كشفت مصادر رفيعة في وزارة الاقتصاد الليبية، أن سلطات الأمن، نفذت خلال الأسبوعين الماضيين حملة اعتقالات في صفوف عدد من كبار رجال الأعمال الليبيين، بتهم لم تكشف عنها الدولة حتى الآن. وأوضحت المصادر في حديث لوكالة "قدس برس"، أن السلطات الليبية، اعتقلت رجل الأعمال المعروف "حسني بي"، ورجل الأعمال "يوسف عبدو إسماعيل"، و"عبد الحفيظ المنصوري" الذي تؤكد مصادر أخرى أنه ربما نجح في الفرار إلى القاهرة قبل قليل من اعتقاله، فيما لم تؤكد المصادر نبأ توقيف رجل الأعمال "عادل الفاضلي". وعلى الرغم من أن السلطات الليبية، لا تزال تتكتم على هذه الحملة، التي ترجح بعض المصادر أن تطول 50 شخصية من كبار رجال الأعمال، والتحقيق معهم، إلا أن قانونيين يؤكدون أن الاعتقالات جاءت لأسباب سياسية وأخرى تتعلق بالفساد، بعد تأكد احتكار بعض رجال الأعمال لأغلب السوق، وتورطهم في قضايا فساد كبيرة، مع عدد من المسؤولين في الدولة. ورجح محام ليبي في حديث ل "قدس برس"، أن تكون الاعتقالات جاءت بعد أن أحصت الدولة أكثر من 300 شركة خاصة لعدد محدود من رجال الأعمال، مشيرا إلى أن العقيد القذافي أعطى أوامره الشخصية باعتقال بعض رجال الأعمال، بسبب استحواذهم على السوق الليبي، بعد طفرة الانفتاح التي تشهدها البلاد منذ أكثر من عامين. وفي السياق ذاته، علمت "قدس برس" أن عددا من رجال الأعمال المعتقلين يحتفظون بعلاقات متميزة مع أبناء العقيد القذافي، وتربطهم مشاريع وصفقات بملايين الدولارات، مع نجل القذافي "الساعدي"، الموجود حاليا في تونس بسبب خلاف مع والده، بعد اكتشاف عدد من المشاريع الاقتصادية "المشبوهة" حسب وصف المصدر لها. تمسك ب "الاشتراكية" وفيما بدا أنه تبرير للاعتقالات التي نفذتها الحكومة خلال الأسبوعين الماضيين، وإعلان تمسك ب "الاشتراكية الشعبية"، والتحذير من مخاطر الاندفاع نحو تطبيق سياسة السوق المفتوحة، والاقتصاد الحر في ليبيا، أعلن رئيس الوزراء الدكتور البغدادي المحمودي "أن النظام الجماهيري مؤسس على الاشتراكية الشعبية التي على الجميع احترامها، والعمل وفقا لأسسها ومبادئها.. وأنه لا عودة عن هذا الخيار، وعن ما أقرته جماهير المؤتمرات الشعبية الأساسية من تشريعات وسياسات (وفقا للنظام السياسي الليبي)"، حسب تعبيره. وأضاف البغدادي في حديث نشره على موقعه على شبكة "الإنترنت": "نريد أن نشارك بفعالية في بناء هذا البلد.. وأنه لأجل ذلك علينا معرفة أدوارنا تماما التي ينبغي علينا أن نساهم بها في عمليات البناء". وشدد على أن "التشريعات النافذة التي صاغتها المؤتمرات الشعبية الأساسية والتي يجب على الجميع الالتزام بها.. وأن أي محاولة للالتفاف عليها أو مخالفتها ستضر بالاقتصاد الوطني وستسيء لسمعة من يلجأ إليها". وعدد البغدادي، ما اعتبرها جملة من التجاوزات، التي قال إنها "باتت واضحة"، ومنها "إدارة شركات مساهمة أو تشاركيات بأسلوب فردي بحث وتحت أسماء وهمية أو غير فاعلة ومثل لجوء البعض إلى أساليب ملتوية ومرفوضة في التعامل مع الأجهزة العامة للدولة"، مؤكدا أن هذا مخالف للتشريعات "وسيؤدي بأصحابها إلى الملاحقة القانونية". وحذر البغدادي "من خطورة أن يمتلك فرد واحد 30 شركة، فيما آخرون لا يملكون شيئا.. وقال "إن هذا أمر لا يعقل" .. وأضاف "لا نريد لعدد محدود من الأفراد أن يستغل الغالبية ويخضعها لمصالحه"، مفضلا أن تتم معالجة مثل هذه الحالات "بتلقائية ومبادرات ذاتية بدل اللجوء إلى التدخل بواسطة الإجراءات القانونية". وأضاف "لقد اضطررنا إلى التدخل لمعالجة بعض هذه الحالات حين وجدنا من يمتلك عشرات الشركات تتحرك بمئات ملايين الدنانير، وتصر في كشوفاتها وحساباتها المالية على أنها خاسرة، وأنه ليس هناك ما يمكن دفعه من ضرائب لخزينة المجتمع". وفي أول رد فعل حقوقي، تجاه هذه الاعتقالات، طالبت الرابطة الليبية لحقوق الإنسان، الحكومة الليبية، تقديم الموقوفين سريعا إلى محاكمة عادلة أو إطلاق سراحهم، كما طالبت بإعداد "مدونة قانونية خاصة، وبضبط فعاليات السوق (المنتجين/ العارضين والطالبين للسلع) وتعريف المنافسة والاحتكار". وأبدت المنظمة في بيان تلقت "قدس برس" نسخة منه، أسفها من عدم وجود قوانين واضحة لتعريف الاحتكار ومضامينه، إلا أنها "تقف مبدئيا مع المنافسة الحرة وضد الاحتكار في جميع الميادين، سواء كان هذا الاحتكار يخص الميدان التجاري أو ميدان الشأن العام أو الميدان الاجتماعي". ودعا البيان، إلى "تداول منتظم للمناصب التنفيذية في الدولة مع التغيير الكامل للجهاز التنفيذي مرة كل عشر سنوات، على الأقل، بغية مقاومة الفساد الإداري والمالي، والوقوف دون خلق مراكز احتكارية في مجال التجارة والأعمال"، حسب تعبيره. وقالت المنتظمة إن احتكار الأسواق في ليبيا ليس بالجديد، حيث سيطرت، منذ سنوات، مجموعة من الأفراد ذوي ارتباطات مشبوهة (إفسادية) مع مسؤولين كبار بارزين من الجهاز التنفيذي (الحكومة) .. سيطرت الى حد الاحتكارعلى قطاع الاستيراد والتصدير". وفي رد لها على كلام رئيس الوزراء الليبي بوجود رجال أعمال يمتلكون 30 شركة، تساءلت الرابطة في بيانها "كيف وصل هذا الشخص لامتلاك 30 شركة دفعة واحدة؟ من وافق وأعطى 30 ترخيص ملكية لشخص واحد؟ من المسؤول عنإصدار التراخيص؟ هل استجوب المسؤولون والأجهزة المعنية عن سبب إصدار30 ترخيصا لنفس الشخص؟ من وراء هذه التراخيص؟ هل توجد جريمة إفساد للموظفين العموميين من طرف التاجر المحتكر؟ هل قام بأي عمل مسبب لفساد الإدارة العامة؟". على حد قولها.