أتصور أن أي عملية من عمليات البحث والتنكيش بين أكوام العناوين وتفاصيلها فى أي صحافة كانت .. لن تمر دون العثور على بعض الأخطاء المطبعية .. أو التقنية .. التى عادة ما تسجل فى خانة الطرائف أو النوادر الصحافية.. ويشتهر بعض الصحافيين بحب البحث عن مثل هذه الأخطاء وتجميعها ومن ثم الكتابة عنها.. ومن أطرف ما قرأت فى هذا السياق أن السيد " أنطون الجميل " رئيس تحرير الأهرام وصله نعي في وقت متأخر قبيل الطبع فكتب عليه لعمال الجمع : " إن كان له مكان " ( أي يضاف الخبر إذا كان له مكاناً في الصفحة ) فظهر النعي في جريدة الأهرام على النحو التالي : " مات اليوم ( فلان الفلاني ) أسكنه الله فسيح جناته .. إن كان له مكان " ! (1) . وفى طريق البحث والتنكيش بين صفحات الصحافة الليبية الحكومية ..صادفت الكثير مما يمكن إعتباره طرائف أو نوادر صحفية .. وأول نادرة هي تحذير من " العبد لله " لكل باحث فى الصحف الليبية .. إياك أن تعتمد على التواريخ المسجلة فى ركن الأرشيف لأن بعضها متأخر عن التاريخ الصحيح بيوم .. ففى حين تجد مثلا أن يوم الإثنين على صدر الصحيفة يوافق 17/5/2004م .. فصدق أو لا تصدق أن يوم الأحد فى الأرشيف هو 15/5 .. وأنت وشطارتك فى علوم الفلك والحساب . ولعل المؤسسة العامة للصحافة فى ليبيا تستفيد مما أقدمت عليه مجلة أجنبية تدعى " بيفر " فقد لجأت الى حيلة ذكية لتبرير ما بها من كثرة أخطاء مطبعية فكتبت :" قد يلاحظ القارئ بعض الأخطاء المطبعية .. فليعلم أنها متعمدة حتى نرضي جميع الأطراف ، فهناك قراء مغرمون بإكتشاف الأخطاء المطبعية ، وتحقيقا لرغبة هؤلاء نشرنا هذه الأخطاء " (2) . وإليك بعض ما إقتنصته خلال رحلة تنكيش إستمرت لأسبوع فى صحف حكومية .. مثل : الجماهيرية .. الزحف الأخضر .. الشمس .. وغيرها ( 1 ) تقرأ على موقع صحيفة " الشمس " يوم 16/5 هذا الخبر المثبت على الواجهة [.. الجماهيرية.. والدول الإسكندنافية أكثر الدول أماناً فى العالم ..] . تستغرب من الخبر فإذا كنت تعلم كيف إستتب الأمن والأمان فى الدول الإسكندنافية .. فالفضول سيدفعك حتماً لمعرفة كيف توصل الليبيون الى ذلك .. توكلت على الله وضغطت على الرابط ..لتكون المفاجأة أن ما تحت الرابط لم يكن سوى " خريطة جغرافية للعالم " !! عليها معلومات باللغة الانجليزية .. دون أي شرح لنوعية الأمان المقصود.. أوحتى ترجمة للغة العم "جون" الممنوعة حينها برسم القانون !!. ( 2 ) وتجد فى صحيفة " الجماهيرية اليوم " وهي كما يعّرفها الموقع ( أول صحيفة ليبية الكترونية تصدرها وتشرف عليها الهيئة العامة للصحافة ) .. تجد خبراً رئيسياً يقول " القائد يستقبل الرئيس عمر حسن البشير " .. والطريف أن الصورة المرفقة للخبر للشيخ حسن الترابي .. غريم البشير !! .. وبما أن موقع الصحيفة تابع للدولة فقد وضعت الدولة على جانبه بعض المعلومات .. منها درجات الحرارة فى ليبيا حتى يتعرف عليها عباد الله .. فاختار الموقع لهذه المهمة ثلاثة مدن من المفترض أنها رئيسية وهي على التوالي : طرابلس/ أجدابيا / سبها. فقلت فى نفسي وأخيرا عملتها أجدابيا .. ودخلت التاريخ وأصبحت تيرمومتر حقيقي !!. والطرفة أن درجات الحرارة المرفقة تشير الى أن ليبيا من الدول الحارة .. فى الوقت الذى فضل مدير الموقع وضع صورة متحركة لبرق شديد يشق ظلمة الليل.. كما لو أننا أحد الدول المطيره !!. ( 3 ) وتشاهد فى موقع صحيفة " كل الفنون " فى عددها ( 61) .. بجوار مقولة " إن الشعوب لا تنسجم إلا مع فنونها وتراثها " صور لعدد من المطربين ..لا يوجد بينهم أي من مطربي ليبيا !! .. فمن ينسجم مع من يا " كل الفنون " !!.. إلا إذا كان المقصود بالإنسجام ذلك الذى له علاقة " بالمزاج " الناتج عن تأمل وجوه حسان الشام !! . ( 4 ) وعند دخولك للصحيفة التى تحضى بالرعاية الكبرى من قبل الدولة .. وهي صحيفة " الشمس " تجد فى مواجهتك عنواناً جذاباً بالبونت العريض يقول " ملف خاص عن زيارة رئيس الوزراء البريطاني للجماهيرية العظمى ".. وتحته بالخط الرفيع جملة " لمشاهدة المزيد أضغط هنا ".. طبعا العنوان يفتح شهيتك للقراءة حتى وإن أسقط لفظ " العظمى " عن بريطانيا .. فتسارع للضغط على الوصلة الرئيسية ليفاجئك مقالاً بعنوان ( إستشهاد فتى وجرح طفلة فى نابلس )..وعندما تضغط على وصلة المزيد تكتشف لأول مرة فى تاريخ الصحافة أن الملف الذى من المفترض أنه غطى أول زيارة لرئيس وزراء بريطانيا .. يحتوى على 26 صورة .. بدون أي تعليق مكتوب .. وكأنك فى حالة تصفح للألبوم الشخصي للسيد بلير.. والذى يجعلك تبتسم أكثر هو أن كل الصور فى المطار.. منذ وصول توني بلير.. وحتى مغادرته.. وكأنه كان فى رحلة ترانزيت !!. وأما فى عددها ليوم الإثنين 17/5/2004م .. فتجد بخط بارز عنوان يقول لك " من الديلي ميرور الى شارع البطالة .. المؤتمرات الشعبية للشعبيات تبدأ عقد اجتماعاتها " .. طبعا العنوان غريب وغير منسجم .. ولكن الأغرب أنك عندما تضغط الوصلة فى محاولة لفك طلاسم العنوان تجد خبراً أخراً يقول " أعمال التعذيب فى سجون العراق نتيجة قرارات عليا " !! . وأثناء التحدث مع أحد الأصدقاء عن صحيفة الشمس قال لي : ألم تلاحظ أنه مكتوب على واجهتها ما يفيد بأن " معمر القذافي " أسسها منذ كان طالباً سنة 1962م .. وسألني بمكر مختبراً إمكانياتي الرياضية : كم يا ترى سيكون لدينا جريدة لو أن كل طالب حوّل صحيفته الحائطية أيام الدراسة لجريدة رسمية ؟!. ( 5 ) أما موقع صحيفة " الجماهيرية " فيستقبلك بعنوان جانبي فريد .. هو " بريد القائد ".. وإذا ما دفعك فضولك للدخول فستجد أن أول رسالة قادمة من الولاياتالمتحدةالأمريكية .. وتحمل توقيع الشابة " سيلفياج. سيفرديجا " .. والطريف أنها تقول شعراً بالعربية فى القائد .. والأطرف أنها تعرف أن إسمه الثلاثي هو " معمر بومنيار القذافي ".. والمدهش أنها تعرف أيضا أنه " قائد ثورة الفاتح العظيم " .. وهذه معلومة جديدة بالنسبة لي على الأقل .. لان ما أعرفه عن أمة الأمريكان أنهم " بيتوتيون " جداً.. ولا يهتمون بمعرفة هكذا تفاصيل !.. وغير مغرمون بالتغزل فى غير حسناوات هوليود .. ويخاطبون قائد ثورتهم ب " جورج واشنطن " حاف !!. ( 6 ) أما إذا تحّولت الى ردهات صحيفة " الزحف الأخضر " أين تمارس بعض الشخصيات الثورية مهمتها التبشيرية .. فالمرجو أن تستعين بخبير فى حل الكلمات المتقاطعة .. وحتما ستتذكر المثل الشعبي الذى يقول " العتب على كبير العقل " .. وستترحم على مبدعه الأول . ( 7 ) وعلى موقع المؤسسة العامة للصحافة .. ستقرأ عن قرار تأسيسها مُدعماً بأرقام المواد القانونية والتواريخ .. وستجد الرقم يخبرك بأن القرار صدر فى ( 1993ف ) والثاني يذكرك بأنه عُدّل في ( 1369 و. ر ).. وبعملية حسابية بسيطة ستكتشف أن القرار عدّل قبل صدوره ب (624) عاماً .. وطبعا السر فى ( ف) .. ( و. ر) .. وهذا ما لا يمكن أن يدركه مواطن عربي إقتحم حديثاً تقنية الأنترنت .. ودخل يستسمن موقعاً رسمياً.. ولعل هذا ما جعل كاتب مقدمة موقع " الشركة العامة للورق والطباعة " يكتب التواريخ بدون حروف ..لا ( ف) و لا ( م ) .. فهل لأنه شاطر ؟!! .. أم لانه يتوقع تغييراً خطيراً ؟ أم لان " الزول " أخذ بمبدأ السلامة ؟!. ( 8 ) وعندما تدخل موقع " الهيئة العامة للصحافة " تقابلك عدة خيارات .. منها وصلة تحت إسم " المكتبة القومية المركزية ".. وستجد من ضمن الخيارات خيار " زعيم العرب " وبكل تواضع ستتوقع أن الصورة للعقيد القذافي .. ولكن المفاجأة أن تحت الوصلة ( 6 ) صور للأمير عبدالله .. مع قصيدة مدح .. ويبدو أنها مزحة سعودية ثقيلة .. وإختراق لم ينتبه لها حراس الفضاءات بعد !!. وكذلك ستجد على يمين الموقع وصلة تحت إسم " نوادي ومؤسسات رياضية " .. وستجد بها إسم " نادي الأهلي بنغازي" وهو النادي الذى أزيل من الواقع الحقيقي.. وترك فى الواقع الإفتراضي. ولعل أخر ما يمكن أن يكون طرفة فى هذا الموقع هو وجود " حركة اللجان الثورية " و" رابطة الكتاب والأدباء الليبيين " و " اللجنة الشعبية العامة للعدل والأمن العام " .. فى رابط واحد تحت إسم " وغيرها " !! ورغم تربيطهم برابط واحد .. إلا أنني عجزت عن إيجاد العلاقة بينهم !!.. وهذا ما جعلني أتذكر خبراً طريفاً قرأته ذات يوم.. أورده كاتبه طالبا العون فى إيجاد العلاقة .. والخبر من ماليزيا .. ويقول " تخفيض أسعار الكتب .. والحمير ". ( 9 ) وأخيراً يطالعك موقع " الهيئة العامة لإذاعات الجماهيرية العظمى " بإعلان يقول ( أمين اللجنة الشعبية العامة فى لقاء خاص مع قناة المعلومات الدولية ".. فتذهب الى حيث بُث اللقاء وهو من صفحتين .. صدق أو لا تصدق أنه لم يذكر إسم ذلك الشخص الذى من المفترض أنه ضيف اللقاء نهائيا.. وإذا ما عرفت أن ذلك الشخص الذى أغفل إسمه لم يكن سوى د/ شكري غانم .. وأن منصبه وفق التسلسل الذى يعرفه العالم هو " رئيس وزارء ليبيا ".. عندها ستتذكر أن الكتاب الأخضر يقول " إن الجهل سينتهي عندما يقدم كل شيء على حقيقته " . وأرفق ذلك المقال المُبهم بصورة باهتة وغير واضحة .. ولم يُكتب تحتها إسم صاحبها.. وهي شديدة الشبه بصور كارلوس .وهذا يسوقنا الى ذكر قصة مشابهة حدثت للكاتب الساخر أحمد رجب .. فقد أجرت صحيفة عربية حديثاً مطولاً معه ثم نشرته مرفقا بصورة لزعيم المافيا الشهير " جياكومو منجوزي " الذي يشبهه بدرجة كبيرة .. وأعتذر مكتب القاهرة لهذا الخطأ في العدد التالي .. ونشر صورة صحيحة للكاتب " أحمد رجب " .. ولكنهم كتبوا تحتها " جياكومو منجوز " !!.. أخيراً : كانت إستراحة من أجل زرع الإبتسامة التى " خرجت ولم تعد " الى الشارع الليبي .. فأرجو أن يتقبلها كل الذين ورد ذكرهم بروح رياضية .. فأخر ما أفكر فيه هو أن أكون مصدر نكد لمخلوق " عربي " يحوطه النكد منذ الولادة . والسلام \عيسى عبدالقيوم http://essak.maktoobblog.com/ 1 أنظر مقالة " الأخطاء الصحفية " مصطفى محمد موقع اسلام ان لاين . 2 المرجع السابق 3أنظر مقالة " الأخطاء الصحفية " مصطفى محمد موقع اسلام ان لاين .