بدأت في العاصمة القطرية الدوحة اليوم الأحد أعمال "الملتقى الثاني للديمقراطية والإصلاح السياسي في الوطن العربي" بمشاركة 500 شخصية من سياسيين ومفكرين وممثلين عن منظمات المجتمع المدني والأحزاب في الوطن العربي. وشهدت أولى جلسات الملتقى احتفاء خاصا بمشاركة الرئيس الموريتاني الأسبق علي ولد محمد فال ونظيره السوداني عبد الرحمن سوار الذهب لكونهما الرئيسين العربيين الوحيدين اللذين تنازلا عن السلطة بمحض إرادتهما. ويهدف الملتقى الذي تنظمه اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر بالتعاون مع وزارة الخارجية إلى التباحث والتشاور بين مؤسسات المجتمع المدني في الوطن العربي بما يخدم ويقدم الدعم المادي والمعنوي للوصول إلى تعزيز الديمقراطية في الوطن العربي. وعلى مدى 3 أيام يناقش الملتقى موضوعات هامة تتعلق بوضع حقوق الإنسان في الدول العربية بالإضافة إلى عدد من ورش العمل المصاحبة لهذه الفعاليات. وتتضمن محاور هذا الملتقى عناوين شتى تتعلق بتقييم الأوضاع العربية الراهنة في مجال حقوق الإنسان حيث يناقش المشاركون في هذا الإطار قضايا ومسائل تتصل بمنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والدساتير وحكم القانون واستقلال القضاء والعدالة. كما يتناول المشاركون قضايا المرأة والشباب والمشاركة السياسية ودور وسائل الإعلام وتكنولوجيا المعلومات في تعزيز الديمقراطية، بالإضافة إلى مواضيع أخرى حول دور الحكومات والبرلمانات والشفافية وإشكالية الموارد ودور القطاع الخاص في تعزيز الديمقراطية والعلاقة بين الدولة والإسلام والأقليات والديمقراطية ودور القوى الخارجية في التحول الديمقراطى. ويشارك في الملتقى الذي يستمر حتى ال29 من الشهر الجاري 500 شخصية من مختلف منظمات المجتمع المدني والأحزاب والنقابات والجمعيات والخبراء والمهتمين بمجال الديمقراطية والإصلاح السياسي وحقوق الإنسان في الوطن العربي وبعض منظمات المجتمع المدني من أمريكا وأوروبا أيضا. ومن الشخصيات البارزة المشاركة بالملتقى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وعزيز صدقي رئيس وزراء مصر الأسبق. وفي كلمة وجهها للملتقى استعرض الرئيس السوداني الأسبق سوار الذهب الأوضاع الراهنة على الساحة الإسلامية وما تتعرض له الأمة من تحديات وحملات تشكيك والتي من بينها تحديات الديمقراطية وحقوق الإنسان. وقال: إن "حقوق الإنسان لا تتأتى إلا في ظل يشارك فيه المواطن في اتخاذ القرار وممارسة الرقابة"، مؤكدا أن "الدين الإسلامي جاء بالكثير من التشريعات التي تضمن حقوق الإنسان وحتى الحيوان". وأوضح أن الديمقراطية تقوم على الاحترام الكامل لحقوق الإنسان وضمان حرية الرأي والتعبير مع وجود نظام قضائي مستقل يضمن حق التداول السلمي للسلطة، لافتا إلى أهمية تحقيق العدالة؛ لأنها الضمانة الوحيدة لممارسة السلطة بشكل سليم. واعتبر الرئيس السوداني الأسبق أن الملتقى يمثل منعطفا تاريخيا هاما في مسيرة الشعوب العربية يخرجها من دائرة التخلف ويضيق الشقة بينها وبين شعوب العالم الأخرى. من جانبه أكد ولد محمد فال أهمية تحقيق الإصلاح وإشاعة روح الممارسة الديمقراطية والتسامح في الوطن العربى، واصفا تجربة بلاده التي تخلى فيها عن السلطة في إبريل الماضي بأنها مثلت عملا جماعيا قام به الشعب الموريتاني بكافة أطيافه ولم يكن عملا فرديا أو إنجازا شخصيا. واستعرض ولد فال في كلمته التجربة الديمقراطية التي مرت بها بلاده حتى وصلت إلى أهدافها، مشيرا إلى أنه "لم يحدث تغيير للسلطة في موريتانيا إلا عبر القوة في الوقت الذي ظلت البلاد تعاني من الأزمات والانقلابات؛ ومن هنا كان لا بد من التغيير في نظام الحكم من أجل تصحيح هذا الخلل لإعادة بنية النظام بشكل مجدٍ". وقال: إن المجلس العسكري الذي استولى على السلطة برئاسته في أغسطس 2005 سعى إلى إقامة دولة مؤسسات قوية قابلة للاستمرار لا تزول بزوال النظام ويتمتع فيها المواطن بحقوقه كاملة. وتطرق إلى الإنجازات التي تحققت خلال فترة حكم المجلس العسكري، مثل الاعتماد على الإجماع الوطني والمشاركة السياسية وإصلاح الإدارة ومحاربة الرشوة والفساد وهو ما أدى إلى إصلاح ديمقراطي وتحسين الاقتصاد ورفع المستوى المعيشي للمواطنين وتعزيز التسامح والتشاور وإشاعة الحوار كطريق لحل الخلافات. وكان وفاء ولد محمد فال بتعهده بتسليم السلطة لمن ينتخبه الشعب، وتنازله عن كرسي الرئاسة في إبريل الماضي، محل تقدير كبير، ليس فقط من شعبه، ولكن من قِبل عدد من الشخصيات والمنظمات الدولية بوصفه ثاني رئيس عربي ينقلب على السلطة، ثم يتعهد بتسليمها لينسحب من المشهد السياسي في هدوء، بعد سوار الذهب في الثمانينيات من القرن الماضي.