«ما عادش لاحق» جملة تتردد على أكثر من لسان.. تسمعها من «الزوالي» ومن «الشهار».. من «الصنايعي» والتاجر ورجل الاعمال.. وحتى من يشتغل في أكثر من شغل ليكون له اكثر من مورد رزق يجيبك عندما تسأله عن سبب لهفته تلك «ما عادش لاحق».. كل من موقعه يمدّك بترسانة من التبريرات..الزوالي يقول لك «المدخول شوية» و«الكراء غالي» وطلبات الاطفال عديدة.. أما «الشهار» فيحدثك عن القروض التي تقضّ مضجعه بدءا من بنك الاسكان مرورا بقرض السيارة انتهاء بالقرض الشخصي.. «الصنايعي» يحدثك عن غزو المصنوعات الاجنبية وكثرة المنافسة اما التاجر فيتحدث عن الكساد ورجل الاعمال عن همّ فوائض البنوك وغول الصكوك بدون رصيد. واذا سألتهم «آش لزّ العاقل لهذا؟» ولماذا لا يعمل الفرد منّا بمبدإ «أمدّ رجلي على قدر كسائي» يقال لك «ياخي أنا زايد على غيري» و«إذا ما نعملش هكّا ما نجمش نعيش» هكذا يقول «الشهار» ورجل الاعمال واذا عمقت النظر في واقع مجتمعنا تكتشف أن التونسي طموح لكن طموحه يقتصر بالاساس على كيفية العيش أرفع من مستواه.. فهو يطمح لاقتناء سيارة وشقة ويفكّر في الآن نفسه كيف يمكن ان يفرّط في الشقة المرهونة ليشتري فيلا وكيف يبيع السيارة ليشتري ما أرفه منها.. وقلّ وندر أن تجد تونسيا يوظف طموحه في غير منحى استهلاكي فتراه مثلا كما الياباني او الصيني يستنبط وينتج ما استنبطه خارج أوقات عمله ليحقق ذاته بالاساس ويشعر أنه فرد فاعل.. إن النهج الذي استفحل فينا منذ شهدت بلادنا انفتاحا اقتصاديا يستوجب تصحيحا عاجلا لانه لا خير في مجتمع يستهلك اكثر مما ينتج.. لذلك تجده «ما عادش لاحق».