ملف التسفير إلى بؤر التوتر: حجز القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم    تطاوين: قافلة طبية متعددة الاختصاصات تزور معتمدية الذهيبة طيلة يومين    الرابطة الأولى (الجولة 28): صراع مشتعل على اللقب ومعركة البقاء تشتد    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    عاجل/ هلاك ستيني في حريق بمنزل..    القضية الفلسطينية تتصدر مظاهرات عيد الشغل في باريس    نسق إحداث الشركات الأهلية في تونس يرتفع ب140% مقارنة بسنة 2024    أعوان وإطارات المركز الدولي للنهوض بالاشخاص ذوي الاعاقة في اعتصام مفتوح    في سابقة خطيرة/ ينتحلون صفة أمنيين ويقومون بعملية سرقة..وهذه التفاصيل..    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    الصين تدرس عرضا أميركيا لمحادثات الرسوم وتحذر من "الابتزاز"    لي جو هو يتولى منصب الرئيس المؤقت لكوريا الجنوبية    سعر ''بلاطو العظم'' بين 6000 و 7000 مليم    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    نهائيات ماي: مواجهات نارية وأول نهائي لمرموش في مانشستر سيتى    لأول مرة في التاريخ: شاب عربي لرئاسة ريال مدريد الإسباني    تشيلسي يهزم ديورغاردن 4-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    عيد الاضحى 2025: الأضاحي متوفرة للتونسيين والأسعار تُحدد قريبًا    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    زاراها قيس سعيد...كل ما تريد معرفته عن مطحنة أبة قصور في الكاف    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/ أمطار أعلى من المعدلات العادية متوقعة في شهر ماي..وهذا موعد عودة التقلبات الجوية..    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    وجبة غداء ب"ثعبان ميت".. إصابة 100 تلميذ بتسمم في الهند    "نحن نغرق".. سفينة مساعدات متجهة إلى غزة تتعرض لهجوم جوي (فيديو)    سقوط طائرة هليكوبتر في المياه ونجاة ركابها بأعجوبة    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستُحدد لاحقًا وفق العرض والطلب    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    رئيس الجمهورية: تونس تزخر بالوطنيين القادرين على خلق الثّروة والتّوزيع العادل لثمارها    توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي بالفوز 3-1 على بودو/جليمت    بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    المسرحيون يودعون انور الشعافي    أولا وأخيرا: أم القضايا    رئيس الجمهورية في عيد العمّال: الشغل بمقابل مع العدل والإنصاف    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    بنزرت: إيقاف شبان من بينهم 3 قصّر نفذوا 'براكاج' لحافلة نقل مدرسي    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الليلة: سحب عابرة والحرارة تتراوح بين 15 و26 درجة    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهاشمي بن علي : حوارات مذهبية : لا بأس ..ولكن


:
فوجئت وأنا أتصفح مراسلة تونس نيوز الأخيرة بقرار أحمر قان اتخذته "الهيئة" المشرفة على هذا المنبر الإعلامي الحر. يقول القرار إنه لن يقع نشر مزيد من النصوص في الجدل المذهبي وذلك لأن الهدف الأساسي كان إطلاع التونسيين على نواحي تتعلق بظاهرة التشيع في تونس.
وإنني إذ أحترم إرادة المشرفين على أمل أن لا تتسم بالفوقية ألاحظ ما يلي:
-1- هذا الجدل لا يضر فيه خلاف مهما طال مادام يلتزم أدب الحوار وإنني أرى رغم بعض الهنات أن هذا الجو كان هو الأغلب..و المفروض هو أن نعمل على ترسيخ هذا التقليد الإيجابي وإلا فإن الاختلاف سيبقى مجرد شعار أو ثقافة نظرية نتغنى بها ونسقط لا قدر الله في أول امتحاناتها.
-2- لم أكتب شخصيا في الموضوع إلا عندما نشرت نصوص متشنجة عممت أحكامها على طائفة كبيرة من المسلمين وطعنت في أكثر العقائد حساسية من قبيل الاعتقاد في صحة القرآن الكريم و غيرها من المسائل التي إن لم توضح خلقت شرخا في نظرة المسلمين لبعضهم البعض. فالدافع عندي هو ردم الهوة بين المسلمين وإعلاء المشتركات بينهم وتفنيد ما يخلق بينهم العداوة والبغضاء.
-3- لم يكن الدافع عندي فيما كتبت خصوص الواقع التونسي حيث من المهم أن يعرف الجميع أن شيعة تونس ليسوا سوى أقلية قليلة من مواطنين كغيرهم، لم يفعلوا سوى أن مارسوا حق حرية المعتقد واختاروا لأنفسهم أفكارا يرونها صياغة أفضل لما يتبناه المسلمون كدين لهم.
ومن هنا فإنه ليس من المناسب تهويل الظاهرة وتصويرها بأكثر مما تستحق أو وضعها في إطار يخلف المشاحنات في حين يوجد في المجتمع علمانيون وملحدون وعنصريون لا يصادر عليهم أحد حقهم في الاختلاف.
-4- سقطت نصوصي في بعض الإطالة فعلا ولكن لسبب بسيط وقاهر، فمثير الشبهة لا يحتاج لأكثر من سطور قليلة أو لوصلة إلى موقع ليترك "المُدان" يتخبط في رد التهمة ورد التهمة مهمة شاقة تحتاج الكثير من الشرح والأدلة.
ورغم أننا فعلنا ذلك مثلا في مبحث صون القرآن العظيم من التحريف وسقنا كما تذكرون عشرات الإحالات على أراء وكتب تثبت أن الأغلب الساحق من الشيعة المسلمين يعتقد بسلامة القرآن، ورغم الدعوة لتجنب الإثارة المغرضة لهذه القضية وحث المخالف على ترجيح مصلحة الإسلام بتجاهل الشواذ والإذعان للرأي الأغلب إلا أن المخالف سامحه الله أصر على نهجه واكتفى بالتكذيب الذي ذكرني بما يعانيه هو نفس المخالف من تكذيب السلطة والعلمانيين لالتزامه بالديمقراطية والتداول السلمي على السلطة..المفارقة هي أنني أصدق المخالف وأدافع عن حقه في العمل السياسي السلمي وأراه ملتزما بما يعلنه، أما هو فمكذب لي يتصرف كمن لا يريد أن يسلم بحقيقة ما أثبته..هي العزة عندما تأخذ أحدهم بالإثم.
-5- لقد أعلنت في كل مداخلاتي أنه من الواجب الترفع عن الطرق الهابطة في التطرق لفكر الآخرين والكف عن تقديمه في صورة كاريكاتورية.
وإنني أشهد الله أنني تجنبت نصوصا مذكورة في الصحاح تضاهي في غرابتها وفي معانيها المثيرة للجدل بل وللاستغراب ما ساقه المخالفون وهي تتعلق بحرمات الأنبياء وبالذات الإلهية أيضا.
تركتها كي لا ندخل في دوامة الجميع فيها خاسر في نهاية المطاف. غمزت من قناة الوعي وقلت يا جماعة نحن نعيش زمنا غير الزمن ومع إجلالنا لمن قاموا بتأليف المدونة التقليدية إلا أن تلك المدونة كما هو معلوم للباحثين المنصفين البعيدين عن المناهج التمجيدية الفارغة من أية قيمة علمية لم تنج من نصوص لا صلة لها بصحيح الدين أو العقل في معناهما البسيط المباشر.
لذا لا داعي لتصوير الشيعة كأنهم فقط من عنده هذا التراث، فنحن في هذه البلية سواء لكن لا بأس فنحن لا يلزمنا إلا كتاب الله وصحيح السنة وما خالفهما وخالف سليم العقل رددناه.
-6- انبنت مقالاتي الأولى على رد الشبهات وتوضيح ما قد يعلق بذهن الناس من أفكار على أنها مسلمات وما أسرعنا لتصديق ما نسمع ونقرأ، غير أنني مررت إلى مرحلة جديدة يقطعها علي قرار هيئة التحرير وهي التأسيس الذي تنكشف فيه حقائق أسس قد تغير رأسا على عقب بعض المسلمات التي لا تصمد عند البحث العلمي الصارم وقد كانت المحطة الأولى في المقارنة بين نصي كتاب الله وسنتي ونص كتاب الله و عترتي.
كان المفترض أن نمر لمناقشة الدلالة على ضوء مقتضى اللسان العربي المبين الذي نزل به القرآن الكريم، لكن ما الحيلة وقد اتخذ هذا القرار فجأة وبهذه الطريقة ولعل الخسارة الفادحة هي ما كان القارئ سيطلع عليه في هذا الباب من حقائق غائبة تشجعه على فهم أعمق لدينه وللجدل الدائر فيه وحوله.
-7- كنت أعتزم أن أمر بالأحاديث التي كذب بعضها الأخ خالد بن سليمان لكي أعالجها بمثل ما عالجت به حديث الثقلين بطريقة نعتمد فيها المعروف الشائع من مقاييس الجرح والتعديل وهذا مبحث مفتوح للعقل البشري يخوض فيه علماء الإسلام وغيرهم ليل نهار، فأين قرار هيئة التحرير من حث الإسلام أتباعه على التفقه في الدين وهل هذا إلا تفقه في الدين؟
ولعلني كنت أود التعرض للأحاديث التالية بتفصيل لكنني جمعتها على عجالة كي لا أطيل وكان منهجي فيها سيكون كالتالي:
1- حديث: كتاب الله وسنتي
روي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة نبيه) [موطأ مالك: ج 2 ص 899].
إن هذا الحديث مشهور وقد جعله البعض أساساً وعمادً لهم، وقد كُرر كثيراً في كتب المسلمين وخاصة السلفيين.
والناظر فيه يجده متهالك سنداً ومتناً.
بالنسبة للسند
رواه مالك في موطأ، وابن هشام في سيرته بدون إسناد.
ورواه الحاكم في المستدرك : ج 1 ص 93 بسند فيه ابن أبي أويس، وهذه بعض أقوال علماء الرجال فيه.
قال النسائي: ضعيف.
قال ابن معين: هو وأبوه يسرقان الحديث.
وقال ابن عدي: روى عن خاله أحاديث غرائب لا يتابعه عليهما أحد.. [راجع ميزان الاعتدال وتهذيب التهذيب في ترجمته].
ووجود هذا الرجل في السند كفيل بأن لا تقوم لهذه الرواية قائمة!
ورواه الحاكم : ج 1 ص 93 بسند آخر فيه: صالح بن موسى الطلحي قال ابن معين فيه: ليس بشيماء.
وقال الجوزجاني: ضعيف الحديث على حسنة.
وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: ضعيف الحديث.
وقال أبو نعيم: متروك يروي المناكير.
[راجع ترجمته في تهذيب التهذيب].
هذه أسانيد الحديث المتوفرة تدل على أنّ الحديث ضعيف لا يمكن ولا يصح الاحتجاج به.
والملاحظ:
- إنّ الحديث بالرغم من أهميته لم يروه أصحاب الصحاح الستة بما فيهم البخاري ومسلم وهم أهل الكتب المعتمدة.
2- حديث: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء
عن العرباض بن سارية قال: وعظنا رسول الله (صلى الله عليه وآله)... - إلى أن قال - فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عظوا عليها بالنواجذ) [سنن أبو داوود: حديث رقم 4443].
هذا الحديث شائع جداً ويستند إليه كثيراً في الاستدلال من قبل العلماء، فما مدى صحته؟!
يلاحظ أن الحديث قيل في آخر حياة النبي (صلى الله عليه وآله) وبعد صلاة جماعة وهو يعني وفرة عدد الحاضرين من الصحابة إلا أنه لم يروه منهم إلا العرباض بن سارية، وهذا يجعلنا نضع علامة استفهام على الحديث من البداية!
ثمّ لم يروه عن العرباض إلا راوٍ واحد هو عبد الرحمن بن عمرو السلمي وهذا الرجل لم يذكروا له تعديلاً أو تجريحاً وعلى هذا فهو مجهول.
أسانيد الحديث
أجل لقد روى الحديث الترمذي بسندين ورواه أبو داوود بسند واحد، ورواه ابن ماجة بثلاثة أسانيد وأحمد بن حنبل بخمسة أسانيد والحاكم بسندين والطبراني بأسانيد عدة.
وهذه الأسانيد كلها تنتهي إلى العرباض وهو الوحيد راوي الحديث، ولم يروه عنه إلا عبد الرحمن السلمي كما في الأسانيد.
والرجل مجهول كما ذكرنا، وقد ذهب بجهالته الحافظ القطان الفاسي [تهذيب التهذيب: ج 6 ص 216].
لهذا لم يصحح الحديث.
3- حديث خير القرون
أخرج البخاري عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم...) [صحيح البخاري: كتاب المناقب].
هذا الحديث من الأعمدة التي اتكئ عليها البعض لإضفاء الشرعية على كل ما حدث في القرون ولأجل تعديل الصحابة، فهل يصح الاستدلال به؟!
إن هناك أحاديث تعارض هذا النص وتبين أفضلية من يؤمن بالنبي غيباً.
قال (صلى الله عليه وآله): (ليدركنَّ المسيح أقواماً إنهم لمثلكم أو خير، ثلاث مرات) [فتح الباري: ج 7 ص 5].
وقال (صلى الله عليه وآله): (مثل أمتي مثل المطر لا يدري أوّله خير أم آخره) [سنن الترمذي، حديث رقم 2869].
وعن أبي جمعة قال: (تغدينا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعنا أبو عبيدة بن الجراح، قال: فقلنا: يا رسول الله أحد خير منّا أسلمنا معك وجاهدنا معك؟ قال: نعم! قوم يكونون بعدكم يؤمنون بي ولم يروني) [مستدرك الحاكم: ج 4 ص 85 وصححه وكذا الذهبي].
إن الذي يبدو إن الأحاديث المعارضة للحديث الأول هي الصحيحة، لأن الإيمان بالإسلام والنبي بعد قرون عدة والتضحية من أجل هذا الاعتقاد أفضل من إيمان من رأى النبي (صلى الله عليه وآله) ورأى أنوار النبوة عياناً أمامه، فأهل آخر الزمان مؤمنون بالغيب، وهو أمر مدحه الله في قرآنه.
ولو فرضنا صحة حديث (خير أمتي قرني) فهو لا يعني الاستقامة لكل أفراد ذلك القرن، وهذا واضح لكل من له أدنى إطلاع على أحداث القرن الأول!
4-حديث (ما أنا عليه وأصحابي)
روى الترمذي بإسناده عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (... وإن بني إسرائيل تفرقت على اثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة. كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟
قال: (ما أنا عليه وأصحابي) [سنن الترمذي، كتاب الإيمان].
إن هذا الحديث الذي استدل به ابن تيمية وأتباعه كثيراً لا يصح أصلاً.
لقد روى الحديث الترمذي بسند فيه عبد الرحمن بن زياد الأفريقي وهذه ترجمته:
عن أحمد بن حنبل: ليس بشيء.
وقال: منكر الحديث.
وعن يحيى بن معين: ضعيف.
وقال الترمذي: ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه يحيى القطان وغيره [راجع تهذيب الكمال: ج 17 ص 102 - 110 باختصار].
وضعّفه ابن حجر في تهذيب التهذيب: ج 6 ص 160.
وروى الحاكم الحديث بسند فيه الأفريقي [المستدرك: ج 1 ص 128].
وأخر في الحديث الطبراني في المعجم الكبير بسند فيه كثير بن مروان وقد ضعّفه أئمة الحديث [راجع ميزان الاعتدال: ج 5 ص 496].
ورواه الطبراني في المعجم الصغير بسند فيه عبد الله بن سفيان، وقد ذكر العقيلي في الضعفاء الكبير وانظر كلام الذهبي فيه في (ميزان الاعتدال) في ترجمته.
ولا يصح أن يكون الصحابة دليلاً للنجاة لاختلافهم الكثير وقتال بعضهم بعضاً ولذهاب قسم كبير منهم إلى النار كما ذكر البخاري هذا في صحيحه في كتاب الرقاق.
5- حديث: أصحابي كالنجوم
كثيراً ما يحتج الخطباء وبعض المشتغلين بالعلم بحديث يروى وهو (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم).
وهذا الحديث ضعيف باعتراف العلماء، فلا يصح نسبته للنبي (صلى الله عليه وآله).
يقول ابن تيمية: (وحديث أصحابي كالنجوم، ضعفه أئمة الحديث، فلا حجة فيه) [راجع المنتقى: للذهبي: ص 551].
وقال الألباني في سلسلته الضعيفة عنه: (موضوع) وقال ابن عبد البر عن إسناده: (هذا إسناد لا تقوم به حجة) وقال ابن حزم: (هذه رواية ساقطة...) وقال أحمد: (لا يصح هذا الحديث) كما في (المنتخب لابن قدامة: ج10 ص 199 ح2).
[راجع سلسلة الأحاديث الضعيفة: ج 1 ص 78 - 79 ح 61].
وقال الألباني فيه في موضع آخر عنه بل هو حديث باطل. [شرح العقيدة الطحاوية: ص 530].
يقول ابن حزم: (فقد ظهر أن هذه الرواية لا تثبت أصلاً، بلا شك إنّها مكذوبة) [الإحكام في أصول الأحكام: ج 6 ص 244].
وقال الشوكاني فيه، (فهذا ما لم يثبت قط). [إرشاد الفعول: ص 243].
إن متن الحديث يدل على وضعه، فكيف يقول النبي (صلى الله عليه وآله): أصحابي كالنجوم... فيأمر أصحابه بالإقتداء بأصحابه؟!
6- حديث: اختلاف أمتي رحمة
هذا حديث مشهور بين أتباع المذاهب، حتى ألّف أحدهم كتاباً أخذ عنوانه من الحديث السابق حيث أسماه (رحمة الأمة في اختلاف الأئمة).
يقول الألباني فيه: (لا أصل له، ولقد جهد المحدثون في أن يقفوا له على سند فلم يوفقوا...
ونقل المناوي عن السبكي أنه قال: (وليس بمعروف عن المحدِّثين، ولم أقف له على سند صحيح ولا ضعيف ولا موضوع، وأقرّه زكريا الأنصاري في تعليقه على تفسير البيضاوي (ق 92/2) [راجع سلسلة الأحاديث الضعيفة: ج 1 ص 76 ح 57].
وقال ابن حزم في هذا الحديث: (وهذا من أفسد قول يكون، لأنّه لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق سخطاً، وهذا ما لا يقوله مسلم، لأنّه ليس إلا اتفاق أو اختلاف، وليس إلا رحمة أو سخط، وأما الحديث المذكور فباطل مكذوب). [الإحكام: ج 5 ص 61].
فهذه أحاديث تجوب الآفاق دون أن نسمع بأحدهم يبذل جهدا يذكر في كشف مدى صحتها كي يتوقف عندها المؤمنون بينما ينشط هؤلاء في رد مناقب وشواهد مقامات آل محمد ويحثون الخطى إلى ما قد يجعل شبهة النصب تتعلق بهم ونحن ننزههم عن ذلك فهم يعلنون حب محمد وآل محمد ليل نهار!!!!..لكن بين القول والعمل مسافات نسأل عنها جميعا..أليس كذلك؟
-8- في كل الأحوال أخشى أن يقطع بنا حبل الحوار عند هذه النقطة المفصلية من الجدل القائم بينما كانت الكتابات ربما ستتواصل ما دامت تسب الصفويين وتذكر الشيعة بأقذع النعوت حيث التخوين وهتك الأعراض والنيل من المقامات التي لم يسلم منها حتى السيد حسن نصر الله وهو من هو بمنزلته لدى الجماهير وبما قدمه من تضحيات لا تنتظر شهادة "ببوش بومصّة" ستاليني المرجعية المعروف انغلاقه للقاصي والداني.
أرجو إذن أن لا يكون هذا الحجر أو المنع مفصلا على قياس طرف دون الآخر فيتدخل لإسكات طرف وهو لم يفعل ذلك مع آخرين كتبوا مرارا وتكرارا دون حسيب أو رقيب لما يكيلونه للناس.
وسوف أردد جميل ما قالته أم صابر عندما ردت على نصوص هتك الأعراض التي جاءت رخيصة هابطة في مضامينها ومراميها فقالت بارك الله فيها "يا ويلك من ربي" يا من تنسب للناس ما ليس فيهم من التشويه الأخلاقي المشين فتزرع بذور الكراهية بين المسلمين.
-9- كلمة أخيرة لكل التونسيين..أيها الأحبة إنه لمن عطايا الله الوافرة أننا شعب بعيد عن هذه الأحقاد فالتونسي منفتح يسمع للجميع ويتأنى في الغالب عندما يسمع غريب الأخبار عن أقوام لا يعرفهم، أقول لهم سادتي الأعزة سيداتي الفاضلات: لا تحكموا على الناس قبل أن تسمعوا لحججهم وردودهم، أحسنوا الظن أيها الأحبة بإخوانكم وكونوا لبنة في بناء الوحدة الإسلامية.. شجعوا الفريقين على تجاوز إرث الصراعات البعيدة عن خلق الإسلام.
تذكروا أن كل ابن آدم خطاء وانه لاتزر وازرة وزر أخرى، تذكروا أن الدعوة تكون بالحكمة والموعظة الحسنة وليس بمهاجمة الناس وباستعدائهم في معارك لا يفرح لها إلا أعداء الأمة.
تثبتوا جيدا فيمن ينقل لكم الصور عن عقيدة الآخرين، ربما وجدتم كثيرا منهم من رؤوس التكفير الذين لم يسلم منهم السنة أنفسهم وعلى أيدهم قامت نزاعات مسلحة وذاقت البلدان بتأثير فكرهم المتطرف الويلات، وليس ما حدث في الجزائر وفي مصر بل وفي تونس ببعيد عنا.
من الممكن لي أن أعتبر أن الإمام علي كنز لم تكتشفه الأمة بعد وأن الإمامة في خلفه وأن بنيه معصومون بلطف من الله ورحمة بنا..لا شر في ذلك ما دام يصدر عمن يؤمن بحرية الرأي لن يفسد للود قضية، وما دام يصدر عمن لا يفكر في إكراه الآخرين على فكره ويدعو لما يعتقد سلميا .
الخطر كامن فيمن يعتقد أنه ظل الله في الأرض، وفين يصدر فتاوى إهدار الدماء وهم المتعصبون من كل فريق والمفترض منا أن نكافح ضد التشدد أيا يكن مأتاه.
لقد وضعت عنواني الإلكتروني حبا بأن نتواصل وإنني إذ أعبر عن أسفي لقرار تونس نيوز أعبر عن استعدادي لتقبل مراسلاتكم والحوار معكم، كما أعد بأنني سأواصل ممارسة حقي في الاختلاف في منابر أخرى
يتسع صدرها لمثل هذه الحوارات...*-تم حذف وصلة خارجية من هذا الموضع بناء على سياسة تحريرية للوسط التونسية-
و أوصيكم خاصة بكتاب معالم المدرستين للعلامة مرتضى العسكري الذي يعتبر عالما توقف عند عمقه الغربيون قبل المسلمين..اقرؤوا له وستجدون ما يشفي غليل الباحث عن الحقيقة.
في النهاية لا يفوتني أن أقول لتونس نيوز شكرا..ألف شكر ولي عندكم عودات أخرى إن كنتم ممن يكرمون وفادة الضيف.. وانتم عندي كذلك.
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.