مرّت سنة تقريبا على بيان أصدرناه كمجموعة من التونسيين بالمهجر تحت عنوان "من أجل إنهاء ماساة طالت"، جوهره الدعوة إلى استخلاص الدروس من تجربة عشناها في إطار "حركة النهضة" و تعبيرا عن تبايننا مع منهجية تعاطي قيادة هذه الحركة مع قضايا جوهرية تهم جميع التونسيين أهمها موقع الإسلام في الصراع السياسي و الحزبي، و قضية المساجين و عودة المغتربين. و إننا إذ نعود اليوم لهذه المواضيع لاعتقادنا بأن ما أثارته من جدل يجب أن يرتقي إلى مستوى الحوار الجاد و البنّاء، و لا يبقى في مستوى ردود الأفعال التي تراوح في أغلبها بين التشهير و المغالطة. نعود اليوم لنذكّر بما طرحناه من قضايا و لنسجل ما تحقق من نقاط ايجابية و لو جزئيا: 1- بالنسبة للمساجين تم إطلاق العديد من قيادات حركة النهضة بموجب عفو رئاسي على دفعات متتالية، نعتبر ذلك رغبة في إنهاء هذه المأساة و طيا لصفحة الماضي. في مقابل هذا التوجه شنّت قيادة النهضة حملة تشكيك في مسار التسوية و محاولات تشويهه، تارة بالسباب و أخرى باتهام السّلطات التونسية بالمناورة و المغالطة.. و يكفي مراجعة المقالات التي صاحبت فترة إطلاق سراح هؤلاء الأخوة، للتأكد من أنها كانت في مجملها سلبية. مثلما يردّد رئيس الحركة في العديد من المناسبات أن خروجهم لا يعدو أن يكون انتقالا من سجن صغير إلى السجن الأكبر. و بمناسبة هذا البيان، نرجو من سيادة رئيس الدولة أن يوسّع دائرة العفو لتشمل من تبقى من المساجين و تمكين المسرحين من استرداد حقوقهم. 2- فيما يتعلّق بقضية العودة إلى أرض الوطن، فانه برغم الحملات الغوغائية، التي حاولت إفشال هذه المبادرة التي طرحت في إطار لجنة مكلفة من رئيس الجمهورية، و ذلك بالتشكيك في مصداقيتها و اتهام كل من انخرط فيها بالخيانة أو السذاجة، فإننا نسجل أن خيار العودة يتقدّم يوما بعد يوم، خاصة و أن السلطات التونسية تعاملت بكل ايجابية في معالجة هذا الملف، و فتحت الباب أمام العديد من الأخوة لاسترداد جوازاتهم و الرجوع إلى أهلهم و وطنهم. أمام هذا التطور الإيجابي لا يسعنا إلا أن نؤكد أن الإسراع بتسوية وضعية اللذين تقدموا بمطالب للحصول على جوازاتهم و فتح الباب أمام الراغبين في العودة إلى وطنهم العزيز تونس سيساعد من لا يزال في نفسه شكّ أو تردد على أخذ قراره بيده و أن لا يترك للأحد وصاية على مصيره و مصير أبنائه، فتونس لكل أبنائها. 3- نؤكد من جديد أن سياسة المغالبة التي تنتهجها قيادة حركة النهضة في علاقتها مع السلطة تساهم في تمديد مأساة من تبقى من المساجين، كما أن إصرار هذه القيادة على نهج التشهير و التشكيك في أي مبادرة يعتبر هروبا من المحاسبة و تنصلا من المسؤولية و تأبيدا للاحتقان السياسي. ذلك أن تلخيص تاريخ الحركة الإسلامية السياسية بتونس في "ضحية و جلاد" دون التطرق بعمق إلى جوهر الأزمة و تفكيك رموزها، لن يسمح للأجيال القادمة ولا الحاضرة بالفهم الدقيق لتدافع الأحداث على الساحة في تونس. فالسياسة لا تقوم على حسن النوايا و العواطف الجيّاشة، و لا أيضا على الحقد الأعمى و حجب الحقائق. إن مراهنة هذه القيادة على بعض التحالفات الوهمية مع بعض الأطراف، مهما قدمت من تنازلات، فإنها لن تكسب منها سوى مزيد من العزلة عن واقع تونس و الإنبتات عن هويتها، فمتى يدرك هؤلاء حجم المأساة التي ساهموا في تأبيدها؟ 4- نعتقد أن الوقت قد حان لرسم قواعد مبدئية حول موقع ديننا الحنيف في حياتنا الجماعية و الحيلولة دون توظيفه في الصّراعات الحزبية. إن الإسلام يعتبر بمقتضى الانتماء التاريخي لبلادنا و المرجعية الدستورية لدولتنا دين الجميع و القاعدة المشتركة بين كل التونسيين و بالتالي لا يحق لأي جهة سياسية أن تحتكره أو تسعى لاحتكاره لغاية توظيفه لفرض وصاية فكرية أو عقائدية، تشرّع بها لإدانة غيرها. كما لا يحقّ لأي جهة أو تيّار القيام على أساس معاداة الإسلام بدعوة حرية المعتقد، المحفوظة لكل تونسي بحسب الدستور. و نرى أن هذا الوفاق الاجتماعي حول إدارة الشأن الديني، لا يتم إلا عبر إعادة الاعتبار للمؤسسة الدينية الرسمية و تفعيل كل هيأتها و وظائفها كي تقوم بدورها في التوجيه التربوي و الأخلاقي الذي يضمن تحصين شبابنا ضدّ ظاهرة الغلو و التطرف الذي اكتوت بناره مناطق عديدة من امتنا العربية و الإسلامية، كما تحفظ مجتمعنا من ظواهر التسيب الأخلاقي و الإنبتات الحضاري. والله وليّ التوفيق. الأربعاء 30 ماي 2007جمعة الإمضاءات الأولية : فرنسا عبعاب الأزهر 1 فرنسا العماري محمد 2 دنمارك التونسي رضا 3 فرنسا الأسود د.عبد السلام 4 فرنسا بصيد محمد الهادي 5 فرنسا الخليفي ياسين 6 دنمارك بن علي مصطفى 7 فرنسا العرضاوي د.محمد بن الطاهر 8 فرنسا بسرور كمال 9 فرنسا الخليفي علي 10 فرنسا القنطاسي محمد الطاهر 11 فرنسا العزابي عمر 12 فرنسا ضو محرز 13 فرنسا الرياحي خالد 14 سويسرا العونلي صالح 15 سويسرا بن حسين بو لبابة 16 فرنسا زيد منصف 17 فرنسا درين لزهر 18 فرنسا العويني نورالدين بن الشادلي 19 سويسرا بالنور محمد علي 20 فرنسا ڤزارة محمد 21 فرنسا البعطي ماجد بن علي 22 فرنسا الماجري احمد بن عمّار 23 فرنسا الزغلامي محمد بن سلطان 24 فرنسا الفطناسي مختار بن احمد 25 سويسرا محمود عز الدين 26 فرنسا بن رمضان مهدي بن محمد 27 فرنسا القليعي فؤاد 28 ندعو الأخوة و الأخوات الراغبين في دعم هذا النداء، إرسال التّوقيعات على العنوان التالي: [email protected]