شاهدت كما شاهد غيري حوار السيد سالم بزيوش والد المعتقل ماهر بزيوش على قناة 'الحوار التونسي' و ما تعرض اليه هو و ابنه من ظلم و تنكيل في وطنه تونس و على أيدي أبناء جلدته، فطار بي الخيال و سبح بي التفكير في سجون تونسنا السليبة فانتقلت من سجن لآخر و من معتقل الى آخر و تذكرت شهادات بعض التونسيين المسرحين أو الذين انتهت مهلتهم في هذه الأماكن و ما نقلوه لنا من آلام و أحزان بين أيدي جلاديهم حتى يخيّل اليك أنهم كانوا في سجون الاحتلال الاسرائيلي أو... و لئن كنا نقر للاحتلال بخلفيته الايديولوجية و دوافعه الاستعمارية، الا أننا لم نجدها في بلدنا فالسجين تونسي أبا عن جد و حرصه على بلده و حبه له لا يشك فيه الا جاهل ساذج أو معاند مكابر, أما السجّان فهو يدعي على الأقل أنه أيضا تونسي و تهمّه مصلحة البلاد بل و يسجن مواطنه التونسي ويعذبّه ويمنع عنه القلم، و يمنع عنه الكتاب، بل حتى عند خروجه من السجن تراه يلازمه كظله ليلا و نهارا حتى و ان فاته شيئ من أخباره فتراه يعمد الى أخذها من جاره، و ان سألته عن دوافع ذلك ,ان لم يستغرب سؤالك أخبرك أنه عبد مأمور يطبق الأوامر! و قد وصلت بنا الحالة في تونس أن نكيل الى بعضنا التهم جزافا ,فبمجرد أن تختلف مع السلطة في أي مسألة تخرج علينا الصحف الصفراء بتهم لم نألفها من قبيل الاستقواء بالأجنبي أو تنفيذ أجندة أجنبية أو حتى العمالة ,و لكل حالة اما الجريدي أو الصغير أو بسييس بالمرصاد !!! ..و حتى أننا كنا نطالب باطلاق سراح ضحايا العشرية السوداء للتغيير مصداقا لمقولة " ازالة آثار العدوان " ( طبعا عدوان التغيير المبارك )، رأى غيرنا أن يضيف لهم ضحايا آخرين باسم قانون الارهاب و الذي بموجبه أصبح التونسي غير مطمأن على نفسه و لا على أهله ,فبمجرد أن يلتزم شاب ما,فانه يصبح عرضة للاعتقال أو الاختطاف دون علم الأهل والذوي, بل دون حتى أن يكون هناك دليل على التورط في أي جرم أو مخالفة للقانون، ففي هاته الحالات النية تجزي عن العمل!... و لكم سمعنا عن شباب في مقتبل العمر كنا نأمل أن يكونوا أمل البلاد , ولكن ما فتأت أن خطفتهم أيادي "الأمن" الى المعتقلات و السجون، لا لذنب اقترفوه و لا لمعصية فعلوها و لكن لتتشفى فيهم بعض القلوب المريضة. و الا بربكم ما الخطر الذي يمثله شاب في سن العشرين على دولة تدعي أنها بلغت من النضج و التمكين الدرجات المتقدمة ؟ و لماذا لم نسمع عن أية دولة متقدمة بأنها اعتقلت مواطنيها من أجل محاسبتهم على نوايا لم تثبت بالدليل القاطع ولم تتوفر في نواياهم حتى وان صحت أركان المخالفة أو الجريمة؟ أخشى ما أخشاه أن يصبح التونسي للتونسي نقمة !!! الفار من بلده بسبب 7 / 11 أبو عمر. *