا خسرت حماس الانتخابات القادمة، هل سيسلم باعتقادك أنصارها السلطة؟
ج: التخلي عن الحكم محرم في الإسلام: الحاكم يحكم حتى آخر يوم في حياته. حماس لن تكون مستعدة لتبادل السلطة كنتيجة لخسارتها في الانتخابات. لكن في النهاية فإن من سيحدد ذلك هو توازن القوة الذي سينشأ وقتها.
س: يقول رئيس الولايات المتحدة إن الإرهاب الجهادي هو أعظم خطر على السلام العالمي. هل تتفق معه؟
ج: الإرهاب الإسلامي عدو كبير للإنسانية، ولكن أيضا الرأسمالية "الهائجة". إن إدارة العالم اليوم لا تتسم بأي قدر من الحكمة، والإنسانية في خطر دائم من الكوارث البيئية والنووية والبيولوجية.
لقد كانت الرأسمالية مرحلة ضرورية في تاريخ البشرية. في البداية كانت متوحشة وقد خلفت الكثير من الضحايا ورائها. وكنتيجة لذلك نشأت حركة مضادة لها، نجحت في "ترويضها" على مراحل. الآن انطلقت الرأسمالية مرة أخرى في صورتها المتوحشة، ويجب أن نكافح من أجل ترويضها من جديد.
س: في وقت ما كنت تؤمن أن العمال وحلفائهم سوف ينجحون في إسقاط الرأسمالية عبر الثورة الاشتراكية ..
ج: اليوم أعتقد أن ذلك غير ممكن.الأرجح أن ما سيحدث هو أن الرأسمالية سوف تتغير من تلقاء نفسها وتحت ضغط خصومها، وسوف تصبح شيئا مختلفا.
إن العمال لا يريدون ديكتاتورية البروليتاريا، ولكنهم يريدون أن يحصلوا على خدمات وبضائع مجانية. علينا أن نناضل من أجل توفير الرعاية الصحية والتعليم والمواصلات العامة المجانية وتوفير الحليب والخبز (كل عام يتم التخلص من كميات الحليب الزائدة- لماذا لا توزع على الأطفال الجائعين؟).
س: هناك مدينة بلجيكية بدأت في تقديم خدمة مواصلات مجانية.
ج: حقا؟ هذا أمر مثير. أخبرني وزير الخارجية الفرنسية مايكل جوبرت في حكومة رئيس الوزراء بومبيدو، أنه في عام 1970، قال وزير المواصلات إن الحكومة قادرة على توفير خدمة مترو باريس بالمجان من دون أن يكلفها ذلك سنتيما واحدا. ماذا كان رد بومبيدو؟ قال : كلا، إذا أعطيناهم المترو الآن بالمجان فإنهم سوف يطالبون غدا بالخبز والحليب.
إلى هذا يجب أن نضيف تغيير الديمقراطية، من ديمقراطية ممثلين منتخبين غير خاضعين لرقابة الناخبين، وقادرين على التملص من وعودهم، إلى ديمقراطية مباشرة، يتم فيها اتخاذ المزيد من القرارات عبر الاستفتاءات الشعبية. لقد أصبح هذا ممكنا بفضل ثورة المعلومات والاتصالات.
س: إذا أنت غيرت رأيك؟
ج: بالتأكيد. في الثقافة العربية الإسلامية، عليك أن تتمسك بآراء قبيلتك أو دينك، التي صاغتها أجيال قبلك، وعليك ألا تفكر في نفسك أو تغير من رأيك.
كل يوم أقرأ 70 صفحة من الكتابات الفلسفية والعلمية، وأنا أتغير 70 مرة تحت تأثير الأفكار والحقائق الجديدة التي تواجهني. وبعدها يسألني البعض "لماذا كنت تقول شيئا قبل 20 عاما، والآن تقول شيئا مختلفا؟
في نظر العرب المسلمين، المثقف هو بمثابة نبي، كلامه حقيقة مطلقة. أنا لست نبيا، أنا باحث في قضايا المجتمع. والعلم – ما هو العلم؟ إنه خطأ تم تصحيحه، أوخطأ بحاجة إلى تصحيح. قريبا جدا ربما أقوم بتصحيح جديد.
س: عندما تقابلنا في باريس قبل 20 عاما، قلت لي إنك تود زيارة إسرائيل من أجل مشاركة العمال في نضالهم. وفي رواية شيمون باللاس، تخطط الشخصية المقتبسة عن حياتك، للذهاب إلى إسرائيل من أجل دراسة العبرية، ما الذي يمنعك من القيام بهذه الزيارة؟
ج: حاليا المرض. بسبب مساندتني للتسوية مع إسرائيل، أتساءل أحيانا "إذا قدمت لك الحكومة الإسرائيلية دعوة للزيارة ماذا ستفعل؟ وأجيب : على الحكومة أن تدعو رئيس حكومة أو وزير أو سياسي، ولكن ليس أنا. ولكن إذا تلقيت دعوة من المجتمع المدني، أو المنظمات غير الحكومية الإسرائيلية، فلن أرفضها. وفي أي وقت، إذا نجحتم في الوصول إلى السلام وإقامة دولة فلسطينية، سأحاول المجىء حتى وأنا مريض، من أجل أن أحتفل معكم ومع الفلسطينيين.
___________________________
*أجرت صحيفة هآارتس الإسرائيلية هذه المقابلة مع العفيف الأخضر من باريس في شهر مارس 2006، وقد قامت مجلة "آفاق" العربية بترجمتها من الانجليزية إلى العربية.
**


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.