دعا مسؤولون مغاربة الجمعة الاتحاد الأوروبي أهم شريك لدول المنطقة للعب دور هام بهدف المساعدة في إقامة تكتل اقتصادي مغاربي صلب وتحرير تجارتها البينية. وقال محمد الغنوشي الوزير الأول التونسي في مؤتمر حول المؤسسة المغاربية بدأ بالعاصمة التونسية الجمعة ويستمر يومين "هناك عامل يجب أن نحسن الاستفادة منه هو شريكنا الاتحاد الأوروبي الذي يمكنه تمويل عدة مشاريع في منطقتنا". وترتبط بلدان مغاربية مثل تونس والمغرب والجزائر باتفاقيات شراكة وتعاون مع الاتحاد الأوروبي، ويمثل الاتحاد الأوروبي لبلد مثل تونس أول مستقطب لصارداتها بنسبة 70 بالمئة والمصدر الرئيسي لوارداتها بحصة تزيد على 75 بالمئة. وقال الغنوشي "بإمكاننا الاستفادة من خطوط تمويل ذات بعد إقليمي من الاتحاد الأوروبي في إطار اتفاقياتنا الثنائية معه". لكنه نبه إلى "أنه من الضروري إقامة جبهة تفاوض موحدة مع الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى مفاوضات كل طرف منا على حدة". ومن مجموع 37 مليار دولار قيمة المبادلات مع الاتحاد الأوروبي فان ما بين اثنين وأربعة بالمئة فقط من هذه المبادلات تجري بين البلدان المغاربية بحسب دراسة أعدها المعهد الأوروبي المتوسطي ومقره أسبانيا. ويقول اقتصاديون "أن حكومات المغرب العربي حيث يعيش اكثر من 80 مليون نسمة تمارس لعبة خطرة بتحرير تجارتها مع الاتحاد الأوروبي وتعطيلها فيما بينها". وأشارت دراسة قدمها المعهد الأوروبي المتوسطي إلى أن بلدان المغرب العربي الخمسة وهي تونس والمغرب والجزائر وليبيا وموريتانيا تحتاج إلى تسريع نسق نموها من 5.4 بالمئة سنويا إلى 8 بالمئة من اجل تقليص مستويات البطالة وتحقيق الاندماج الفعلي. من جهته قال حسين باي وهو مستثمر ليبي على هامش المؤتمر "بلداننا بحاجة إلى تطوير الكفاءات البشرية وتدريبها ونقل خبراتها في مجال الخدمات وتشجيع الإصلاحات الإدارية داخل كل بلد لتسهيل الاندماج وضمان عدم تكرر نفس العوائق". لكن المستثمر الليبي نفى أن يكون المغرب العربي بحاجة فعليا إلى مساعدة مادية لأنه برأيه "غني بموارده الطبيعية ولا يحتاج إلا لدفع من شريكه الأوروبي لتغيير الأفكار نحو تحرير المجال الجوي والبري". وتختزن ليبيا والجزائر عضوا أوبك ثروات نفطية هامة، بينما تعتمد بلدان مثل المغرب وتونس على قطاع الخدمات وقلصا بشكل ملحوظ الاعتماد على قطاع الزراعة. وقطعت الطرق البرية التي تربط الجزائر بالمغرب في عام 1994 بسبب توترات سياسية وتعرضت التجارة البينية إلى صفعة جديدة في عام 1996 عندما ألغت الجزائر اتفاقا ثنائيا مع المغرب يقضي بإعفاء سلع البلدين من التعريفات الجمركية. ومازالت العلاقات متوترة فيما يرجع أساسا إلى مسألة الصحراء الغربية مما يجعل من المستبعد أن يحقق اتحاد المغرب العربي الذي تأسس عام 1989 هدفه بشان تحرير التجارة بحلول2010. وقال طارق الشريف رئيس الشركة الأفريقية للدهن "نعم بإمكان دعم مادي دولي من شركائنا وعلى رأسهم الاتحاد الأوروبي أن يسهل في تركيز بنية تحتية ... تحرير التجارة بين بلدان المغرب العربي". واتفقت تونس وليبيا العام الماضي على شق طريق بري يربط صفاقس أهم مركز اقتصادي في تونس بالعاصمة الليبية طرابلس لكنه لم يدخل بعد حيز التنفيذ، وتدرس البلدان المغاربية أيضا إنشاء خط حديدي بينها لتسهيل تنقل الأشخاص. ويشتكي أغلب رجال الأعمال المغاربة من تعقيد الإجراءات الإدارية والجمركية لتوجيه صادراتهم لدول المنطقة. وقال سونان فلورانس رئيس المعهد الأوروبي المتوسطي أن "عدم التوصل إلى تحقيق جبهة مغاربية اقتصادية يكلف دول المنطقة خسارة سنوية بنحو 4.6 مليار يورو جراء هروب استثمارات خارجية". وقال الوزير الأول التونسي أن "إرساء هذا التكتل الإقليمي بشكل ناجع سيسرع نمو كل بلد بما لا يقل عن اثنين بالمئة سنويا وسيخلق 20 ألف فرصة عمل جديدة كل عام".