بعد أزمة الكلاسيكو.. هل سيتم جلب "عين الصقر" إلى الدوري الاسباني؟    آخر ملوك مصر يعود لقصره في الإسكندرية!    قرار جديد من القضاء بشأن بيكيه حول صفقة سعودية لاستضافة السوبر الإسباني    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    قيس سعيد يستقبل رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم    قيس سعيد: الإخلاص للوطن ليس شعارا يُرفع والثورة ليست مجرّد ذكرى    ل 4 أشهر إضافية:تمديد الإيقاف التحفظي في حقّ وديع الجريء    جهّزوا مفاجآت للاحتلال: الفلسطينيون باقون في رفح    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    ماذا في لقاء رئيس الجمهورية بوزيرة الاقتصاد والتخطيط؟    أخبار النادي الصفاقسي .. الكوكي متفائل و10 لاعبين يتهدّدهم الابعاد    القبض على شخص يعمد الى نزع أدباشه والتجاهر بالفحش أمام أحد المبيتات الجامعية..    في معرض الكتاب .. «محمود الماطري رائد تونس الحديثة».. كتاب يكشف حقائق مغيبة من تاريخ الحركة الوطنية    تعزيز الشراكة مع النرويج    بداية من الغد: الخطوط التونسية تغير برنامج 16 رحلة من وإلى فرنسا    وفد من مجلس نواب الشعب يزور معرض تونس الدولي للكتاب    المرسى: القبض على مروج مخدرات بمحيط إحدى المدارس الإعدادية    منوبة: الاحتفاظ بأحد الأطراف الرئيسية الضالعة في أحداث الشغب بالمنيهلة والتضامن    دوري أبطال إفريقيا: الترجي في مواجهة لصنداونز الجنوب إفريقي ...التفاصيل    هذه كلفة إنجاز الربط الكهربائي مع إيطاليا    الليلة: طقس بارد مع تواصل الرياح القوية    انتخابات الجامعة: قبول قائمتي بن تقيّة والتلمساني ورفض قائمة جليّل    QNB تونس يحسّن مؤشرات آداءه خلال سنة 2023    اكتشاف آثار لأنفلونزا الطيور في حليب كامل الدسم بأمريكا    تسليم عقود تمويل المشاريع لفائدة 17 من الباعثين الشبان بالقيروان والمهدية    رئيس الحكومة يدعو الى متابعة نتائج مشاركة تونس في اجتماعات الربيع لسنة 2024    هذه الولاية الأمريكيّة تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة!    الاغتصاب وتحويل وجهة فتاة من بين القضايا.. إيقاف شخص صادرة ضده أحكام بالسجن تفوق 21 سنة    فيديو صعود مواطنين للمترو عبر بلّور الباب المكسور: شركة نقل تونس توضّح    تراوحت بين 31 و26 ميلمتر : كميات هامة من الامطار خلال 24 ساعة الماضية    مركز النهوض بالصادرات ينظم بعثة أعمال إلى روسيا يومي 13 و14 جوان 2024    عاجل/ جيش الاحتلال يتأهّب لمهاجمة رفح قريبا    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    سيدي حسين: الاطاحة بمنحرف افتك دراجة نارية تحت التهديد    بنزرت: تفكيك شبكة مختصة في تنظيم عمليات الإبحار خلسة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    ممثل تركي ينتقم : يشتري مدرسته و يهدمها لأنه تعرض للضرب داخل فصولها    باجة: وفاة كهل في حادث مرور    نابل: الكشف عن المتورطين في سرقة مؤسسة سياحية    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    عاجل/ هجوم جديد للحوثيين في البحر الأحمر..    أنس جابر تواجه السلوفاكية أنا كارولينا...متى و أين ؟    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل إلى النهائي رغم خسارته امام لاتسيو    المنستير: افتتاح الدورة السادسة لمهرجان تونس التراث بالمبيت الجامعي الإمام المازري    نحو المزيد تفعيل المنظومة الذكية للتصرف الآلي في ميناء رادس    فاطمة المسدي: 'إزالة مخيّمات المهاجرين الأفارقة ليست حلًّا للمشكل الحقيقي'    تحذير صارم من واشنطن إلى 'تيك توك': طلاق مع بكين أو الحظر!    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب ويطالبون بتكثيف الحملات الدعائية لاستقطاب الزوار    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    أولا وأخيرا .. الله الله الله الله    فيروسات ، جوع وتصحّر .. كيف سنواجه بيئتنا «المريضة»؟    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة مفتوحة الي صديقي الاستاذ محمد عبو
نشر في الوسط التونسية يوم 10 - 08 - 2008

لا أريد فحسب أن أعبر لك عن أسفي لما حدث لك من جراء الثلاثة أسطر من مقال نشرته على شبكة الانترنات بل علاوة عن تأكيد سروري لخروجك من السجن قبل انقضاء مدة العقوبة المسلطة عليك قضائيا أريد بعد هدوء العاصفة أن أكشف إليك وإلى العموم المتابع للأحداث في تونس أمرا كان يمكن أن يخفف عليك معاناة طول مدة مكوثك وراء القضبان بل كان حتما يختصرها بأسلوب لا ينقص من شأن مناوئتك للنظام ولرئيس الجمهورية التونسية لأن السياسة ليست علما صحيحا وفن الممكن يسمح بالتعاطي مع المستجدات والأحداث حسب المصالح والمؤثرات دون الزيغ عن الثوابت والمبادئ والأخلاق.
صديقي محمد ،
احترمك واحترم زوجتك المصون واحترم زميلا واحدا من زملائك من الذين واكبوا عن كثب وبصدق وسذاجة النكسة التي أصابتك من تلك الثلاثة سطور الاستفزازية والمجانية حيث لا يسمح المجال هنا للدخول في أروقة المتاهات والتفاصيل التي رافقت هالة إيقافك للتعبير عن صدق النوايا والعزم من عدمه ولكنني سوف أعرج على جزء منها يهمني شخصيا واستنهض بداخلي شعورا بالاستياء وخيبة أمل واشمئزازا منك ومن محيطك لأنني اكتشفت أو وجودك بالسجن قبل وبعد المحاكمة تحول إلى مادة ابتزازية مادية وموضوع إستشهاري إعلامي يراوح مكانه قصد توريط أصحاب السذاجة مثلي لإضفاء شرعية على الانتهازية والوصولية والتذيل للأجنبي لاختصار الطريق نحو النجومية الحقوقية من أجل تحويل الاهتمامات الجوهرية نحو قضايا شخصية مفتعلة مجانبة للحقيقة والواقع على حساب المأساة الحقيقية التي ما انفك يعاني منها عديد المقصون من الحياة في الداخل والخارج منذ ما يزيد عن العقدين.
ركب محمد عبو الأحداث بثلاثة سطور على الانترنات وتحولت فجأة حرمه المصون سامية عبو من ربة بيت إلى مناضلة حقوقية معروفة تتسابق وسائل الإعلام الأجنبية على الظفر بتصريح تلفزي منها للتشهير "بنضالها" ذو الخمس نجوم رغم الإمكانيات المحدودة للعائلة في غياب زوجها.
لقد نجحت مسرحية الأستاذ محمد عبو وحرمه المصون واستقطبت قضيته اهتمام الداخل والخارج في أعلى مستوى بإخراج إعلامي وحقوقي جعل الشجرة تحجب الغابة حتى يتعذر الغوص في بواطن الأمور لاكتشاف حقيقة ودوافع أسلوب التحدي والدفع إلى الأمام لإحراج السلطة في البلاد الذي انتهجته.
إن عملية الإصلاح والتصحيح في مختلف المجالات لا تتخذ من حرية الإعلام والصحافة واستقلال القضاء علكة تلوكها عندما يلامس الضغط البوليسي والقضائي والجبائي المصالح الشخصية باعتبار أن كل من يجد توازن حساباته وراحته في إنخرام الأوضاع يلبس قناع النفاق والبهتان ويتحول إلى موعظ أو واعظ وداعية ومصلح يحمل عبء هموم الآخرين بنية مبيتة.
صديقي محمد ،
لقد كتمت غبطتي عند خروجك من السجن لأسباب أترفع عن ذكرها وهاتفتك مهنئا مسرورا برفع "المظلمة" عليك ولكنني مازلت أحمل في قرارة نفسي تحفظا واحترازا وخيبة أمل على صيغة مغادرتك سجن الكاف التي كانت في ظروف مهينة تتناقض مع الهالة والشوشرة الإعلامية والحقوقية التي صاحبت غيابك عن مكتبك.
صديقي محمد ،
فرحت لخروجك من السجن وفرحت أكثر لعودتك إلى أهلك وذويك وإلى مكتبك وحرفائك ولكنك خيبت ظني فيك حيث استأت كثيرا للصيغة المبتذلة التي خرجت بها من السجن وبقيت إلى حد الآن حيز السرية والكتمان تكتنفها المغالطة والبهتان والجحود ونكران الجميل.
لا يمكن لك أن تدعي أنك لا تعلم بما أقصده بالذات في هذا الشأن لأنك على علم بأدق الجزئيات في ما أعنيه لذلك ارتأيت أن أنشر البعض من المخفي والمسكوت عنه تجاهك حتى يعلم الخاص والعام من أنت في الحقيقة والواقع :
في أواخر شهر فيفري 2006 كنت على اتصال بقنوات رسمية صادقة في مسعاها قصد مراجعة أسلوب توجهاتي واندفاعي السياسي والحقوقي الذي كان في ضفة لا تخدم مصلحة أي طرف حيث من جملة النقاط التي تداولتها دون تكليف من أي أحد كانت تتمحور حول إزالة مظاهر الهستيريا الحقوقية والسياسية المعارضة من جراء العقوبة السالبة لحرية الأستاذ محمد عبو بقطع النظر عن أسبابها الحقيقية ودوافعها الواقعية حيث وصنا إلى صيغة تحفظ ماء الوجه لجميع الأطراف المتداخلة وذلك في كنف السرية والكتمان.
فإن نجحت مبادرتي الشخصية يكون صاحب الفضل فيها سيادة الرئيس زين العابدين بن علي وإن فشلت وقوبلت بالرفض فهي لا تلزم أحدا لصبغتها الغير رسمية.
توجهت إذن في نفس الفترة أي في أواخر شهر فيفري أو بداية شهر مارس 2006 (لا أذكر التاريخ بالضبط) إلى حرمك المصون السيدة سامية عبو وطلبت مقابلتها عبر المهاتفة فأخبرتني أنها في منزل أم زياد "نزيهة رجيبة" وسوف تكون بعد ساعة في مكتب الأستاذ عبد الرؤوف العيادي حسب موعد مسبق معه فأعلمتها أنني سوف أسبقها إلى المكان المذكور لأعرض عليها أمرا هاما.
وعند التقائي بها بحضور الأستاذ عبد الرؤوف العيادي عرضت عليها مقايضة خروجك من السجن في نفس اليوم الذي أتسلم منها أو ممن ينوبك تحرير مطلب عفو باسم سيادة الرئيس زين العابدين بن علي.
فما كان من حرمك المصون السيدة سامية عبو أن رفضت قطعيا العرض البسيط الذي قدمته إليها شفاهيا دون أن تطلب الإمهال لإعلامك بذلك وانتظار ردك في الموضوع أثناء الزيارة السجنية المقبلة بل ذهبت إلى التدليل والتأكيد أنها تفضل قطع يديها وقطع يدي زوجها وقطع يدي كل من يسعى إلى كتابة رسالة مطلب عفو باسم محمد عبو إلى سيادة الرئيس زين العابدين بن علي حيث ساندها في موقفها الأستاذ عبد الرؤوف العيادي فما كان مني إلا أن نهضت من مكاني وقبلتها من جبينها بحسرة في القلب على وضعية صديقي محمد عبو ومعاناته من وراء القضبان في سجن الكاف وأعلمتها حينيا أنني نزعت عني بجوابها مسألة تؤرقني لتصبح الكرة في ملعبها وعبرت لها عن احترامي لرأيها وموقفها ثم انصرفت في حالي حاملا الرفض والتعنت بمبررات واهية ولم أكن أعلم حينها ما كان يدور بذهنها من حسابات ومغالطات وتناقضات بل وضعت ذلك في خانة عدم تجربتها ومرورها سابقا بمثل هذه المحن العائلية.
وخلاصة القول أن حرمك المصون السيدة سامية عبو لا تعرف معاناة السجن حين تشتغل ماكينة الموت البطيء.
ولكنني في المقابل أعرف ذلك شخصيا بل عشت ذلك جيدا لتحتفظ ذاكرتي بشتى المآسي من تجاوزات طالتني وانتهاكات طالت عائلتي.
فقد مررت بقساوة ظروف السجن مدة سنة بين مخافر وزارة الداخلية والسجن المدني بتونس وما رافقها من اهانة وتعذيب وحشي وألم ومرض ومحاولة انتحار كما مررت بمرحلة المراقبة الإدارية مدة ثمانية سنوات بدون حكم قضائي وعديد الإيقافات الأمنية العشوائية والتعذيب الجسدي الذي مازلت أحمل آثاره في جسمي وممارسات التقزيم والاهانة والعنف البوليسي في الطريق العام والاستيلاء الأمني على سيارتي الخاصة والمحاصرة البوليسية في تنقلاتي والمنع من جواز السفر والهرسلة الجبائية وقطع الهاتف والانتهاكات القضائية باسم القانون والقانون المضاد في قطع موارد العيش للعائلة والطرد من وظيفتي والنفي الإداري الغير معلن في الجنوب حتى طالت التجاوزات زوجتي وأبنائي وغيرها من الخروقات التي لا أتمناها لأعتى الأعداء.
ولكنني في المقابل لم أحصل على جراية ألف دينارا شهريا من عمادة الأطباء أثناء فترة سجني ولم تصلني إلى السجن قفة أكل أو لباس أو سجائر من تبرعات أحد زملائي الأطباء أو غيرهم ولم تجنح زوجتي إلى الهرولة والتسول لاستثمار مدة سجني عبر حضور مراسم الأيام التضامنية لاستجداء قوت أبنائي أثناء غيابي القسري وجمع الأموال التي ما كنت أن أتحصل عليها من عملي لو بقيت حرا طليقا.
وللإفادة والتاريخ أنه لم يتطوع أي محامي تونسي أو أجنبي من المجتمع المدني المزعوم للدفاع عني مجانيا حين كنت موقوفا مع المجموعة الأمنية في فجر التحول بل حين غادرت السجن بعفو رئاسي في الذكرى الأولى للتغيير وجدت الديون المتراكمة والهاتف والتيار الكهربائي مقطوعين ببيتي لعدم خلاص الفواتير أمام زوجة عاطلة عن العمل مكبلة بثلاثة أبناء يعيشون في عزلة تامة تحت ضوء الشمس نهارا وعلى ضوء الشمع ليلا بعد أن بدأت زوجتي تبيع أثاث المنزل ومكوثها فيه على وجه الفضل دون دفع معينات الكراء مدة غيابي القسري.
رفضت اللجوء السياسي سنة 2002 في سويسرا بعرض من رئيسة المفوضية العالمية لحقوق الإنسان بجنيف السيدة ماري روبنسون بعد أن رفع إليها أربع من أعضادها السامين تقارير مفصلة عن وضعيتي في تونس.
كما رفضت الإقامة في سويسرا وتحديدا في لوزان كمواطن شرفي مع جميع الضمانات والامتيازات العائلية بعرض من أعلى هرم السلطة السويسرية أثناء قمة المعلومات بتونس في نوفمبر 2005.
ورفضت أيضا عروضا مادية مغرية من عديد الناشرين الأجانب لأوافق على ترتيب مقالاتي المنشورة على شبكة الأنترنات مع بعض الإضافات لنشر كتاب –حدث تستخرج منه آلاف النسخ تشتريها قسرا القنصليات والسفارات التونسية بالخارج تجنبا لنشر الفضائح الموثقة خارج الحدود.
ولم ينجح عديد الديبلوماسيين المقيمين بتونس في إقناعي بقبول حمايتهم ورعايتهم بقدر ما كنت أحيط بعضهم علما بمأساتي الشخصية حتى يتدخلوا لدى أعلى هرم السلطة في تونس لرفع المظلمة عني.
صديقي محمد ،
أردت من خلال سرد بعض محطاتي الذاتية أن أهمس إليك علنا بكل وضوح وموضوعية أن الدلال والرفاهة المادية التي توفرت لحرمك المصون سامية عبو أثناء فترة سجنك المطولة عمدا ما كنت تقدر بنفسك أن توفرها لعائلتك من مداخيل مكتبك للمحاماة الضعيف الحرفاء قبل أن تدخل معترك التحدي ضد السلطة ورئيس الدولة وهو في تقديري السبب الرئيسي والوحيد الذي لم أضعه في الحسبان قبل أن أعرض على حرمك المصون تحرير مطلب عفو حتى يخرج زوجها وأب أبنائها من السجن قبل انقضاء مدة العقوبة.
لم أعلم وقتها (لا أذكر تحديدا أواخر فيفري أو بداية شهر مارس 2006) أن حرمك المصون كانت تجهز ترتيبات السفر إلى جنيف لحضور يوم تضامني بل يوم تسول واستجداء لفائدة السجين محمد عبو حيث التقيتها صدفة بعد أيام في مقر سفارة سويسرا بتونس طالبة الحصول على تأشيرة في الغرض بما أنني كنت في الأثناء أجهز ترتيبات السفر إلى الخارج في موضوع مبادرتي الشخصية حول تهيئة عودة المغتربين من اللاجئين السياسيين التونسيين.
ولحد الآن الموقف واضح والأمور عادية وطبيعية.
ولكن ما استأت منه شخصيا وما لا يعرفه أحد من خفايا ظروف مغادرتك ما وراء القضبان بالكاف أن خروجك من السجن قبل انقضاء مدة العقوبة لم يكن بطوليا مثلما زعمت ذلك بتصريحاتك الصحفية وحاولت أن توهمني به حرمك المصون سامية عبو من خلال رفضها لمبادرتي الشخصية المتمحورة حول تحرير مطلب عفو في شهر فيفري-مارس 2006.
صديقي محمد ،
لقد غادرت سجن الكاف ليلا مع ثلاثة من المنحرفين من مساجين الحق العام كانوا استنفذوا عقوبتهم وبقيت حتى مطلع الفجر بحمولة أدباشك في محطة الحافلات تنتظر سيارة أجرة تحملك إلى تونس وذلك بعد أن قام أحد محاميك الأستاذ يوسف الرزقي بتحرير مطلب عفو في شأنك باسم سيادة الرئيس زين العابدين بن علي بالتزامن مع زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى تونس في أفريل 2008 بعد التنسيق مع بعض الجمعيات الحقوقية الفرنسية لتظهر للرأي العام في الداخل والخارج أنك غادرت السجن قبل انقضاء مدة العقوبة بإذن وضغط من الرئيس نيكولا ساركوزي وليس بعفو ممنوح لك من فضل سيادة الرئيس زين العابدين بن علي.
إنه منتهى الابتذال والتذيل.
بل إنه منتهى الجحود ونكران الجميل لصاحب الفضل الحقيقي عليك بايجاز فترة إقامتك بالسجن قبل استنفاذ كامل مدة العقوبة.
لم يتطوع أي محامي من زملائك بالكاف لينقلك بسيارته مع أدباشك من الكاف إلى تونس بعد أن رفض عديد سواق سيارات الأجرة أن يسمحوا لك بامتطاء سياراتهم تفاديا للإشكالات الأمنية التي كنت قد تحدثها لهم أثناء نقلك إلى تونس.
لقد غادرت محطة الحافلات بالكاف بعد الظهر وبعد أن أعلم الأستاذ طارق العبيدي بعض زملائك بالهاتف حتى ينتظرك بعض الأنفار في محطة سيارات الأجرة بباب سعدون لإضفاء بعض المساحيق المزيفة على خروج مهين.
عليك أن تكون صادقا مع نفسك ومع غيرك يا محمد لتكشف ظروف وخلفيات مغادرتك السجن قبل انقضاء مدة العقوبة السالبة للحرية.
أنت تعلم بكل تأكيد أن أعلى هرم السلطة في تونس لم يتراجع عن المطلب الذي كنت عرضته شخصيا على حرمك المصون في فيفري-مارس 2006 في مكتب الأستاذ عبد الرؤوف العيادي لتحرير مطلب عفو نيابة عنك حيث لم أكن أعلم أن وساطتي في موضوعك كانت غير مرغوب فيها لأنها كانت تفسد أشكالا من الابتزاز والانتهازية بالتسول والاستجداء من خارج الحدود لاستثمار مدة تواجدك بالسجن ماديا وإعلاميا وسياسيا تحت راية حرية الصحافة والدفاع عن حقوق الإنسان.
إنه البؤس الفكري والحقوقي لنوعية هزيلة من شريحة نخبوية مبتذلة ومتذيلة تصبو لتكون بديلا في إطار سنة التداول على المسؤولية والسلطة بالوصاية من تحت الوصاية ولكن الشعب التونسي ليس مغفلا أمام الخزعبلات والترهدين والتمسكين الذي تحترفه حثالة نخبوية وهو على حق وعلى صواب حين ناشد ويناشد سيادة الرئيس زين العابدين الترشح لقيادة مسيرة التحول في رئاسات 2009 وأضم صوتي باقتناع واعتزاز لهذا الاختيار الصائب في غياب وجود الأجدر والمقتدر والوطني الصادق والصارم والحازم الذي يمكن أن يقود البلاد مكان سيادة الرئيس زين العابدين بن علي الذي انتظر منه العديد من الاجراءات والقرارات السامية الحاسمة والجريئة للانطلاق بتونس في كوكبة العولمة المدروسة.
صديقي محمد ،
لقد رفضت حرمك المصون سامية عبو تحرير مطلب عفو نيابة عنك باسم سيادة الرئيس زين العابدين بن علي من خلال مبادرتي الشخصية لتمكينك من مغادرة السجن قبل ما يزيد عن السنة ونصف من مجيء الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى تونس ولكن في النهاية سلمت بالأمر الواقع بعد التنسيق مع جمعيات حقوقية أجنبية ووصول الضوء الأخضر من وراء البحار ليقوم الأستاذ يوسف الرزقي بتحرير مطلب عفو باسم سيادة الرئيس زين العابدين بن علي نيابة عن السجين محمد عبو.
وخلاصة القول أن وساطة ابن بلدك لا تشرفك ولا تشرف حرمك المصون.
ولكن وساطة بوبرطلة... تزيد في شأنك وفي شأن حرمك المصون.
مسكين أنا.
كنت غبيا.
إذ غابت عني حقيقة أسباب التصدع في المواقف وأسلوب الدفع إلى الأمام مع السلطة منذ ايقافك الذي رافقته ولائم الاعتصام واستفحال المغازلات والايحاءات الغريزية المكبوتة بعمادة المحامين لأن وراءها تجارة مزدهرة من حوالات وجرايات وتبرعات وهدايا وعطايا وتسابق نحو الظفر بتذاكر سفر واقامات مجانية خارج الحدود وتظاهرات تضامنية للاستجداء والتسول وصحافة تكتب وتنشر وأبواق تذيع الوجه المزيف الظاهر من مأساة محامي مع القلم كان يمكن لملمة غسيلها بين أبناء البلد لاختصار طريق المعاناة بعيدا عن الجشع المادي والإعلامي لاستثمار مأساة عائلة سجين لم يكن في مستوى التحدي بل تحول في الخفاء إلى رمز في الابتذال والتذيل الذي يمهد الطريق نحو العمالة.
لقد تجاهلت مطلب العفو الذي دفعت فيه محاميك الأستاذ يوسف الرزقي حتى تتظاهر ببراءتك من الموضوع وحتى لا يقع احراجك بالإثبات لتحرير رسالة شكر وعرفان بالجميل بخط يدك.
كن على يقين يا محمد عبو إن أنكرت مطلب العفو عنك واختفيت بكل جبن وراء المحامي يوسف الرزقي فإن سيادة الرئيس زين العابدين بن علي لا ينتظر منك رسالة شكر وعرفان بجميله مثلما تقتضيه أصول اللياقة واللباقة والأخلاق الرفيعة لأنه على علم ودراية بتكوين طينتك المبتذلة والمتذيلة وهو يعرف جيدا من أنت ومن يقف وراءك لذلك فلا فائدة من مواصلة التهور والتنكر لكل من ساهم في انتشالك من خانة النكرة إلى زاوية المبتذل والمتذيل لأصناف ما انفكت تسعى لتلجيم الحق والصدق والنزاهة منذ أن ادعت أنها نخبة.
ولله في خلقه شؤون
وبدون تعليق
لأترك لك وإلى غيرك حق الرد بدون قناع وبدون اسم مستعار إن توفرت بقايا الشهامة والشجاعة والجرأة لإعلاء صوت الحقيقة في هذا الموضوع.
الدكتور الصحبي العمري
35 نهج الحدائق حي بوشوشة .باردوتونس
الهاتف 51 27 22 23 216 00


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.