يجري البرلمان التركي اليوم الجمعة أول جولة من الاقتراع على رئيس الجمهورية الجديد خلفا لرئيسها الحالي أحمد نجدت سيزر. وكان حزب العدالة والتنمية الحاكم قد اختار الأربعاء وزير الخارجية عبد الله جول مرشحا عنه ليكون الرئيس ال 11 للجمهورية التركية. و من المتوقع أن تقاطع المعارضة جلسة التصويت ، حيث قال حزب الشعب الجمهوري إنه لن يشارك في التصويت لأن حزب العدالة والتنمية الحاكم لم يستشره في اختياره. كما هدد هذا الحزب بنقل النزاع إلى ساحات المحاكم إذا كان حجم التصويت أقل من الثلثين. والتقى مسؤولو الحزب مع نواب مستقلين وزعماء حزب الوطن الأم والطريق القويم (يمين الوسط) اللذين يسيطران سويا على 24 مقعدا في البرلمان. وعلى رغم من تمتع حزب العدالة والتنمية بغالبية معقولة في البرلمان إلا انه يبحث الآن عن 14 نائباً على الأقل يصوتون لمصلحة مرشحه ليحصل على ثلثي الأصوات في البرلمان أي 367 نائباً للفوز بالانتخابات الرئاسية من الدورة الأولى المقررة اليوم. ويشغل الحزب 353 مقعداً من اصل 550 يتألف منها البرلمان، وطلب جول الدعم من حزبي "الطريق الصحيح" الذي يشغل 4 مقاعد و"الوطن الأم" الذي يشغل 20 مقعداً، إضافة الى 9 نواب مستقلين. وحصل حتى الآن على موافقة 3 مستقلين فيما رفض الستة الآخرون. و على جول إقناع 11 نائباً على الأقل من المعارضة بالتصويت لمصلحته أو عقد صفقة قاسية مع حزب "الوطن الأم"، أو الانتظار للجولة الثالثة من الانتخابات والتي يمكن للمرشح فيها أن يفوز بحصوله على نصف عدد أصوات النواب أي 276 وهو عدد يمكن لحزب العدالة و التنمية وحده أن يوفره، لكن في ذلك الوقت سينتخب جول بأصوات حزبه فقط و هو أمر يضعف صورته على الساحة السياسية في تركيا . كما ان حزب الشعب الجمهوري المعارض يصر على القول بضرورة حضور 367 نائباً على الأقل من اجل اكتمال النصاب وعقد جلسة الانتخابات. ونقلت جريدة " الحياة" اللندنية عن مصادر في الحزب قولها، انه في حال لم يحضر هذا العدد من النواب تلك الجلسة فإنه لا يمكن لرئيس البرلمان افتتاحها لعلمه سلفاً بأن أياً من المرشحين لن يحصل على العدد الكافي للفوز. وهذا يعني انه في حال قاطعت كل أحزاب المعارضة الجلسة فإنه لا يمكن إجراء الانتخابات. وفي حال تكرار هذه الحادثة أربع مرات فإنه يستوجب حل البرلمان وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة . ومتسلحاً بهذه النظريات، يهدد حزب الشعب الجمهوري باللجوء الى المحكمة الدستورية في حال أجرى رئيس البرلمان بولنت ارنش الانتخابات في حضور اقل من 367 نائباً، الأمر الذي رفضه رئيس البرلمان مسبقاً، مشيراً الى انه لا يوجد في الدستور ما يشترط ذلك. ويقول خبراء قانونيون إن مزاعم المعارضة بامكانية إلغاء نتيجة الانتخاب بحكم من المحكمة الدستورية ليس لها سند قانوني. وكان رئيس الوزراء رجب طيب اردوجان قد أعلن أنه تم اختيار جول ليكون مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم لرئاسة البلاد. وجاء القرار بعد خروج الالاف من الاتراك في مظاهرات طالبوا اردوجان فيها بعدم ترشيح نفسه للمنصب. ومنحت الصحف التركية الكبرى التي عادة ما تختلف مع حزب العدالة والتنمية تأييدها لجول الى حد كبير. ويحظى جول وهو شخصية معتدلة باحترام واسع حتى من جانب العلمانيين الذين يشعرون بالقلق ازاء ماضيه الاسلامي. وشنت المؤسسة العلمانية التركية التي تتمتع بنفوذ واسع والتي تضم قادة الجيش وقضاة حملة شديدة لمنع رئيس الوزراء رجب طيب أردوجان من الترشح للرئاسة. ويتهم هؤلاء اردوجان بأن لديه برنامج عمل اسلاميا سريا وبالسعي لتقويض الفصل بين الدين والدولة في الجمهورية التركية. وجول دبلوماسي يحظى بالاحترام أشرف على بدء محادثات انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي كوزير للخارجية لكنه قد يثير قلق الجيش أيضا لان زوجته محجبة وستصبح في حالة انتخابه رئيسا لتركيا أول سيدة أولى محجبة تدخل قصر الرئاسة التركي وهذة قضية مصدر توتر مع العلمانيين في تركيا . وفي تركيا تسيطر الحكومة على معظم السلطات الا ان الرئيس يحق له نقض القوانين فضلا عن الاعتراض على تعيين صغار وكبار المسؤولين كما يعين القضاة ويتولى منصب القائد الاعلى للجيش. ومنصب رئيس الجمهورية مراسمي في الأساس وهو أقل أهمية من رئاسة الوزراء غير أن اول من تولى رئاسة الجمهورية هو مؤسس الدولة مصطفى كمال أتاتورك بما يجعله ذو أهمية رمزية كبيرة بالنسبة للأتراك. يذكر أن الجمهورية أعلنت في تركيا عام 1923 وقامت على أساس صارم من فصل الدين عن الدولة.